الإخوة الأفاضل ،،، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وضعت هذه النصيحة لكل مسلم وكل إنسان شريف حر أبي ،، وضعتها لكي ننهل من بحر مواعظ إمام المتقين عليه السلام ،،، لم يكن هدفي الجدل الطائفي ولا تبادل التهم أوالشتائم ،،
وقد كنت متوقعاً أن يشكل علي أحدهم في رأي الإمام علي عليه السلام في المرأة ،، من المنظار العام كونها نصيحة أو وصية ،، لكني لم أتوقع أن يتحول النقاش إلى نهج البلاغة وصحة نسبته إلى الإمام علي عليه السلام،،
فأشكل علينا أخونا شوكت بلا إشكال وقال بأن ( فيه من الأساليب والمصطلحات ما استحدث بعد عهد علي رضي الله عنه )
ولا إشكال هنا لو صح لأن الإمام علي عليه السلام هو سيد البلاغة والفصاحة ،، ومن الطبيعي أن يكون المولد والمنتج لأساليب البلاغة والفصاحة ،، فهو أعظم خطيب عرفه التأريخ بعد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وكلامه كما عرف بين الأدباء فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق ،،، فيلزم أن نجد في كلامه مالانجده في غيره ممن عاصروه ،،، فيقدله الناس من بعده
أما الأخ ابو بشرى فقد أتانا بكلام غريب من شخص لا نعرفه ،،، ينسب الكتاب للسيد المرتضى مع أن (((جامعه))) هو الشريف الرضي ويستشهد بأشخاص عرف عنهم نصبهم لسيد الوصيين ،، والأغرب من كل ذلك قوله: (فيه من التناقض والعبارات الركيكة ما يعلم قطعاً أنه لا يصدر عن أئمة البلاغة واللغة . ) و (أما من قرأه ليطالع بعض ما فيه من الجمل البلاغية فإن حكمه حكم بقية كتب اللغة ، )
وصاحب الكلام شخص إسمه (الشيخ محمد صالح المنجد) ،،، من هو هذا المنجد وما مقدار علمه باللغة العربية ؟؟ لا ندري
ويكفينا أن ننقل ما خطته يد الاستاذ الامام الشيخ محمد عبده رحمه الله في نهج البلاغة حيث قال:
{{{
بسم الله الرحمن الرحيم
حمد لله سياج النعم . والصلاة على النبي وفاء الذمم . واستمطار الرحمة على آله الاولياء ، وأصحابه الاصفياء ، عرفان الجميل وتذكار الدليل: وبعد فقد أوفى لي حكم القدر بالاطلاع على كتاب ( نهج البلاغة ) مصادفة بلا تعمل . أصبته على تغير
حال وتبلبل بال ، وتزاحم أشغال ، وعطلة من أعمال . فحسبته تسلية ، وحيلة للتخلية فتصفحت بعض صفحاته ، وتأملت جملا من عباراته . من مواضع مختلفات ، وموضوعات متفرقات . فكان يخيل إلي في كل مقام أن حروبا شنت وغارات شنت
وأن للبلاغة دولة ، وللفصاحة صولة . وأن للاوهام عرامة وللريب دعارة . وأن جحافل الخطابة ، وكتائب الذرابة ، في عقود النظام وصفوف الانتظام ، تنافح بالصفيح الابلج والقويم الاملج . وتمتلج المهج برواضع الحجج . فتفل من دعارة الوساوس وتصيب مقاتل الخوانس . والباطل منكسر ومرج الشك في خمود وهرج الريب في ركود . وأن مدبر تلك الدولة ، وباسل تلك الصولة ، هو حامل لوائها الغالب ، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .
بل كنت كلما انتقلت من موضع إلى موضع أحس بتغير المشاهد . وتحول المعاهد فتارة كنت أجدني في عالم يغمره من المعاني أرواح عالية . في حلل من العبارات الزاهية تطوف على النفوس الزاكية . وتدنو من القلوب الصافية : توحي إليها رشادها .
وتقوم منها مرادها . وتنفر بها عن مداحض المزال . إلى جواد الفضل والكمال . وطورا كانت تتكشف لي الجمل عن وجوه باسرة ، وأنياب كاشره . وأرواح في أشباح النمور ، ومخالب النسور . قد تحفزت للوثاب ، ثم انقضت للاختلاب فخلبت القلوب عن هواها ، وأخدت الخواطر دون رماها . واغتالت فاسد الاهواء وباطل الآراء .
وأحيانا كنت أشهد أن عقلا نورانيا ، لايشبه خلقا جسدانيا ، فصل عن الموكب الالهي ، واتصل بالروح الانساني . فخلعه عن غاشيات الطبيعة وسما به إلى الملكوت الاعلى . ونما به إلى مشهد النور الاجلي . وسكن به إلى عمار جانب التقديس . بعد
استخلاصه من شوائب التلبيس. وآنات كأني أسمع خطيب الحكمة ينادى بأعلياء الكلمة ، وأولياء أمر الامة ، يعرفهم مواقع الصواب ويبصرهم مواضع الارتياب ويحذرهم مزالق الاضطراب . ويرشدهم إلى دقاق السياسة . ويهديهم طرق الكياسة ،
ويرتفع بهم إلى منصات الرئاسة ويصعدهم شرف التدبير ، ويشرف بهم على حسن المصير ذلك الكتاب الجليل هو جملة ما اختاره السيد الشريف الرضي رحمه الله من كلام سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه . جمع متفرقه وسماه بهذا الاسم ( نهج البلاغة ) ولا أعلم اسما أليق بالدلالة على معناه منه . وليس في وسعي أن أصف هذا الكتاب بأزيد مما دل عليه اسمه ، ولا أن آتي بشئ في بيان مزيته فوق ما أتى به صاحب الاختيار كما سترى في مقدمة الكتاب . ولولا أن غرائز الجبلة ، وقواضي الذمة ، تفرض علينا عرفان الجميل لصاحبه ، وشكر المحسن على إحسانه ، لما احتجنا إلى التنبيه على ما أودع نهج للبلاغة ، من فنون الفصاحة . وما خص به من وجوه البلاغة ، خصوصا وهو لم يترك غرضا من أغراض الكلام إلا إسابة ولم يدع للفكر ممرا إلا جابه.
