عرض مشاركة مفردة
  #12  
قديم 21-07-2002, 09:39 PM
shaltiail shaltiail غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 342
إفتراضي

الدليل الثاني :
========= حديث عمر هلكت حولت رحلي =========
يبدو أن أول من ثبته في كتب الحديث هو الإمام أحمد في مسنده كما تتبعت ذلك ..
مسند الإمام أحمد ، المجلد الأول ، مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن حدثنا يعقوب يعني القمي عن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
- جاء عمر بن الخطاب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هلكت قال : وما الذي أهلكك قال : حولت رحلي البارحة قال : فلم يرد عليه شيئا قال: فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية : نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم أقبل وأدبر واتقوا الدبر والحيضة.
( قالوا في تفسير حولت رحلي :
(قوله: « حولت رحلي الليلة » : كنى برحله عن زوجته أراد به غشيانها في قبلها من جهة ظهرها لأن المجامع يعلو المرأة ويركبها مما يلي وجهها فحيث ركبها من جهة ظهرها ، كنى عنه بتحويل رحله ، إما نقلاً من الرحل بمعنى المنزل أو من الرحل بمعنى الكور وهو للبعير كالسرج للفرس كذا في المجمع .
( أقبل ) أي جامع من جانب القبل .
( وأدبر ) أي أولج في القبل من جانب الدبر .
( واتق الدبر ) أي إيلاجه فيه ..
قال الطيبي رحمه الله : تفسير لقوله تعالى جل جلاله (( فأتوا حرثكم أني شئتم )) ..) تحفة الأحوذي.
والحديث يوصف بالغرابة والحسن وهو يعني خبر واحد تفرد به الراوي الأول له ؛ وفي بعض رواته ما لم يصل إلى حد الضبط ، وقد نص المباركفوري بأن اثنين من رجاله قليلي ضبط ( يهم ) فأنتبه.
مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي : رواه أحمد ورجاله ثقاة .
نيل الأوطار للإمام الشوكاني : رواه أحمد والترمذي وقال حديث حسن غريب .
سنن الترمذي وشرح العلل للإمام الترمذي : هذا حديث حسن غريب .
تحفة الأحوذي للمباركفوري : (( قوله : ( أخبرنا يعقوب بن عبد الله ) بن سعد الأشعري أبو الحسن القمي بضم القاف وتشديد الميم صدوق « يهم » من الثامنة ( عن جعفر بن أبي المغيرة ) الخزاعي القمي ؛ قيل اسم أبي المغيرة دينار صدوق « يهم » ، من الخامسة )) .
والنص الذي أورده الإمام أحمد يختلف عن نص الطبراني في معجمه حيث لم يورد كلمة واتق الدبر والحيضة وإنما أورد أمراً آخر وهو : اتقي الدم والحيض ليشمل النفاس والاستحاضة بقوله الدم ؛ وهذا معقول جداً لأنه من جنس واحد ولتكميل الممنوع القطعي.
معجم الطبراني الكبير ، باب الظاء ، أحاديث عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، سعيد بن جبير عن ابن عباس .
حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا الحسين بن أبي السري العسقلاني ثنا يونس بن محمد ثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت قال وما أهلكك قال حولت رحلي فلم يرد عليه شيئا حتى نزلت نساؤكم حرث لكم فائتوا حرثكم أنى شئتم يقول أقبل وأدبر « واتق الدم والحيض » (12/ 11) .
والتعليق على الحديث بشكل عام :
1 - الحديث ليس بالصحيح و إنما هو حسن غريب ، فهو خبر واحد فيه شبهة عدم الضبط فلا يسلم من الخدش .
2 - الحديث فيه شبهة التصحيف حيث رواه الطبراني بتبديل كلمة دبر بكلمة دم وهي أولى في المقام حيث إن الحديث بصيغة الدبر فيه سكوت عن دم النفاس و الاستحاضة وهذا مخالف للإجماع.
فتكون كلمة « دم » أولى من كلمة « دبر » من هذه الجهة .. وبهذا يخرج الاستدلال بهذا الحديث من المنع إلى الجواز .
3 - لا تناسب بين مقدمة الحديث وبين تاليه :
فقول الخليفة عمر (( هلكت )) : يدل على فعل غريب لم يفعله أحد وخشي أن يكون فيه حرمة ..
فلو كان بالمعنى الذي ذكروه من تحويل الرحل وهو أن يأتيها من خلفها في قبلها فالروايات تنص على أن أهل مكة ومنهم عمر كانوا يفعلون ذلك جميعاً ولكن نساء المدينة اشتكين من ذلك !!
وفي روايات إنما استنكر ذلك اليهود ولا علم للمسلمين بهذا المستنكر !!
