وارفة الظلال، واكتست عظام الحمارة الفانية فنهضت ونهقت. وأحس عابر السبيل بالقوة، وجرت في دمه قوة الشباب، وملأ الإيمان صدره، وتابع طريقه، برفقة الله].
الفصل الرابع: يحاول الكاتب أن يجيب في هذا الفصل عن الأسباب التي دعت بوشكين لمحاكاة القرآن. فيردها إلى أسباب تاريخية تعود إلى اهتمام روسيا بالشرق الإسلامي والعربي من جهة وإلى ذلك الاختمار الثوري الذي كان على طريق النضوج ضد القيصرية من جهة أخرى، كما يردها إلى عوامل ذاتية تعود إلى الأصل الذي انحدر منه أحد فروع النسب البوشكيني، حيث أن جده لأمه حبشي الأصل.
الفصل الخامس: يستعرض آراء النقاد الروس قبل ثورة أكتوبر وبعدها، في قصيدة بوشكين.
الفصل السادس: بحث في شكل القصيدة ومضمونها، وقارن بين شكلها الفني وأسلوب القرآن، من حيث الفواصل والقوافي، ومن حيث التقابل والتضاد، كما عرض ما في القرآن الكريم عن الشعر والشاعر والشعراء، وأوضح أن بوشكين كان يعتبر الرسول شاعراً.
الفصل السابع: أوضح حس النبوة عند بوشكين خاصة، وعند المبدعين من الشعراء عامة، واستعرض الآراء حول مصدر الشعر بين من يعتبره من مصدر إلهي، وبين من يعتبره من واقع الحياة في المجتمع الإنساني.
الخاتمة: لخصت الدوافع التي أثارت بوشكين لكتابة قصيدته موضوع الكتاب.
ثانياً: أما عن آرائي النقدية في هذا الكتاب فألخصها كما يلي:
1ً-هذا الكتاب يتطرق لموضوع جديد على أسماعنا، فقليل من المثقفين العرب من يعرف موقع بوشكين على ساحة الإبداع الشعري، روسياً وإنسانياً. ومالك صقور بكتابه هذا يرفد ثقافتنا العربية بجدول ينساب من أعلى قمة إبداعية في الشعر الروسي، وكنت أتمنى لو خصص فصلاً عن سيرة بوشكين ليقدم لنا صورة واقعية تفصيلية عن حياة هذا الشاعر المبدع بدلاً من الحديث عنه بنتف مبعثرة هنا وهناك في فصول الكتاب.
2ً-الكتاب يحدثنا عن بوشكين لأنه تأثر بالقرآن مستوحياً الكثير من آياته في إبداعاته. ولإعجابه بشخصية الرسول (ص)، مستمداً منها الخبرة في نضالاته، وهذا مدعاة لفخرنا واعتزازنا لأن الكتاب والسنة وبالرغم من توجهها الإنساني العام قد نسجا أكثر الخيوط إشراقاً في نسيج قوميتنا العربية، قال تعالى عن القرآن مخاطباً الرسول [وإنه لذكر لك ولقومك- الزخرف44].
ويبرز من خلال الدراسة تأثير القرآن على بوشكين، فهل اقتنع المشرف العلمي بعد مناقشتها بهذا الأمر، أم أنه أصر على رأيه الأول عندما ناقش العنوان وطلب التغيير حيث لا يوجد برأيه تأثير؟!!
3ً-ترجم المؤلف قصيدة بوشكين (محاكاة القرآن)، بصورة واضحة، شكلاً ومضموناً، وإن افتقرت هذه الترجمة إلى النكهة الشعرية، وأشار بشكل دقيق إلى الآيات القرآنية المقتبسة. وألمح بصورة مختصرة إلى الحالة الثورية التي كان يعيشها بوشكين آنذاك والتي وجدت مرتكزاً لها في كتابنا السماوي. وكنت أتمنى لو أن المؤلف قد تحدث عن هذه الحالة بصورة أكثر إسهاباً وتميزاً لأنني أرى أن النفس الثوري هو العامل الأساس الذي جذب بوشكين إلى ظلال القرآن.
4ً-أسهب المؤلف في عرض رأي النقاد الروس في قصيدة بوشكين ذات الأبعاد القرآنية. وكان الأجدى لو أنه تعرّض لرأي هؤلاء النقاد بصورة نقدية موضحاً ما فيها من سلب وإيجاب ومبرزاً رأيه المتميز بأسلوب من يمتلك ناصية الموضوع بكل جوانبه وأبعاده.
