السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحلقة الرابعة :-
وإذا كنا نؤمن أن الموت حق وهو لا يفرق بين المذنب والبريء ولا المؤمن والكافر , لماذا إذن حينما يحدث زلزال يحصد الآلاف من الأبرياء والمذنبين لا نثير قضية المذنب والبريء ولا نتهم جهة معينة ونوكل ذلك لله تعالى مجده , ونثير هذا الامر في أحداث أيلول ؟؟ هل هو تأثير الأعلام الموجه الذي يتلاعب بعقول ومشاعر الناس ؟؟ أم أن هناك سبب موضوعي في الامر .؟؟
لا شك انه ليس الأعلام الموجه هو السبب في التعاطف مع الضحايا , بل للفطرة الإنسانية السليمة التي تتعاطف مع الضحية وترفض الظلم دور كبير في ذلك, و لكن أحيانا يتم توجيه الفطرة السليمة نحو اتجاه غير بريء وتساق لخدمة أغراض دنيئة , وكل ذلك يحدث بسبب الغفلة والانقياد غير الواعي لتأثير الأعلام الموجه0
وإذا كان البعض ينسب الشر إلى الجهة المنفذة لأنه سلب أرواح بريئة , فماذا يقول بشأن الموت الطبيعي والكوارث الطبيعية أليس ذلك سلب لحياة أبرياء؟؟ وهل عزرائيل الذي قبض أرواح الأنبياء بما فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قاتل شرير؟؟, وهل الخضر عليه السلام المشار إليه في سورة الكهف الذي قتل الغلام الصغير بأمر من الله قاتل شرير , ؟؟
كلا انها في كل الأحوال أسباب في حصول أمر الله الذي لا مفر منه وهو الموت , وكما قلنا الموت لا يفرّق بين مذنب وبريء ولا كافر ومؤمن فالأنبياء ماتوا كما مات الطغاة المستكبرين , فأحداث 11أيلول واحدة من ملايين الحوادث التي حدثت وتحدث على كوكب الأرض, وليس فيها شيء جديد إلا الصدمة التي أذهلت العالم , فكانت بداية لمرحلة جديدة في تطهير الأرض وإعدادها لمرحلة العدالة الشاملة وقد أشرنا إلى البراهين التي تؤكد ذلك0
دور الإعلام في صياغة العقل البشري
الكثير من أهل الأرض-إن لم نقل اغلبهم- لا يعيشون في عالم الطبيعة الحر, بل في أقفاص المدنية الحديثة ويطلون على الواقع من خلال نوافذ الإعلام التي ترسم لهم الصورة وتضبط لهم إيقاع الصوت في مائدة الوجبات اليومية المستهلكة , فوسائل الإعلام لا تتحدث عن الواقع بل هي نتاج إرادة بشرية ذات رغبات -قد تكون شريرة- تطمح إلى تحقيقها, أما الأمانة والموضوعية والدقة والواقعية فهي مصطلحات بالغة النسبية نجدها في الغالب تُساق للخدمة الإجبارية في جبهة تحقيق الرغبات الطامحة , هكذا يجري تدجين الإنسان المحاصر إعلامياً في قفص المدنية الحديثة المستندة على النظريات الوضعية ليكون بالصورة التي وصفها القرآن الكريم حيث قال :0
0(.. لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون) الأعراف 179
وقد يظن البعض من المسلمين أن هذه الآية تخص الكافرين ولا تشمل المسلمين لأنهم غير غافلين عن ذكر الله. وهذا الظن بعيد عن الصواب بل الآية تشمل جميع الغافلين سواء كانوا كافرين أو مسلمين , لاحظ انه قال (أولئك هم الغافلون ) ولم يقل (أولئك هم الكافرون) فالبعض من المسلمين كغيرهم غير متحررين من سلطة الإعلام وعقولهم أسيرة هواه ورغباته , ولا يطلون على الواقع إلا من خلال نافذة الإعلام , أي يسمعون ويرون الواقع بعيون وآذان الآخرين وبالتالي يتبنون الأحكام الجاهزة التي ترسمها تلك الأدوات السمعية والبصرية , ومظاهر ذلك كان وما زال واضحاً جداً في النظرة الخاطئة لتفسير أحداث 11 أيلول التي وقعت في أمريكا , حيث ظنوا أن هذه الأحداث كانت من تدبير وتنفيذ البشر وليس من أمر الله جل شأنه , وقبل الإشارة إلى حيثيات هذا الخطأ الذي يشير إلى غفلة أكيدة ينبغي المرور بهذه المقدمة البسيطة0
كما هو بيّن إن عقل الإنسان عبارة علم وإرادة قابلان للنمو والتكامل إلى ما لانهاية, حيث يولد الإنسان خالي من أي علم وإرادة إلا تلك الغريزة الاولى ( غريزة البحث عن الغذاء) وليس له من الإرادة إلا الصراخ للتعبير عن حاجاته ورغباته , وشيئاً فشيئاً خلال مراحل العمر ينمو عقله (العلم والإرادة ) مع نمو جسده, وهذا النمو العقلي إنما تراكم معلومات يحصل عليها من الخارج عن طريق الحواس الخمس , فالسمع والبصر والشم واللمس والذوق ما هي إلا نوافذ يطل من خلالها عقل الإنسان على الواقع الخارجي وبدونها لا يستطيع الإنسان تكوين علومه ومعارفه ورؤيته لمفردات الحياة التي تحيطه 0
