عرض مشاركة مفردة
  #49  
قديم 02-07-2002, 04:02 PM
اليمامة اليمامة غير متصل
ياسمينة سندباد
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
الإقامة: السعودية
المشاركات: 6,889
إفتراضي

في صحيح مسلم ( باب الجهاد والسير )

‏حدثني ‏ ‏محمد بن رافع ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏حجين ‏ ‏حدثنا ‏ ‏ليث ‏ ‏عن ‏ ‏عقيل ‏ ‏عن ‏ ‏ابن شهاب ‏ ‏عن ‏ ‏عروة بن الزبير ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة ‏ ‏أنها أخبرته ‏ ‏أن ‏ ‏فاطمة بنت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أرسلت إلى ‏ ‏أبي بكر الصديق ‏ ‏تسأله ميراثها من رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏مما ‏ ‏أفاء ‏ ‏الله عليه ‏ ‏بالمدينة ‏ ‏وفدك ‏ ‏وما بقي من ‏ ‏خمس ‏ ‏خيبر ‏
‏فقال ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏إن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل ‏ ‏محمد ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏في هذا المال وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فأبى ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏أن يدفع إلى ‏ ‏فاطمة ‏ ‏شيئا ‏ ‏فوجدت ‏ ‏فاطمة ‏ ‏على ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏في ذلك قال فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها ‏ ‏علي بن أبي طالب ‏ ‏ليلا ولم ‏ ‏يؤذن ‏ ‏بها ‏ ‏أبا بكر ‏ ‏وصلى عليها ‏ ‏علي ‏ ‏وكان ‏ ‏لعلي ‏ ‏من الناس وجهة حياة ‏ ‏فاطمة ‏ ‏فلما توفيت استنكر ‏ ‏علي ‏ ‏وجوه الناس فالتمس مصالحة ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏ومبايعته ولم يكن بايع تلك الأشهر فأرسل إلى ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد كراهية محضر ‏ ‏عمر بن الخطاب ‏ ‏فقال ‏ ‏عمر ‏ ‏لأبي بكر ‏ ‏والله لا تدخل عليهم وحدك فقال ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏وما عساهم أن يفعلوا بي إني والله لآتينهم فدخل عليهم ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏فتشهد ‏ ‏علي بن أبي طالب ‏ ‏ثم قال إنا قد عرفنا يا ‏ ‏أبا بكر ‏ ‏فضيلتك وما أعطاك الله ولم ‏ ‏ننفس ‏ ‏عليك خيرا ساقه الله إليك ولكنك ‏ ‏استبددت ‏ ‏علينا بالأمر وكنا نحن نرى لنا حقا لقرابتنا من رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فلم يزل يكلم ‏ ‏أبا بكر ‏ ‏حتى ‏ ‏فاضت ‏ ‏عينا ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏فلما تكلم ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏قال والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أحب إلي أن أصل من قرابتي وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فإني لم آل فيها عن الحق ولم أترك أمرا رأيت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يصنعه فيها إلا صنعته فقال ‏ ‏علي ‏ ‏لأبي بكر ‏ ‏موعدك العشية للبيعة فلما صلى ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏صلاة الظهر رقي على المنبر فتشهد وذكر شأن ‏ ‏علي ‏ ‏وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر إليه ثم استغفر وتشهد ‏ ‏علي بن أبي طالب ‏ ‏فعظم حق ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏وأنه لم يحمله على الذي صنع ‏ ‏نفاسة ‏ ‏على ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏ولا إنكارا للذي فضله الله به ولكنا كنا نرى لنا في الأمر نصيبا فاستبد علينا به ‏ ‏فوجدنا ‏ ‏في أنفسنا فسر بذلك المسلمون وقالوا أصبت فكان المسلمون إلى ‏ ‏علي ‏ ‏قريبا حين راجع الأمر المعروف ‏
‏حدثنا ‏ ‏إسحق بن إبراهيم ‏ ‏ومحمد بن رافع ‏ ‏وعبد بن حميد ‏ ‏قال ‏ ‏ابن رافع ‏ ‏حدثنا ‏ ‏و قال ‏ ‏الآخران ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏عبد الرزاق ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏معمر ‏ ‏عن ‏ ‏الزهري ‏ ‏عن ‏ ‏عروة ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة ‏ ‏أن ‏ ‏فاطمة ‏ ‏والعباس ‏ ‏أتيا ‏ ‏أبا بكر ‏ ‏يلتمسان ميراثهما من رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك ‏ ‏وسهمه ‏ ‏من ‏ ‏خيبر ‏ ‏فقال لهما ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏إني سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وساق الحديث بمثل معنى حديث ‏ ‏عقيل ‏ ‏عن ‏ ‏الزهري ‏ ‏غير أنه قال ثم قام ‏ ‏علي ‏ ‏فعظم من حق ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏وذكر فضيلته وسابقته ثم مضى إلى ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏فبايعه فأقبل الناس إلى ‏ ‏علي ‏ ‏فقالوا أصبت وأحسنت فكان الناس قريبا إلى ‏ ‏علي ‏ ‏حين قارب الأمر المعروف ‏

