خلاصة ردود علماء الشيعة .
صدرت عن علماء الشيعة ردود عديدة على تهمة القول بتحريف القرآن , نذكر خلاصة افكارها بما يلي :.
.
1 ــ ان واقع الشيعة في العالم يكذب التهمة ::. فالشيعة ليسوا طائفة قليلة تعيش في قرية نائية او مجتمع مقفل , حتى يخفى قرآنهم الذي يعتقدون بـه ويـقرؤونه بل هم ملايين الناس وعشرات الملايين , يعيشون في اكثر بلاد العالم الاسلامي , وهـذه بـلادهـم وبيوتهم ومساجدهم وحسينياتهم ومدارسهم وحوزاتهم العملية , لا تجد فيها الا نـسـخـة هذا القرآن ولو كانوا لا يعتقدون به ويعتقدون بغيره دونه او معه , فلماذا يقرؤونه في بيوتهم ومراكزهم ومناسباتهم ولا يقرؤون غيره ؟ ولماذا يدرسونه ولا يدرسون غيره ؟ .
2 ــ ومذهب التشيع مبني على التمسك بالقرآن والعترة ::.
قام مذهب التشيع لاهل بيت النبي صلى اللّه عليه وآله على الاعتقاد بان اللّه تعالى امر نبيه صلى اللّه عـليه وآله بان يوصي امته بالتمسك بعده بالقرآن وعترة النبي , لانه اختارهم للامامة وقيادة الامة بعد نبيه صلى اللّه عليه وآله .
وحـديث الثقلين حديث ثابت عند الشيعة والسنة , فقد رواه احمد في مسنده ج 3 ص 17 ( عن ابي سـعـيـد الـخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال اني اوشك ان ادعى فاجيب واني تارك فيكم الـثقلين كتاب اللّه عز وجل وعترتي كتاب اللّه حبل ممدود من السماء الى الارض , وعترتي اهل بـيتي وان اللطيف الخبير اخبرني انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض , فانظروني بم تخلفوني فيهما ؟ وقـد بلغت مصادر هذا الحديث من الكثرة وتعدد الطرق عند الطرفين بحيث ان احد علماء الهند الف في اسانيده وطرقه كتاب (عبقات الانوار) من عدة مجلدات .
وعـندما يقوم مذهب طائفة على التمسك بوصية النبي بالثقلين , الثقل الاكبر القرآن والثقل الاصغر اهل بيت نبيهم فكيف يصح اتهامهم بانهم لايؤمنون باحد ركني مذهبهم ؟ ان مـثـل الـقـرآن والـعترة ــ الذين هم المفسرون للقرآن والمبلغون للسنة ــ في مذهبنا , كمثل الاوكسجين والهيدروجين , فبدون احدهما لا يتحقق وجود مذهب التشيع .
ولـم تـقتصر تاكيدات النبي صلى اللّه عليه وآله على التمسك بعترته على حديث الثقلين , بل كانت مـتـكررة وممتدة طوال حياته الشريفة , وكان اولها مبكرا في مرحلة دعوة عشيرته الاقربين ــ التي يقفز عنها كتاب السيرة في عصرنا ويسمونها مرحلة دار الارقم ــ يوم نزل قوله تعالى وانذر عـشـيـرتـك الاقـربـين فجمع بني عبد المطلب ودعاهم الى الاسلام , واعلن لهم ان عليا وزيره وخليفته من بعده قـال الـسـيـد شـرف الدين في المراجعات ص 187 ( فدعاهم الى دار عمه ابي طالب وهم يومئذ اربـعـون رجلا يزيدون رجلا او ينقصونه , وفيهم اعمامه ابو طالب وحمزة والعباس وابو لهب , والحديث في ذلك من صحاح السنن الماثورة , وفي آخره قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يا بني عـبـدالمطلب اني واللّه ما اعلم شابا في العرب جاء قومه بافضل مما جئتكم به , جئتكم بخير الدنيا والـخـرة , وقـد امـرني اللّه ان ادعوكم اليه , فايكم يؤازرني على امري هذا على ان يكون اخي ووصـيي وخليفتي فيكم ؟ فاحجم القوم عنها غير علي ــ وكان اصغرهم ــ اذ قام فقال : انا يا نبي اللّه اكـون وزيـرك عـلـيه فاخذ رسول اللّه برقبته وقال : ان هذا اخي ووصيي وخليفتي فيكم , فاسمعوا له واطيعوا فقام القوم يضحكون ويقولون لابي طالب : قد امرك ان تسمع لابنك وتطيع انتهى .
