عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 23-08-2002, 06:04 PM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي لماذا يسمى شعراً؟

هذا مقال أحببت نقله للأساتذة في خيمة الأدب والثقافة من جريدة السفير اللبنانية عدد2002/08/24
لا أخفي عليكم أن المقال أعجبني والمنقود الأول فيه أزعجني بما فيه الكفاية فشمت فيه وسأكتب بإذن الله مقالاً أثني فيه على رأي الأستاذ فادي
http://www.assafir.com/iso/today/culture/1.html

الانتساب إلى الشعر
فادي العبد الله
بإلحاح يطرح محمد الشاويش (السفير الثقافي) تساؤلا عن سبب تمسك كتاب قصيدة النثر بالشعر تسمية لما يكتبونه. ولا يتضح لهذا التساؤل من معنى او مغزى إلا حين يجيب الشاويش بأن السبب يكمن في تمسك الكتاب الغربيين بهذه التسمية، ولو انهم وضعوا تسمية اخرى لتابعهم عليها كتابنا.
ضمنياً اذاً يصم الشاويش هذه الكتابة بكونها، هي وتسميتها، تقليدا للغرب بكل ما في ذلك من سلبية وزيف وابتعاد عن الأصالة وقصور عن الابداع والابتكار. لسنا هنا في معرض الدفاع عن كتابنا، فمجرد عمومية هذا الاتهام كاف لإثبات لامنطقيته وعبثيته، او جدارة هذه الأمة بالفناء.
لكن متى علمنا بأن العلايلي اقترح، منذ أواخر العقد الرابع من القرن المنصرم، التمييز، إذا ما اصرّ أهل التقليد على جهودهم، بين تسميتي الشعر (وهو ما جرى على أوزان الخليل) والنظيم (وهو <<شعر>> لم يجر على هذه الأوزان)، ومتى لاحظنا إصرار كمّ عظيم من المبدعين، في الشرق وفي الغرب، على تسمية الشعر، يصير للتساؤل عن سبب هذا التمسك معنى يطال ماهية ما يكتب نفسها.
ينتهي أحمد بيضون في <<كلمن>> الى ان أوزان الخليل تستحضر مفردات بعينها وتراكيب وعوالم بعينها، وانها تنفي، بشكل محتوم، معظم العالم المعاصر مفردات وذائقة ومخيلة. قد يكفي هذا لتبرير الخروج على هذه الاوزان، الا ان حد الشعر بكونه <<كلاما موزونا مقفى>> يستثير من بيضون تحليلا هو لمعة من لمعات الذكاء التي قلما يجود الزمان بمثلها.
فيوضح بيضون ان <<حد الشعر كان يسيرا على العروضيين، دون الاكثار من الشروط، لأن الشعر، بتأصله في المفردة العربية، هو أصل لكل ما أطلق عليه لاحقا اسم الأدب. فالمشكلة ليست في حده، بل في حد الفنون الاخرى...>> فلما كان الشعر أصلا، ولما كان مثال النثر العربي ان يكون <<الشعر العربي غير الموزون وغير المقفى>> كان حدا الوزن والقافية حدين للنثر لا للشعر.
بعبارة اخرى، فإن الشروط <<الموضوعية>> الفنية المتوافرة في الشعر العالي كانت لقرون طويلة مثال النثر الجيد ايضا، وعلى هذا الاساس فلم يكن مثال كل كتابة عربية إلا الشعر، ولهذا سهل على منظري قصيدة النثر ان يجدوا لها أصولا عربية. في ظل عمومية هذا المثال كان للتعريف بالوزن والقافية معنى مبين، الا ان أغراض النثر وشروطه تنوعت وتغيرت ونحت باتجاه مثالات مختلفة عن الشعر، وبالتالي لم يعد للتعريف بالوزن والقافية المعنى المرتجى منه.
عاد بإمكان الشعر ان يخرج على الاوزان والقوافي، او ان يلتزم بها (وإن كنا نستبعد ذلك للأسباب التي عرضها بيضون سابقا ولاختلاف الاحساس الايقاعي في التأليف والأذن المعاصرين)، دون ان يعيبه اي من الأمرين، او ان يرفعه.
لكن هل يكفي غياب الاسباب المانعة للتحول سببا موجبا؟
ألا يحتاج هؤلاء الكتاب الى سبب يدفعهم دفعا الى التمسك بالشعر تسمية؟
أغلب الظن ان الانتساب الى <<الشعر>> هو حلم بمثال معيّن مفترض التواصل منذ أيام هوميروس او امرئ القيس، رغم تبدلاته العديدة، وهذا الانتساب هو ايضا تمسك بأهداف تراث ضخم وبنسب متواصل من أفراد متميزين بنطقهم بتجربة الوجود وبلسان حيواتهم في شكل، مهما تمايز، يظل فرديا ومحموما وصادق التطرف، وهو ما يغيب عن النثر بعمومية منطقه وخطابه، حتى أيام كان الشعر مثاله، وربما يعود هذا، جزئيا على الأقل، الى شفاهية الشعر وكتابية النثر المدموغة بعقلانية ارسطية صارمة.
في انتساب الشعر الحر او قصيدة النثر الى <<الشعر>> ما هو أبعد من مجرد التقليد او السير بحكم الاعتياد وحده، ففي هذا الانتساب حلم المبدع بأن يكون فردا وله منطقه الخاص في مواجهة منطق الجماعات الذي يطمس الفروقات والتمايزات، ولا شك بأن هذا الحلم يغدو أشد إلحاحاً بما لا يقاس في مثل مجتمعاتنا العربية ومخيلتها الوحدوية الغالية.
الرد مع إقتباس