عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 07-06-2002, 01:39 PM
samar samar غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2002
المشاركات: 16
Post الهروب الى القدر(الفصل الثالث والأخير)

الفصل الثالث و الأخير :-
ضاق الحال بخالد ، و لم يعد يحتمل أكثر من ذلك … واغتنم فرصة وجود ابنة عمه المتزوجة من أحد أفراد عائلة الشيخ مكرم ، وكلمها عن ما يجول في قلبه ،ورجا منها مساعدته في الإفصاح لناهد عن حقيقة مشاعره تجاهها ، وعن حبه لها.
أحست ابنة عمه من نبرات خالد الحزينة ومن بريق عينيه ، بحبه العميق لناهد ، وعلى الفور قررت مساعدته . فاغتنمت أول فرصة تقابل بها ناهد ، فنسجت لها بساطا من حديث لتستطيع من خلاله الوصول إلى مبتغاها ،وسألتها على سبيل المداعبة :تتنافس فرسان القبيلة للوصول إلى قلب أميرة الزمان جميلة الجميلات ، التي عندما حاولت اختيار فارس أحلامها ، اختارت ابن أبيها وأمها!!.
فردت عليها ناهد قائلة: نعم لقد مال قلي إلى أحمد ، وأحببته من كل قلبي ، الذي لم يستطع تفسير ذلك الانجذاب له إلا عندما علم أنه كان حب أخت لأخيها ، وما أجمله من شعور!.
فالتفتت إليها ممازحة: لا شك أن الحب الأخوي جميل ، ولكن، قلب كل فتاة يتمنى نوعا آخر من الحب .
فضحكت ناهد ضحكة توحي بفهمها لقصد صديقتها ولكنها حاولت التجاهل قائلة : ماذا تقصدين ، يا حكيمة القلوب؟
ومن هنا استطاعت صديقتها أن تعرج على موضوع ابن عمها خالد ، ومن خلال كلمات ناهد استطاعت إدراك أن ما أصاب قلب خالد من نظرته لها أصاب قلبها هي الأخرى.
ما أن حصلت صديقتها على ما تريد ، حتى طارت بالخبر إلى خالد وقالت له بمكر : أظن أن سهام نظرات خالد قد أصابت هدفها.
برقت عينا خالد من الفرحة ، وطلب منها أن تروي له ما جرى بينها وبين ناهد.
وفي نهاية حديثه مع ابنة عمه ، حزم أمره وقرر الذهاب إلى الشيخ مكرم لطلب يد ناهد منه.
و فور وصوله إلى خيمة الشيخ ، اقترب منه أخبره بمراده ، فما كان للشيخ إلا أن يقول لخالد: لقد كنت يا ولدي سابقاً أملك أمر جميلة ، و لكن مهمتي انتهت بمجرد أن وصل أخوها إلى هنا ، فاذهب إلى أحمد و اطلب يدها منه ، فهو مالك أمرها الآن ..
شعر خالد في نبرات الشيخ نوعاً من الشدة و عدم التراجع ، فلم يجد من مفر إلا أن يذهب إلى أحمد و يطلب يدها كما أخبره الشيخ ، فاستأذن من الشيخ و ذهب قاصداً المكان الذي اعتاد أحمد أن يجلس به ، فاقترب من أحمد ، حتى جلس إلى جانبه .
فقال له أحمد : أهلاً يا خالد ماذا تريد ؟
تنحنح خالد قليلاً و قال : أنت تعلم يا أحمد أنني صديقك الحميم ، و لا أستطيع أن أخذلك، أو أخيب ظنك بي ..
فقال له أحمد : تكلم يا خالد .. فقد كنت دوماً خير الأخ و الصديق ،هيا تكلم يا رجل ، ماذا تود أن تقول لي ؟
فقال خالد : بصراحة أنا متردد فيما سأقول ؛ خوفاً من أن تعتبرني قد خنت صداقتنا أو…………
قال أحمد : إن لم تقل ما تريد فارحل .
فقال خالد : لا . سأقول إن…… إني أود طلب يد أختك ..
و قبل أن يتم خالد كلامه صرخ أحمد في وجهه : كيف تتجرأ أن تطلب مني هذا ؟ و أنت تعلم الجرح الكبير المحفور في قلبي ؟؟!
فرد خالد : هذه مشيئة الله عز و جل ، و قد قدر لك هذا ..
فقال أحمد : تقصد أن القدر جعلني تعيساً حتى يمنح السعادة لك ؟ ملعون أبو القدر .. ملعونة الصداقة الكاذبة التي كانت تجمعنا .. هيا اظهر على حقيقتك أيها المخادع ، فقد تعود على مثل هذه الصدمات ، وصرخ في وجهه وقال له: اغرب عن وجهي أيها الخائن .. ولا أريد أن أراك ثانية وإلا حطمت وجهك .
فصعق خالد من رد أحمد العنيف و قال له : أحمد .. أحمد .. ماذا تقول ؟ ماذا حدث لك؟؟!
فقال له أحمد : هيا ارحل الآن و إلا قتلتك ..
و بسرعة اختفى خالد من أمامه مذعوراً ، و راح أحمد يسير و يقول : ملعون أبو القدر ، ماذا يعني أن تكون جميلة أختي ؟ فأنا سأتحدى القدر و ستكون لي لا لغيري ، سأقتلك أيها القدر اللعين ، سأقتلك يا خالد .. و سأقتل كل من يقف عقبة في سبيل حبي ..
