السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحلقة الخامسة:-
والجميع يعلم انه لا يكاد يمر يوم على الأرض إلا وهناك حوادث تقضي على حياة الآلاف من الناس -قد يكون من بينهم مؤمنين- بلا جرم يذكر, كحوادث اصطدام السيارات والقطارات وغرق السفن وانهيار المباني والحرائق الناجمة عن الوقود المنقول وسقوط الطائرات والزلازل والفيضانات ..الخ, ونستقبل هذه الحوادث على أنها من نوع (قضاء وقدر) أي من أمر الله , ولا أحد يجرؤ على القول انها أعمالاً إرهابية وحشية, فتصريح كهذا يثير السخرية لأنه ينم عن غفلة وجهل تام بالواقع, فما بال هؤلاء الذي سارعوا بالحكم على أن اصطدام الطائرات في مباني أمريكية كان عملاً بشرياً إرهابياً و ليس من صنع الله تعالى مجده.؟؟
والسؤال الذي ينبغي أن يجيب عليه أولئك الذين ينسبون أحداث أمريكا إلى جهة بشرية هو : هل علمتم من هم المنفذون ؟؟ هل كان هناك استخدام متفجرات, ولو غرام واحد على الأقل سوّغ لكم هذا الحكم ؟؟ هل لديكم دليل عقلي أو نقلي يبرر تصريحاتكم ؟؟ أم اتبعتم الهوى وما ينعق به الإعلام الصهيوني -الامبريالي الذي انطلقت منه أخبار الحوادث ( أمريكا) وتأثيراته على العقل باتخاذ القرارات على حسب الرؤية التي صورت لكم الحوادث؟؟
وإذا كان اصطدام طائرة مدنية يكفي أن يظلل العقل ويجعله يظن انه كان عملاً بشرياً انتقاميا لمجرد انه تسبب في انهيار مباني, فماذا نقول بشأن انهيار البرج الثالث المسمى بـ المبنى رقم 7 في أمريكا المكوّن من47 طابقاً دونما طائرة ولا متفجرات ولم يقذفه أحد حتى بحجر؟؟ أليس هذا دليل قاطع على أن أحداث أمريكا كانت بقضاء وقدر الله والغاية منها تبليغ رسالة إلى الناس أجمعين من أهم مواقع العالم إثارة واشدها قوة ؟؟
أين العقل يا أولى الألباب .؟؟ ما فائدة علم المنطق والأصول والفقه والفلسفة والسياسة والاجتماع والفيزياء والكيمياء والرياضيات ...الخ , بل ما فائدة العقل ومحتواه بالإجمال إن كنا نخطئ في تشخيص ظاهرة واقعية واضحة كوضوح الشمس؟؟ وهل من العدالة , بل هل من العقل والفطنة أن نحكم على الفاعل المجهول بلا دليل ودون أن نسمع حجته,, أو على الأقل أن نعرفه من هو؟؟
هل مررتم بقصة ابتلاء النبي داود عليه السلام مع الخصمان اللذان تسورا المحراب في سورة ص. وعتاب الله عليه لأنه تسرّع بإصدار الحكم دون أن يسمع حجة المدعي عليه.؟؟
هل مررتم بقوله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصروالفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً)الإسراء 36
ما يحز بالنفس ويدمي الفؤاد فعلاً هو: ان البعض - إن لم نقل الأكثرية-ممن يؤمنون بالإمام صاحب الزمان ( المهدي)عليه الصلاة والسلام, يعتبروه مجرد نظريةموجودة في الكتب والأحاديث فحسب, ولا شأن له بالواقع وما يجري في الأرض, ولا يذكروه إلا فيما ندر من المناسبات , بل البعض على الرغم من أن العقيدة قائمة على الإيمان بالغيب لا يؤمن بالأمور الغيبية مطلقاً ويكذب كل خبر متعلّق بالغيب أو بصاحب الأمر عليه الصلاة والسلام في زمان الغيبة الكبرى , كأن غيبته عن أنظار الناس غيبة مطلقة عن الوجود0
ما نريد قوله ببساطة هنا هو إننا في آخر الزمان وفي بداية مرحلة ظهور صاحب الامر عليه الصلاة والسلام دون أن ندري ,بل الكثير منا غافلون ومتقاعسون عن واجباتهم الملزمة في هذه المرحلة دون أن يشعرون , وأن احداث 11 أيلول ( سبتمبر) في أمريكا وما تبعها من أحداث في العالم مثل جرائم الصهاينة بحق اخواننا في فلسطين المحتلة, ما هي إلا إشارات صريحة على أن مرحلة تطهير الأرض قد بدأت فعلاً 0
ونكرر القول ان أحداث 11 أيلول التي مرغت انف الاستكبار العالمي ( أمريكا) بالتراب وحطمت كبرياءه في عقر داره وفي أهم مواقعه قوة وشراسة, كانت من أمر الله القادر المقتدر , أما الجهة المنفّذة فهو الإمام القائم ( المهدي) عليه الصلاة والسلام , ومعه الخضر عليه السلام وكان ذلك بواسطة الغيب والملائكة. فالمهدي عليه الصلاة والسلام هو القائم بأمر الله في هذه الأرض ويحيط بالإحاطة العلمية القيمومية بكل شؤونها ( الغيب والطبيعة والملائكة ) وقد أقام حد الله على الكثير من المسلمين المرتدين عن دينهم الذين يعملون في الخفاء مع الكافرين الظالمين ( والله على ما نقول شهيد) وما هذه الحوادث إلا رسالة واقعية للناس أجمعين وإعلان عن بدء تطهير الأرض واعدادها لمرحلة العدالة الشاملة , وسوف تستمر الحوادث والكوارث والحروب الكبيرة والصغيرة (الفتن) في جميع أنحاء العالم حتى نهاية المطاف وزلزلة الساعة وشاهد هذا من القرآن قوله تعالى :0
0(.. ولا يزال الذين كفروا تصيبهم قارعة بما صنعوا أو تحل قريباً من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد) الرعد 31