اقرأ النص التالي وهو يختصر صفحات من النصوص المشابهة للنص الذي نقلته من الدر المنثور للإمام السيوطي :
وأخرج ابن أبي شيبة عن مرة قال : كانت اليهود يسخرون من المسلمين في إتيانهم النساء ، فأنزل الله {نساؤكم حرث لكم...} الآية .
وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال : كانت الأنصار تأتي نساءها مضاجعة ، وكانت قريش تشرح شرحاً كثيراً ، فتزوج رجل من قريش امرأة من الأنصار، فأراد أن يأتيها فقالت : لا ، إلا كما يفعل .
وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن أبي هلال أن عبد الله بن علي حدثه : أنه بلغه أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جلسوا يوماً ورجل من اليهود قريب منهم ، فجعل بعضهم يقول : إني لآتي امرأتي وهي مضطجعة .. ويقول الآخر : إني لآتيها وهي قائمة ، ويقول الآخر : إني لآتيها وهي باركة ..
فقال اليهودي : ما أنتم إلا أمثال البهائم ، ولكنا إنما نأتيها على هيئة واحدة ؛ فأنزل الله (( نساؤكم حرث لكم ...)) الآية .
فإذن قولهم بأنه أراد بتغيير الرحل ما ذكروه إنما هو فبركة واضحة وتصحيف وحرف للكلمة عن معناها وكذبة لم يستطيعوا الثبات عندها ؛ لأن قولهم صريح بأنه فِعلُ أهل مكة فكيف يستنكر بعد عشرين سنة من إسلامه تقريباً ؟!!.
4 – بعد أن ثبت بأن التفسير لتحويل الرحل تبرع غير مناسب يتبين بأن الإضافة بكلمة « اتق الدبر » تعني إثم الخليفة في هذه المسألة وهم يوردوها بغير هذا المعنى بل بمعنى تنزيهه ولا يكون له تنزيهاً إلا بما رواه الطبراني بقوله اتق الدم ؛ لأنه لم يتق الدبر قطعاً بشهادة كل الروايات التي تنص على أن هذا المستنكر إنما هو فعل القرشيين من أهل مكة فليس بوارد أن يشك هو في فعل بعد عشرين سنة من إسلامه وممارسته نفس الفعل .
5 - في القول « اتق الدبر والحيضة » مشكلة في التخصيص لأن كلمة « أنّى » إذا كانت (( زمانية )) فلا معنى للتخصيص بالدبر لأنه مكان !
وهذا خارج موضوع العموم !!.
وإن كانت (( مكانية )) فلا معنى للتخصيص بـ « الحيضة » لأنها (( زمانية )) فهي خارجة موضوعاً !!
ولكن لو كان القول هو « الدم والحيض » يكون منسجماً مع القول بالزمانية ، وإن كان هناك رأي بأن « أنّى » تشعر بالعموم الاستغراقي كما يراه بعض المحققين فتكون غير قابلة للتخصيص ولذلك قال بعضهم بأنها مكانية ولا مخصص للمكان وأما الأزمان فهي محددة سلفاً ولا تعلق لها بـ « أنّى شئتم » فهناك أوقات الدم وأوقات الحيض وحين العبادة كالصوم والصلاة والحج وغيرها من الأزمنة والحالات التي لا تمثل المكان من جسد المرأة كثيرة في المنع ولا علاقة لها بشأن جسد المرأة نفسها.
وروى الربيع في (( الأم )) عن الشافعي قال : احتملت الآية معنيين أحدهما أن تؤتى المرأة حيث شاء زوجها ، لأن « أنى » بمعنى أين شئتم ) ..فتح الباري ، المجلد الثامن ، كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ .
وهذا هو فهم الأغلب بأن « أنّى » مكانية فلا يتناسب هذا العموم الاستغراقي بالتقييد كما لا يخفى .. وسيأتي الكلام .
الدليل الثالث :
========= رواية بن عباس في توهيم ابن عمر =========
والبحث فيها سيأتي في نفس رواية نافع عن ابن عمر وهي رواية نافية لرواية ابن عمر وقالوا بأن النافي لا يحج المثبت لجواز عدم إطلاعه على ما غاب عنه ؛ وهي في سبب نزول الآية والرواية مخالفة لروايات كثيرة تقابلها في الصحة تنص على سبب مخالف لما قاله بن عباس .. وعلى فرض الصحة للروايتين فيكونان متعارضتان متساقطتان .
أدلـــة الجـــواز :
1 - عموم النص القرآني .
2 - الفتاوى الأولى للصحابة كعبد الله بن عمر .
3 - عموم حق الزوج في الانتفاع وعدم سلامة المعارض .