وبعبارة مختصرة نقول: إن عقل الإنسان عبارة عن معلومات منقولة من الخارج إلى الداخل بواسطة الحواس , وهذه المعلومات تتلوّن وتتشكل على حسب لون ونوع مرآة الحواس الناقلة للمعلومات وقد تكون مستوية أو محدّبة أو مقعّرة أو مخربشة0
مثال : ضوء الشمس في الظاهر ابيض وساطع وهذه حقيقة مؤكدة , والنافذة التي يطل بها العقل على هذه الحقيقة الواقعية هي العيون , و لو فرضنا وجود عدة أشخاص يرتدي كل منهم نظّارة عدساتها ذات لون مختلف عن الآخر , فانه بلا شك سوف يرى كل واحد منهم ضوء الشمس على حسب لون و سُمك زجاج النظارة التي على عينيه 0
هكذا يرى البعض من الناس الحقائق الواقعية , انهم يرونها من خلال لون عدسات وسائل الإعلام , وبما انها من صنع بشري يطمح لتحقيق رغبات , فإنها بلا شك ملوّنه بألوان تلك الرغبات , ولما كانت الرغبات غير الموضوعية هوى, والهوى يعني غياب العقل بمقدار يتناسب مع نوع ولون الرغبات , فإن البعض لا يرى الواقع على حقيقته وبعقله المتحرر , بل يراه بعيون صنّاع الإعلام و يفكر بعقولهم الموجهة, والمحصلة ان الأحكام على الظواهر والأشياء كثيراً ما تكون تحقيقاً لتك الرغبات التي صنعت لنا المعلومات , وعلى حسب مقاساتها -التي انطبعت في عقولنا وصارت عضواً نشطاً في هيئة إصدار الإحكام- تكون ردود أفعالنا. ولنا في التصريحات وردود الأفعال الصادرة في أمتنا ومن غيرنا بشأن أحداث أمريكا في 11 أيلول خير دليل على ذلك , حيث سارع الكثير من الزعماء السياسيين والإعلاميين ورجال الدين والشخصيات الاجتماعية وغيرهم بشجب ولعن الجهة المنفذة وهم لا يعلمون من هم , لا شك أن تصريحات وأحكام بلا دليل تنم إما عن فقر عقلي وجهل تام أو نسبي بالواقع , أو انحياز عن سابق تصوّر وتصميم 0
ردود الأفعال
بعيداً عن ردود الأفعال والتصريحات الرسمية والشعبية في العالم الغربي المنقاد أكثره إلى الإمبريالية والصهيونية, نتناول الآن نظرة عالما العربي والإسلامي إلى أحداث أمريكا في 11أيلول, و كما هو بين ان الكثير - إن لم نقل الغالبية- من العرب والمسلمين بينهم أعلام بارزين في الميادين الدينية والعلمية والثقافية والاجتماعية , قد اعتبروا ان أحداث 11 أيلول ( سبتمبر) كانت عملاً انتقامياً (إرهابياً -وحشياً) قامت به فئة من الناس لم تعرف هويتهم بعد , الكثير منهم شجب الحادث والجهة المنفذة , والبعض قال أنه رد فعل انتقامي على سياسة أمريكا المتغطرسة, ولم نطلّع إلى الآن على أي تصريح ينسب تلك الأحداث إلى الله جل شأنه أو إلى القائم بأمره ( المهدي) عليه الصلاة والسلام . فالبعض منهم وإن كانوا متدينين وأعلام بارزين لا يرى الله إلا في الكتب والأدعية والخطب المعدة للمناسبات اليومية والأسبوعية وغيرها , أما في الواقع فهو من حيث لا يشعر يرى الشيطان وأجهزته هي العلة الفاعلة والصانعة للأحداث في الأرض وكأن الله جل شأنه مجرد فرضية لا شأن له بما يجري في الواقع من أحداث وقد ترك الناس لشأنهم حتى يوم الحساب0
وقد يظن البعض ان موت بضعة آلاف من الناس ( الأبرياء) يعد دليلاً أكيداً على أن ذلك الحادث عملاً إرهابيا وحشياً على اعتبار انه قتل بلا جرم , هذا كلا حق لا شك فيه إن كان الجاني معروفاً بالجريمة والمجني عليه بريء , أما في الحوادث التي لا يُعلم فاعلها فإنها في العادة تنسب إلى الله جل شأنه( قضاء وقدر) وخصوصاً الحوادث الكبرى كالزلازل والفيضانات وسقوط الطائرات وغيرها, وحتى في عرف المحاكم المدنية كثيراً ما تقيّد حوادث الموت تحت عنوان القضاء القدر , في حال عدم معرفة الفاعل أو السبب0
يتــــــــــبع
------------------------------------------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
الإمام المهدي المزعوم ماهو إلا شر محض لا حاجة للأمة به (وثيقة)
http://www.albrhan.com/arabic/wthaeq/qyba/index.html