0(قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعأً ويذيق بعضكم بأس بعض أنظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون) الأنعام 65
نذكّر هنا بالروايات الكثيرة المتواترة التي تقول أن في أحداث آخر الزمان سوف يقتل فيها ثلث الناس ويموت ثلث ويبقى ثلث عند زلزلة الساعة, فنظرة متأملة فيما يجري في العالم اليوم من كوارث طبيعية وحروب واشتباكات كبيرة وصغيرة وفتن وعصبيات أيدلوجية مرشحة للانفجار في أي لحظة تؤكد بوضوح ان مرحلة نهاية الحياة الدنيا قد بدأت فعلاً , وأن حركة الأحداث الجارية في الأرض تسير نحو المزيد من الظلم حتى يتحقق مصداق الحديث الشريف بامتلاء الأرض ظلماً وجوراً وعندئذ يظهر صاحب الأمر (المهدي) عليه الصلاة والسلام فيملأها قسطاً وعدلاً بتطبيق العدالة الشاملة على الأرض0
مطلوب رؤية إيمانية
بعد أن استعرضنا البراهين الكثيرة التي تؤكد أن أحداث أمريكا كانت من أمر الله وليس من صنع جهة بشرية عادية , وأشرنا إلى ردود الأفعال المتسرعة الصادرة من بعضنا بشأنها , نتناول الآن الأسباب التي جعلتنا نطلق تلك التصريحات والأحكام المتسرعة بشأن أحداث أمريكا وتبعاتها , ومن بعد ذلك نشير إلى ضرورة رؤية الواقع من زاوية إيمانية وعلى حسب قوانين الله الحاكمة للكون 0
نقول إن سوء الفهم والأحكام الخاطئة لا تعني بالضرورة سوء النية ولا يشترط أن تكون دوافعها شريرة , بل قد يكون العكس هو الصحيح , فحب العدالة فطرة مركوزة في عمق أعماق النفس الإنسانية , وهي من أقوى الدوافع على الإطلاق التي تجعلنا نتعاطف مع ضحايا الكوارث أياً كانت وندين بشدة الجهة المتسببة بتلك الكوارث. فمن المؤكد اننا نحب الخير والسلامة لأنفسنا ولا نقبل أن يعتدي علينا أحد من الأشرار ويسلبنا حق الحياة أو يتسبب في إيذاءنا أياً كانت دوافعه ومبرراته, وبحكم سلامة الفطرة نحب هذا الخير وتلك السلامة للآخرين أيضاً فلا نتعاطف مع الاعتداءات التي تصيبهم ونغضب لأجل ذلك0
ولكن لأننا لا نعلم الغيب ونجهل كيف يسيّر الله عناصر الكون كثيراً ما تكون رؤيتنا للواقع غير مطابقة لحكمة الله , وكثيراً وما تكون أفعالنا وردود أفعالنا بعيدة عن الصواب الواجب تحققه , ولنا في قصة النبي موسى مع الخضر عليهما السلام خير شاهد على هذا0
ء( فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما* قال له موسى هل اتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا * قال إنك لن تستطيع معي صبرا * وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً* قال ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً *قال فأن تبعتني فلا تسألني عن شيء حتى احدث لك منه ذكرى* فأنطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها, قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً أمرا* قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا* قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا* فأنطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله قال أقتلت نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نكرا * قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا* قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا* فأنطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجراً * قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تسطع عليه صبراً* أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً* وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً* فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاة وأقرب رحماً* وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنز لهما رحمة من ربك وما فعلته من أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا ) سورة الكهف, الآية 65-82
تأمل في هذه الآيات ترى أن كثيراً من ردود أفعالك فيما يحصل في الواقع سواء كانت أحداث أمريكا
وتبعاتها أو غيرها مشابهة لردود أفعال موسى عليه السلام عندما رأى الخضر عليه السلام يثقب سفينة المساكين ويقتل غلام صغير بريء دونما سبب واضح له , ورآه يبني جداراً في قرية رفضَ أهلها أن يضيفوهما , وفي هذا الشأن نرى أن هناك سببين من وراء اعتراض موسى لما فعل الخضر وهما:0
ء(1) جهل موسى بعالم الغيب والكيفية التي يدير بها الله عناصر النشأة , فهو عليه السلام لا يرى المستقبل ولا الخير الكامن في تلك الأفعال التي بدت له في الظاهر انها شريرة وبعيدة عن الحكمة والصواب , فلو كان موسى يعلم الغيب ما اعترض على أفعال الخضر بل ما طلب منه ان يعلمه ذلك العلم من الأصل0
يتــــــــــــــــــــــبع
------------------------------------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
ولادة الائمة ليست كولادة البشر !!!!!
http://www.albrhan.com/arabic/wthaeq...ool/index.html