5ً-يبدو على هذه الدراسة صفة (التلمذة). وهي دراسة جيدة لطالب موهوب ولاشك. وكان على صاحبها وبعد ربع قرن من كتابتها أن يعيد صياغتها بقلم المؤلف القادر لتكون أكثر اتساعاً وشمولاً، وأوضح تعبيراً عن رسالة أمتنا العربية، التي تتجلى بأسمى معانيها في القرآن الكريم وسيرة الرسول العظيم محمد (ص).
ثالثاً: أرى في هذه الدراسة بالرغم من أهميتها وجديتها مشروعاً لكتاب أكثر أهمية وجدية، وسيكون إذا ما أحسن تطويره حجر الزاوية في شهرة مؤلفه، ولتوضيح ما أراه لهذا التطوير من توجهات أقدم بكل حب وتقدير هذه المقترحات.
1ً-أقترح أن يبعد صاحب هذه الدراسة عنه وعنها عين مشرفه العلمي، وينسى أنه يقدمها لتناقش في إحدى الجامعات الروسية، فيشمر عن ساعد القلم والفكر معاً، ويضيف إليها ما يجب أن يعرفه شعبنا العربي بإسهاب عن بوشكين، وتطلعاته النضالية، وعن القرآن الكريم، وأبعاده الثورية.
2ً-شيء هام أن يعرف المثقفون العرب كل شيء عن بوشكين، فليقدم الكاتب هذا، وهو القادر على ذلك وليخصص فصلاً عن حياة بوشكين: عن أسرته، طفولته، تدرجه في طريق الحياة، زواجه، ... الخ.
وليشرح الظروف التاريخية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي أحاطت به وألهمته إبداعاته الشعرية والأدبية،
3ً-ومن المفيد أن يوجد في هذا الكتاب فصل خاص يتحدث عن القرآن وعن الواقع العربي أيام نزوله، مع مقارنة هذه الظروف العربية مع الظروف الروسية أيام بوشكين، ثم ليتحدث هذا الفصل أيضاً عن الدور الثوري الذي لعبه القرآن في توحيد العرب وفي توجيههم نحو العالم عبر الفتوحات وهم يحملون رسالة العروبة والإسلام.
4ً-ولا بأس من أن يكون هناك فصل يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل في تاريخ أمتنا، يتحدث عما يمكن أن يلعبه القرآن في حياتنا إذا ما استلهمناه ثورياً، واستوعبناه عقلياً، وعشناه جهادياً.
إن أعداءنا في الماضي هم أعداؤنا في الحاضر. اليهود ومشركو العرب ومنافقوهم بالأمس، والصهيونية والامبريالية والمستسلمون من حكام العرب اليوم. هزمنا اليهود عسكرياً ولكنهم لم يستسلموا. تسلل بعضهم إلى صفوف الإسلام بإسرائيلياتهم ذات الطابع الخرافي، واستمرت مكائدهم عبر التاريخ، وهاهم يعودون بصهيونيتهم لبناء حصون (خيبرهم) من جديد، ونحن نمتلك ما يمكننا الانتصار عليهم ثانية، إذا ما استلهمنا القرآن بروحه الثورية، وأخرجنا المسلمين من أوحال أقفاصهم المذهبية، وجمعنا أبناء الوطن على تعدد طوائفهم وأجناسهم في إطار وحدة وطنية ذات أبعاد قومية وإنسانية. وهذا ما هدفت إليه في كتابي (الإنسان في ظلال القرآن). فهل يلتقي كتابانا كما التقى قلبانا على هذا الطريق، يا صديقي مالك، إنني آمل ذلك.
-وإلى ذكرى بوشكين -ذلك الشاعر الروسي الكبير- هذه الأبيات:
لكَ شكري يا أيها الـ (بوشَكينُ)
حلمك الشاعريُّ كافٌ ونونُ
قد حباك السقيا حنانُ سماءٍ
وسقاك النعمى رسول أمين
هل سكبت القرآن في الشعر إيماناً
وقد شدَّ جانحيك يقين؟!!
لو تشجعتَ يا صديقي وأسلمتَ
لما عاب فعلكم (لينين)
ولأقصى أشواك قولٍ خطيرٍ
(إنما الدين في الورى أفيون)
حينما تلتقي السماوات والأرض
بقلبٍ ففوزه مضمون
من يذقْ خمرة الألوهة روحاً
فالذي لا يريده، لا يكون
طرطوس 30/1/2002
|