وتـواصلت تاكيدات النبي صلى اللّه عليه وآله بعد حديث الدار في مناسبات عديدة , كان منها حديث الثقلين , وكان منها تحديد من هم اهل بيته الذين اذهب اللّه عنهم الرجس ثم كان اوجها ان اخذ البيعة من المسلمين لعلي في حجة الوداع في مكان يدعى غدير خم وقد روت ذلك مصادر الفريقين ايضا , والف احد علماء الشيعة كتاب ( الغدير ) من عدة مجلدات في جمع اسانيده وما يتعلق به .
.
3 ــ والشيعة عندهم قاعدة عرض الاحاديث على القرآن ::. من مباحث اصول الفقه عند الشيعة والسنة : مسالة تعارض الاحاديث مع القرآن , وتعارض الاحاديث فـيـمـا بينها وفي كلتا المسالتين يتشدد الشيعة في ترجيح القرآن اكثر من اخوانهم السنة , فعلماء الـسنة مثلا يجوزون نسخ آيات القرآن بالحديث حتى لو رواه صحابي واحد ولذلك صححوا موقف الخليفة ابي بكر السلبي من فاطمة الزهراء عليها السلام , حيث صادر منها ( فدك ) التي نحلها اياها الـنبي صلى اللّه عليه وآله وكانت بيدها في حياة ابيها , ثم منعها ارثها من ابيها صلى اللّه عليه وآله بـدعوى انه سمع النبي يقول ( نحن معاشر الانبياء لا نورث ) يقصد ان ما تركه النبي يكون صدقة بيد الدولة .
واحتجت عليه فاطمة الزهراء عليها السلام بالقرآن وقالت له كما روى النعماني المغربي في شرح الاخـبـار ج 3 ص 36 : يابن ابي قحافة افي كتاب اللّه ان ترث اباك ولا ارث ابي ؟ فريا , فقال علماء السنة ان عمل ابي بكر صحيح , وآيات الارث في القرآن منسوخة بالرواية التي رواها ابو بكر وحده , ولم يروها غيره امـا اذا تعارض الحديثان فقد وضع العلماء لذلك موازين لترجيح احدهما على الخر , ومن اولها عند الفريقين ترجيح الحديث الموافق لكتاب اللّه تعالى على الحديث المخالف الخ .
وزاد عـلـماء الشيعة على ذلك انه بقطع النظر عن وجود التعارض بين الاحاديث او عدم وجوده , فانه يجب عرض كل حديث على كتاب اللّه تعالى , والاخذ بما وافقه ان استكمل بقية شروط القبول الاخـرى , ورد مـا خالفه وان استجمع شروط القبول الاخرى , ورووا في ذلك روايات صحيحة عـن الـنبي وآله صلى اللّه عليه وآله ففي الكافي ج 1 ص 69 ( عن ابي عبداللّه عليه السلام قال : قـال رسـول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ان على كل حق حقيقة , وعلى كل صواب نورا , فما وافق كتاب اللّه فخذوه , وما خالف كتاب اللّه فدعوه .
عن ابي عبداللّه عليه السلام قال : خطب النبي صلى اللّه عليه وآله بمنى فقال : ايها الناس ما جاء كم عني يوافق كتاب اللّه فانا قلته , وما جاء كم يخالف كتاب اللّه فلم اقله .
عـن عبداللّه بن ابي يعفور , قال : سالت ابا عبداللّه عليه السلام عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لانثق به ؟ قال اذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب اللّه او من قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله , والا فالذي جاء كم به اولى به .
عـن ايوب بن الحر قال : سمعت ابا عبداللّه عليه السلام يقول : كل شئ مردود الى الكتاب والسنة , وكل حديث لا يوافق كتاب اللّه فهو زخرف ).
وفي تهذيب الاحكام للطوسي ج 7 ص 275 ( فهذان الخبران قد وردا شاذين مخالفين لظاهر كتاب اللّه , وكـل حديث ورد هذا المورد فانه لا يجوز العمل عليه , لانه روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله وعن الائمة عليهم السلام انهم قالوا اذا جاءكم منا حديث فاعرضوه على كتاب اللّه , فما وافق كتاب اللّه فخذوه وما خالفه فاطرحوه او ردوه علينا وهذان الخبران مخالفان على ما ترى ) انتهى .
|