هناك أذهان لا تستطيع أن تضع الواقع بين قوسين وتتخيل وضعاً آخر للأمور.
والحال أن هذه القدرة هي وحدها التي تميز العقل الفلسفي من العقل البراغماتي المبتذل النفعي الذي يستخدمه مثلاً التجار حين يقولون:الزبون دائماً على حق!
هل تتخيل تاجر أقمشة يخوض نقاشات نظرية حول الأزياء أو يخطر على باله نقدها؟ غاية ما عنده أن يبحث عما يريده الزبائن فيتبعه.وبئس هذا التاجر مثلاً للمنظر الرصين.
دعوت في المقال الذي ذكر جملة منه أخونا فادي إلى تخيل وضع مختلف عن الواقع أطلق فيه أدباء الغرب على "قصيدة النثر" اسماً ثالثاً لا هو الاسم "شعر" ولا الاسم "نثر".ألن يتابعهم "شعراؤنا النثريون" ويطلقون على نوعهم الأدبي الاسم عينه؟
والاستقراء البسيط لردود أفعال هؤلاء تنبئنا أن الجواب هو بالإيجاب فالأنواع الأدبية استوردت هي وتسميتها!
ولا ينفع في رد هذه الحقيقة المؤلمة مجرد القول إن هذا كلام عبثي فما العبث إلا نكران الواقع والتاريخ!
لنتابع تاريخ الشعر العربي الحديث بل الأدب العربي الحديث كله ،ولننظر في مدارسه وتسمياته وأنواعه ،ثم لننظر بعدها إن لم تكن هذه المدارس والأنواع ترجمة حرفية!
وأعيد القارئ العزيز إلى مقالي الموجودين في هذه الصفحة "عصر المصادرة الثقافية" و "القيمة والمعنى" ففيه مزيد من القول مع تحياتي للأستاذ عمر.
|