صحيح مسلم بشرح النووي

‏قوله : ( فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت , وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر ) ‏
‏أما هجرانها فسبق تأويله , وأما كونها عاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فهو الصحيح المشهورة , وقيل : ثمانية أشهر , وقيل : ثلاثة , وقيل : شهرين , وقيل : سبعين يوما , فعلى الصحيح قالوا : توفيت لثلاث مضين من شهر رمضان سنة إحدى عشرة . ‏

‏قوله : ( إن عليا دفن فاطمة رضي الله عنها ليلا ) ‏
‏فيه : جواز الدفن ليلا , وهو مجمع عليه , لكن النهار أفضل إذا لم يكن عذر ؟ ‏

‏قوله : ( وكان لعلي من الناس وجهة حياة فاطمة رضي الله عنها فلما توفيت استنكر على وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته - رضي الله عنهما - ولم يكن بايع تلك الأشهر ) ‏
‏أما تأخر علي - رضي الله عنه - عن البيعة فقد ذكره علي في هذا الحديث , واعتذر أبو بكر - رضي الله عنه - , ومع هذا فتأخره ليس بقادح في البيعة , ولا فيه . أما البيعة : فقد اتفق العلماء على أنه لا يشترط لصحتها مبايعة كل الناس , ولا كل أهل الحل والعقد , وإنما يشترط مبايعة من تيسر إجماعهم من العلماء والرؤساء ووجوه الناس , وأما عدم القدح فيه فلأنه لا يجب على كل واحد أن يأتي إلى الأمام فيضع يده في يده ويبايعه , وإنما يلزمه إذا عقد أهل الحل والعقد للإمام الانقياد له , وألا يظهر خلافا , ولا يشق العصا , وهكذا كان شأن علي - رضي الله عنه - في تلك المدة التي قبل بيعته , فإنه لم يظهر على أبي بكر خلافا ولا شق العصا , ولكنه تأخر عن الحضور عنده للعذر المذكور في الحديث , ولم يكن انعقاد البيعة وانبرامها متوقفا على حضوره , فلم يجب عليه الحضور لذلك ولا لغيره , فلما لم يجب لم يحضر , وما نقل عنه قدح في البيعة ولا مخالفة , ولكن بقي في نفسه عتب فتأخر حضوره إلى أن زال العتب , وكان سبب العتب أنه مع وجاهته وفضيلته في نفسه في كل شيء , وقربه من النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك , رأى أنه لا يستبد بأمر إلا بمشورته وحضوره , وكان عذر أبي بكر وعمر وسائر الصحابة واضحا ; لأنهم رأوا المبادرة بالبيعة من أعظم مصالح المسلمين , وخافوا من تأخيرها حصول خلاف ونزاع تترتب عليه مفاسد عظيمة , ولهذا أخروا دفن النبي صلى الله عليه وسلم حتى عقدوا البيعة لكونها كانت أهم الأمور ; كيلا يقع نزاع في مدفنه أو كفنه أو غسله أو الصلاة عليه أو غير ذلك , وليس لهم من يفصل الأمور فرأوا تقدم البيعة أهم الأشياء . والله أعلم . ‏

‏قوله : ( فأرسل إلى أبي بكر رضي الله عنه أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد كراهية محضر عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فقال عمر لأبي بكر - رضي الله عنه - : والله لا تدخل عليهم وحدك ) ‏
‏أما كراهتهم لمحضر عمر , فلما علموا من شدته وصدعه بما يظهر له , فخافوا أن ينتصر لأبي بكر - رضي الله عنه - , فيتكلم بكلام يوحش قلوبهم على أبي بكر , وكانت قلوبهم قد طابت عليه وانشرحت له ; فخافوا أن يكون حضور عمر سببا لتغيرها . وأما قول عمر : ( لا تدخل عليهم وحدك ) فمعناه : أنه خاف أن يغلظوا عليه في المعاتبة , ويحملهم على الإكثار من ذلك لين أبي بكر وصبره عن الجواب عن نفسه , وربما رأى من كلامهم ما غير قلبه فيترتب على ذلك مفسدة خاصة أو عامة , وإذا حضر عمر امتنعوا من ذلك , وأما كون عمر حلف ألا يدخل عليهم أبو بكر وحده فحنثه أبو بكر ودخل وحده , ففيه : دليل عن أن إبرار القسم إنما يؤمر به الإنسان إذا أمكن احتماله بلا مشقة , ولا تكون فيه مفسدة , وعلى هذا يحمل الحديث بإبرار القسم . ‏

‏قوله : ( ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك ) ‏
‏هو بفتح الفاء , يقال : نفست عليه بكسر الفاء ( أنفس ) بفتحها ( نفاسة ) وهو قريب من معنى الحسد . ‏

‏قوله : ( وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فإني لم آل فيها عن الحق ) ‏
‏معنى شجر : الاختلاف والمنازعة , وقوله : ( لم آل ) أي : لم أقصر . ‏

‏قوله : ( فقال لأبي بكر موعدك العشية للبيعة , فلما صلى أبو بكر صلاة الظهر رقي على المنبر ) ‏
‏هو بكسر القاف يقال : رقي كعلم يعلم , والعشي بحذف الهاء هو من زوال الشمس , ومنه الحديث : ( صلى إحدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر ) وفي هذا الحديث بيان صحة خلافة أبي بكر وانعقاد الإجماع عليها . ‏
__________________