الدليل الأول :
========= عموم النص القرآني =========
وقد استدلوا بالآية الكريمة وسبب نزولها ، وهي قوله تعالى : (( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين )) سورة البقرة ، الآية : 223 .
والآية بعمومها تدل على أن النساء كسب والإنسان يفعل بكسبه ما يشاء ، ونحن نفهم وجوب الاستثناء بالموانع الشرعية الثابتة ، ولا يجوز الاستثناء بالظن والمظنونات كخبر الواحد والظن الشخصي غير الثابت من الدلالة .
وقد اعترضوا على دلالة الآية على العموم في هذا المورد بنوعين من الاعتراض :
الأول : مفاد الحرث .
الثاني : مفاد « أنّى » هل هي مكانية غير قابلة للتخصيص أم زمانية فتكون غير شاملة للتعميم .
الأول : لقد أشكلوا بأن معنى الحرث مضيّق وموجّه وهو الزرع لا الكسب مطلقاً . ومعناه طلب الولد ؛ فيكون المسموح إنما هو مكان طلب الولد !
وقد أشكل عليهم إشكالاً عظيماً بوجوب التزام تحريم ما عدى ذلك لأنه لا يشمله الإذن وهذا باطل إجماعاً وهو من الوضوح بمكان .. وأجمل ما ورد من إشكال هو المناظرة بين الإمام الشافعي ومحمد بن الحسن وهي تغنينا عن البحث في هذا الجانب وصحته أو عدم صحته ، واليك نص المناظرة :
وروى الحاكم في « مناقب الشافعي » من طريق ابن عبد الحكم أنه حكى عن الشافعي مناظرة جرت بينه وبين محمد الحسن في ذلك ، وأن ابن الحسن احتج عليه بأن الحرث إنما يكون في الفرج ..
فقال له : فيكون ما سوى الفرج محرماً ، فالتزمه .
فقال : أ رأيت لو وطئها بين ساقها أو في أعكانها أنى ذلك حرث ؟
قال : لا.
قال : أ فيحرم ؟!
قال : لا.
قال : فكيف تحتج بما لا تقول به ؟!.
أنظر فتح الباري ، شرح صحيح البخاري للإمام ابن حجر العسقلاني ، المجلد الثامن.
وفي الختام أورد ما أورده الفيروزآبادي في القاموس المحيط من معنى كلمة حرث وهو يبين بكل وضوح بأن التضييق إنما هو تحكم تبرعي محض لا دليل عليه فالكلمة تعني هنا الكسب ويطبق على نفس النكاح وغيره .... أنظر:
الحَرْثُ: الكَسْبُ، وجَمْعُ المالِ، والجمعُ بين أربعِ نِسْوَةٍ، والنِّكاحُ بالمُبالَغَةِ، والمَحَجَّةُ المَكْدودةُ بِالحَوافِرِ، وأصْل جُرادنِ الحِمارِ، والسَّيْرُ على الظَّهْرِ حتى يُهْزَلَ، والزَّرْعُ، وتَحْريكُ النارِ، والتَّفْتيشُ، والتَّفَقُّه، وتَهْيئةُ الحَراثِ، كسَحابٍ، لفُرْضَةٍ في طَرَفِ القَوْسِ يَقَعُ فيها الوَتَرُ، وهي الحُرْثَةُ بالضم أيضاً، فِعْلُ الكُلِّ: يَحْرِثُ ويَحْرُثُ.
وهذا يكفي للعاقل أن يحكم بعدم جدوى هذا التضييق للمعنى : فلا اللغة تساعد ولا لوازم المعنى تساعد كما أشار الإمام الشافعي.
الثاني : النقاش في مفاد « أنّى » هل هي مكانية غير قابلة للتخصيص أم زمانية فتكون غير شاملة للتعميم ؟!.
حسب ما توصلت إليه إن هذا النقاش على كلٍ من الوجهين لا يمنع من أي من الرأيين ، ولكن لو تم الإدعاء بأن « أنّى » استغراقية وهي (( مكانية )) فتكون غير قابلة للتخصيص بالمكان وهو الدبر فتسقط روايات التخصيص ، وهذا ما تشكك به بعض الروايات السنية والشيعية حيث تعد « أنّى » زمانية .
ولكن اللغة لا تأبى المكانية إلا أنه ما الفائدة فروايات التخصيص السنية ساقطة سنياً أساساً لأنها لم تصل لحد الصحة ولم تصل إلى أكثر من كونهما روايتين مبهمتين متناً وموهنتين سنداً !
وهما من أخبار الآحاد المعارضة بغيرها ، وهذه لا تنهض لتخصيص النص القرآني. وإلا لكان القرآن لا معنى له حيث يخصصه الفهم الخاطئ ورواية الآحاد المعارضة !.


يتبع