هكذا سار أحمد يطوي الصحراء يتوعد بالقتل لكل من يقف في سبيل سعادته الواهمة..
نحن نعرف أن الحب شيء جميل و رائع ، و لكن من الخطورة أن يدمن المحب عليه و بدل أن يضحي في سبيل سعادة حبيبه يصبح أنانياً لا يهتم إلا بنفسه فقط و لا تهمه مرضاة حبيبه،و بذلك سيتحول ذلك الحب من نعمة وهبها الله لنا ، إلى نقمة ستحطم كل من حولها..
امتطى أحمد جواده ، و صار يضربه بعنف حتى يجد في المسير ، و هنا أرادت الرحمة الإلهية أن تدرك هذا العبد المجروح ، فتعثرت قدم الحصان بحجر ، فسقط أحمد عن ظهر جواده ، فشجت صخرةً رأسه ، حتى أصابته بجرح في رأسه و غاب عن وعيه ..
قام أحمد فوجد الناس ملتفين حوله فأبعدهم عنه و صرخ في وجوههم ، و من ثم أخرج بندقيته من جعبتها ، و قال : حتماً سأقضي على القدر .. فأين سيهرب مني ؟!
و عند وصول خالد خُيل لأحمد بأنه القدر ، فصوب بندقيته تجاهه ، و أطلق الرصاص عليه، إلى أن اعتقد أن القدر مات ..
فشعر أحمد بأنه أشفى غليله منه ، لكن القدر قام مرة أخرى ، و الرصاصات قد أحدثت فجوات في جسده ، فارتعب أحمد لذلك المنظر المخيف ، و أصبح يجري بسرعة ، و يحاول الهروب من القدر ، إلا أنه كلما ذهب إلى مكان و اعتقد أنه قد تخلص من القدر ، وجده إلى جانبه ، و إذا نام رآه نائماً إلى جواه .. هكذا أصبحت حياة أحمد مليئة بالهواجس و المخاوف، و لا يستطيع أن يرتاح للحظة واحدة،فربما كان أحمد يظن سابقاً أنه سيستطيع الهروب من القدر ، ولكن ما من مفر ، فهمها هرب ومهما ابتعد فلن يهرب منه ، بل سيهرب إليه!!.
ورغم ذلك قرر أن يرحل إلى أبعد بلاد ، و عندما وصل وجد القدر في استقباله هناك ، و هذه المرة كان شكله أفظع ما يكون ، فمرة كان يظهر له على شكل وحش و مرة على شكل ثعبان مخيف ، و لكن هذه المرة لم يكتف القدر بذلك ، بل حدثه و الشرر يتطاير من عينيه ، حيث قال له :
أين تحسب نفسك ستهرب مني ؟ فأنا ألازمك و ألازم جميع الخلق كظلهم .. و لكنك غيرهم جميعاً ،فأنت قد تمردت على القدر و على مشيئة الخالق ، فيجب أن تنال عقابك ..
قيد القدر أحمداً ، و أخذه إلى المحكمة ، فرأى أحمد أن القضاة هم مجموعة من الحيوانات المفترسة ، و كلهم كانوا يقولون : هيا اقتلوه ، هذا شيطان ، هيا ماذا تنتظرون ؟
فحملوه و صلبوه على جذع شجرة ، و أحضر كل منهم سكينه أو بلطة أو أي شيء حاد استطاع الحصول عليه، و اقتربوا منه ، و هو يستغيث و يصرخ : أرجوكم اتركوني .. لا تمرد على رحمة الخالق ثانية .. لا تمرد على القدر .. سأعترف للقبيلة بمقتل خالد ، و أخذ أحمد يستغيث و لا أحد يستمع إليه ..
و فجأة استيقظ أحمد ، و وجد الكل حوله .. أمه و خالد و ناهد .. والجميع ..
و عندما رأى أحمد خالد قال له : أرجوك ابتعد عني لا تقتلني ..
فتعجب خالد و قال له بالتأكيد قد كنت تحلم ، فعلى مدى ثلاثة أيام و أنت تمتم بكلمات غير مفهومة ، فإلى أين رحلت يا رجل ؟
فقال أحمد : سامحني يا خالد فقد أخطأت بحقك ، سامحوني جميعاً ، و التفت أحمد إلى خالد و قال له : مبروك عليك ناهد يا خالد ، ألف مبروك ..
فلم يكد خالد يسمع ذلك حتى صار يقفز و يصيح : الحمد لله .. الحمد لله ..
و فعلاً أقيم حفل الزفاف ، و باركهما الجميع على زفافهما ، و من بينهم أحمد الذي لن ينس يوماً الدرس الذي تعلمه من القدر ، و أخذ يردد في نفسه : مهما فعلت فلا هروب من القدر ، و لا هروب من مشيئة الخالق جل و علا ..
فكم أنت عنيد أيها الإنسان ….ولكن اعلم أن مهما اشتد عنادك ،وتحديت القدر ، فلا تظن ، أنك ستهرب منه ، أو تحاول تغيير شيء منه ، بل كن واثقاً أنك لن تتعد حدود قدرك المكتوب لك ، ولن تهرب إلا إليه، إليه وحده فقط !!!!!!.
تمت بحمد الله

لا تبخلووا علي بردودكم.
__________________
Samar
الرد مع إقتباس