الموضوع: علمنة الأدب !!
عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 15-08-2002, 05:24 AM
الصمصام الصمصام غير متصل
ذهـَــبَ مـَــعَ الرِيحْ
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2001
المشاركات: 1,410
إفتراضي

بقية مقال الظاهري
____________

أجل إن العلمانية ضد الإلتزام العربي المسلم،فما هي ظاهرات ذلك في أدبنا الحديث؟!


أهم ظاهرة أن الشاعر المعاصر لا يتحرج في لغته وصوره وحيرته فيمس جانب العقيدة والسلوك
المسلم بعنف،يقول الشاعر الدكتور إبراهيم ناجي:
غرامك كان محراب المصلى.......كأني قد بلغت بك السماء
خلعت الآدمية فيه عني..........ولكن ما خلعت به الإباء
فلم أركع بساحته رياء.........ولا كالعبد ذلا وانحناء
ولكني حببتك حب حر...........يموت متى أراد وكيف شاء

ويقول
وحبيب كان أدنى أملي..........حبه المحراب والكعبة بيته

ويقول
يا أيها الحب المقدس هيكلا......ذاق الردى من عابديك مسبح
كثرت ضحاياه وطال قيامه........وصيامه فمتى رضاءك تمنح؟
يادوحة الأرواح يحمد عندنا......فيء ويعبد زهره المتفتح

ويقول
أيها النور سلاما وخشوعا.......أيها المعبد صمتا وركوعا

ألا ترى هذه العلمانية الوثنية وهي كثيرة جدا جدا في شعر ناجي؟
إنه اتخذ الجمال ربا يعبد من دون الله.

هذه الكعبة كنا طائفيها......والمصلين صباحا ومساء
كم عبدنا الحسن فيها.............................

إن الدكتور ناجي مخلص لعواطفه لا يلجمها بأي قيمة.

وأنا أقول بلغة النقد العربي القديم لو لم يكن له إلا الأطلال لكفته فخرا في بناء قمم الفن الشامخة
لذاتها،ولكني أنقد غايته وأقول إن رائد الشعر الحديث ضر ناشئة الأمة من حيث لا يقصد بشعره اللامتحرج.
ونبني حسن نيته على سبل:
أولها:أنها لم يقصد أن يكون داعية لعلمانية وإنما كان عفا الله عنه ماجنا استوحى ليالي القاهرة
من ليالي شارع الهرم،ومن أخلص لعاطفته لا يوصف بأنه جندي في معترك الغزو الفكري.
وثانيها:أن الدكتور ناجيا مخلص لمدرسة فرنسا الرومانتيكية إلى حد الإختلاس،فلقد نصصت على أن قصيدته
(رسائل محترقة)نقل أمين لقطعة من نثر (لامرتين)في رواية روفائيل ولم ينتبه لذلك أحد قبلي.

وهؤلاء الرومانتيكيون يرون في الحب قداسة،وهو وصف للتعظيم،ويصفون قلب المحب بأنه معمود،
وهو وصف العبادة.
وحظ ناجي في أمور دينه نزر فهو ينقل بأمانة.
تأثره من وجهة نظر واحدة تخالف التزامنا:أي أنه يلتزم ما يخالف التزامنا.
إننا نحذر الناشئة من الإستماتة في التقليد دون تبصر.
إن الإلتزام الأعمى هو النكسة الفكرية،وإن قمة الحرية أن نلتزم إلتزاما متبصرا.
وهذه العلمانية تمس جانب العقيدة مسا قاسيا لأنه تعظيم لغير الله يستتبعه ما تطفح به دواوين
الشعر الحديث من القسم بغير الله.
يهولون فيقسمون بالشرف،ويتماجنون فيقسمون بريق الحبيبة!!
وإذا كانت الكلمة الناصحة لا تضيع وإن أخنى عليها ما أخنى على لبد فإني أدعو إلى حرية الأدب لذاته
في قيمته الفنية،ولكني أدعو بإصرار إلى توظيف الأدب واحتكار غايته.
إن من التماجن المألوف في العلمانية القديمة تفدية الخاطئات،ولكنه أصبح في الشعر الحديث دعوة
لإشاعة الفاحشة،وإعلان مشروعيتها بتسويغ البغاء،فهذا محمود حسن إسماعيل في قصيدته
(هكذا قالت البغي)يسوغ بديوانه(هكذا أغني)خطأها بالجوع ويحمل المجتمع تبعيتها.
والشاعر محمد شحاته شاعر البراري يرثي اللقيطة في ديوان(نجوم ورجوم)،وهكذا فعل كامل أمين في
ديوانه(نشيد الخلود)،وفؤاد بلبل في (أغاريد الربيع)،وربما حملناهم على حسن النية إذا قلنا بأن
ذلك التزام لمنهج الغربيين في العطف على الخاطئات،ولكن سبيلهم غير سبيلنا لأن الفاحشة عندهم مباحة.
والعطف من ضمير إنساني يحب الخير لبني جنسه،ويبكي لأخطائهم لا يوصف بالعلمانية،ولكن العلمانية أن
يصل العطف إلى التسويغ والإشاعة.
والقاعدة في ديننا(ولا تأخذكم بهما رأفة)وإنني لا أقسو إذا قلت:إن الشاعر الحديث تخلى عن رسالته
تخليا سافرا.
ومن المصادفات المضحكة أن نزارا مسح دموع ذوي المباديء بقصيدتين جيدتين في التشهير بالخاطئة
وكم في الكون من متناقضات؟!
وشوقي شاعر العروبة والإسلم له إسلامياترغم مجونياته،لا يفارقه وعيه بدينه،تجده في همزيته في مدح
الرسول صلى الله عليه وسلم تعرض لحروب الرسول فلم يبث فيها روح الفخر،بل بث فيها غاية الحرب
الإسلامية في رأفتها وإنسانيتها،لأنه على وعي بنقد المستشرقين.
وإن الوعي الإسلامي كثير في شعر شوقي،ولكنه لم يسلم من تسربات علمانية في تقديس الأديان الوثنية
وفي الإعتذار لفرعون،وفي سوء الأدب مع الأنبياء يقول:
ظن فرعون أن موسى له............واف وعند الكرام يرجى الوفاء
لم يكن في حسابه يوم ربى........أن سيأتي ضد الجزاء الجزاء

وقصيدته:
رب شقت العباد أزمان لا...........كتب بها يهتدى ولا أنبياء

مليئة بوحدة الوجود،وقد يكون هذا علمانية،وقد يكون غفلة الوعي الذي يتمتع به شوقي.

وكل ما أوردته نماذج نحملها على حسن النية،
ولكننا نجد العلمانية المجندة في شعر دعاة الرفض والتمرد والتجاوز والتخطي في الشعر العراقي
الحديث بخاصة وبعض شعر المقاومة وفي الشعر المهجري على العموم.
__________________
-----------------------------
الأصدقاء أوطانٌ صغيرة
-----------------------------
إن عـُـلـّب المـجـدُ في صفـراءَ قـد بليتْ
غــــداً ســـنلبسـهُ ثـوباً مـن الذهـــــــــبِ
إنّـي لأنـظـر للأيـّام أرقـــــــــــــــــــبـهــــا
فألمحُ اليســْــر يأتي من لظى الكــــــرَبِ


( الصـمــــــصـام )
الرد مع إقتباس