إلا أن عبارات الكتاب لبعد عهدها منا ، وانقطاع أهل جيلنا عن أصل لساننا قد نجد فيها غرائب ألفاظ في غير وحشية ، وجزالة تركيب في غير تعقيد ، (((( فربما وقف فهم المطالع دون الوصول إلى مفهومات بعض المفردات أو مضمونات بعض
الجمل . وليس ذلك ضعفا في اللفظ أو وهنا في المعنى وإنما هو قصور في ذهن المتناول )))) .
ومن ثم همت بي الرغبة أن أصحب المطالعة بالمراجعة والمشارفة بالمكاشفة ، وأعلق على بعض مفرداته شرحا وبعض جمله تفسيرا وشئ من اشاته تعيينا ، واقفا عند حد الحاجة مما قصدت . موجزا في البيان ما استطعت . معتمدا في ذلك على المشهور
من كتب اللغة والمعروف من صحيح الاخبار . ولم أتعرض لتعديل ما روي عن الامام في مسألة الامامة او تجريحه ، بل تركت للمطالع الحكم فيه بعد الالتفات إلى أصول المذاهب المعلومة فيها ، والاخبار المأثورة الشاهدة عليها ، غير أني لم أتحاش تفسير العبارة ، وتوضيح الاشارة لا أريد في وجهي هذا إلا حفظ ما أذكر ، وذكر ما أحفظ . تصونا من النسيان وتحرزا من الحيدان . ولم أطلب من وجه الكتاب إلا ما تعلق منه بسبك المعاني العالية في العبارات الرفيعة في كل ضرب من ضروب
الكلام . وحسبي هذه الغاية فيما أريد لنفسي ولمن يطلع عليه من أهل اللسان العربي .
وقد عني جماعة من أجلة العلماء بشرح الكتاب وأطال كل منهم في بيان ما انطوى عليه من الاسرار ، وكل يقصد تأييد مذهب وتعضيد مشرب . غير أنه لم يتيسر لي ولا واحد من شروحهم إلا شذرات وجدتها منقولة عنهم في بطون الكتب ، فإن وافقت أحدهم فيما رأى فذلك حكم الاتفاق ، وإن كنت خالفتهم فإلى صواب فيما أظن على أني لا اعد تعليقي هذا شرحا في عداد الشروح ، ولا أذكره كتابا بين الكتب ، وإنما هو طراز لنهج البلاغة وعلم توشى به أطرافه .
وأرجو أن يكون فيما وضعت من وجيز البيان فائدة للشبان من اهل هذا الزمان فقد رأيتهم قياما على طريق الطلب ، يتدافعون لنيل الارب من لسان العرب . يبتغون لانفسهم سلائق عربية وملكات لغوية ، وكل يطلب لسانا خاطبا ، وقلما كاتبا ، لكنهم يتوخون وسائل ما يطلبون في مطالعة المقامات وكتب المراسلات مما كتبه المولدون . او قلدهم فيه المتأخرون . ولم يراعوا في تحريره إلا رقة الكلمات ، وتوافق الجناسات . وانسجام السجعات . وما يشبه ذلك من المحسنات اللفظية والتي وسموها بالفنون البديعة . وان كانت العبارات خلوا من المعاني الجليلة ، او فائدة الاساليب الرفيعة .
على أن هذا النوع من الكلام بعض ما في اللسان العربي وليس كل ما فيه ، بل هذا النوع إذا نفرد يعد من أدنى طبقات القول ، وليس في حلاه المنوطة بأواخر ألفاظه ما يرفعه إلى درجة الوسط . فلو أنهم عدلوا إلى مدارسة ما جاء عن أهل اللسان ، خصوصا أهل الطبقة العليا منهم لاحرزوا من بغيتهم ما امتدت إليه أعناقهم ، واستعدت لقبوله أعراقهم . (((( وليس في أهل هذه اللغة إلا قائل بأن كلام الامام علي بن أبي طالب هو أشرف الكلام وأبلغه بعد كلام الله تعالى وكلام نبيه صلى الله عليه وآله وأغزره مادة وأرفعه أسلوبا وأجمعه لجلائل المعاني )))) .
فأجدر بالطالبين لنفائس اللغة ، والطامعين في التدرج لمراقيها أن يجعلوا هذا الكتاب أهم محفوظهم ، وأفضل مأثورهم ، مع تفهم معانيه في الاغراض التي جاءت لاجلها وتأمل ألفاظه في المعاني التي صيغت للدلالة عليها . ليصيبوا بذلك أفضل غاية وينتهوا إلى خير نهاية ، وأسأل الله نجاح عملي وأعمالهم . وتحقيق أملي وآمالهم . }}}
( يتبع )
|