عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 17-09-2002, 12:11 AM
نوفان العجارمة نوفان العجارمة غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 876
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى نوفان العجارمة
إفتراضي

وكانت جماعة «طالبان» الوحيدة التي استطاع بن لادن اقامة العلاقات معها. لكن «طالبان» حركة اكثر مما هي نظام دولة متين البنيان. وزوج بن لادن ابنته الكبرى من الشيخ محمد عمر زعيم «طالبان»، واظهر جهارا علامات التقارب الاخرى مع رجال «طالبان»، بيد انه بقي في جوهر الامر قوة مستقلة ذاتيا، ورابط لحد بدء العملية الامريكية في افغانستان في قلعته الحصينة ـ وهي مجموعة من الكهوف والممرات تحت الارض التي حفرت في ايام الحرب مع الوحدات العسكرية السوفيتية في افغانستان، كما كانت تربطه برجال «طالبان» العمليات المشتركة لتهريب المخدرات التي ضاعفت الامكانيات المالية لتنظيم «القاعدة».
اما بصدد «طالبان» فإنها حركة اسلامية متطرفة استولت على السلطة في كابل وكانت تصبو للسيطرة على البلاد كلها، وقد تأسست بمساعدة الولايات المتحدة ايضا. وانا التقيت حين كنت وزيرا للخارجية رئيس الوزراء الباكستاني بوتو الذي لم يخف ان الاستخبارات العسكرية الباكستانية عملت بمشاركة وكالة المخابرات المركزية على تأسيس هذه الحركة.
علما ان الاستقلالية الذاتية لم تعرقل فقط، بل ساعدت بن لادن و«القاعدة» على توسيع مناطق نفوذهما. وطبقا للمعطيات المتوفرة فإن بن لادن قدم مساعدة كبيرة الى الانفصاليين الالبان في كوسوفو، وبالاخص الى جيش تحرير كوسوفو المعادي للصرب، والذي ادرجه الامريكيون ايضا في البداية عن حق في كشف المنظمات الارهابية، ولكنهم صاروا يدعمونه لاهداف جيوبوليتيكية. وكان الاساس الفكري لدعم بن لادن هذا يكمن في سعيه الى اقامة دولة اسلامية ذات نزعة متطرفة في وسط اوروبا، تضم البانيا وكوسوفو والسنجق وقسما من البوسنة وقسما من مقدونيا. واتسم بأهمية كبيرة في هذا المجال ان المسار البلقاني كان اهم معبر لتهريب المخدرات من افغانستان الى اوروبا الغربية.
وتدل معطيات كثيرة على وجود علاقات بين بلدان وتنظيم «القاعدة» والمقاتلين الشيشان، ووجود العنصر العربي ـ وليس وحده ـ، حيث انهم كانوا يتلقون التدريب العسكري في افغانستان في معسكرات بن لادن وبأمواله.

الآفاق: اندماج الإرهاب
وسلاح الدمار الشامل

وهكذا تنبثق مسوغات أكيدة تدعو الى الاعتقاد بأنه ظهرت على الساحة العالمية منظمات مكتفية ذاتيا ومستقلة ذاتيا، تبشر بالارهاب الجماعي بصفته وسيلة لتحقيق اهدافها. ونحن نتحدث الآن فقط عن واحدة من هذه المنظمات هي «القاعدة»، لكن اين الضمانات بأنها ستبقى بصفتها الظاهرة الوحيدة؟ لا سيما ان السمة المميزة لمثل هذه المنظمات هي عدم ابداء روح الجرأة وعموما عدم الرغبة في الاعلان عن نفسها لدى تنفيذ العمليات الارهابية. الى جانب ذلك فإنه يوضع في المرتبة الاولى توسيع نطاق الارهاب وزيادة عدد ضحاياه.
حين كانت الدول هي «اللاعب» الوحيد على الساحة الدولية، كان بالمستطاع التنبؤ مسبقا ولحد كبير بمسار الاحداث، ولربما ان هذا الشيء الاهم ويمكن التحكم به بقدر اكبر. لقد كان الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، اللذان توليا بعد الحرب العالمية الثانية قيادة نظامين آيديولوجيين مختلفين ويمتلكان قدرة صاروخية نووية قادرة على التدمير المتبادل، يلجم احدهما الآخر، كما ان الدول المنحازة الى الدولتين الاعظم تقع تحت سيطرتهما. اما الدول التي لم تدخل في هذه المنظومة، فإنها كانت ايضا تبدي ضبط النفس جدا، ولا سيما حيال احتمال خروج النزاعات الى ما وراء الاطار الاقليمي. اما الارهاب فلم يعد يشكل خطرا دوليا شديدا بعد ان تقلص كثيرا دعم الدولة له.

كيف نضمن أمن اقوى
الدول عسكريا وسكانها؟

ان الوضع يتفاقم لان الطريق لامتلاك السلاح النووي والاصناف الاخرى لسلاح الدمار الشامل لم يعد مسدودا امام المنظمات الارهابية المستقلة ذاتيا.
علما ان الوضع صار في بداية القرن الحادي والعشرين يساعد اكثر على اندماج الارهاب مع سلاح الدمار الشامل.
فأولاً، ان الانفصال عن دوائر الدولة و«الخروج الى عرض البحر بصورة ذاتية» يعطي المنظمات الارهابية قدرة كبيرة على المناورة. وثانيا، تزداد امكانياتها في تحقيق الاكتفاء الذاتي المالي. وثالثا، ان عملية العولمة تساعد على اندماج الارهاب مع سلاح الدمار الشامل ـ ويجب علينا ان نواجه هذه الحقيقة ـ لانها وضعت سيول المعلومات تحت تصرف الجميع، بالالتفاف على جميع القيود المحتملة. ورابعا، ان تطور الاسلحة يقود الى صنع اصناف سلاح نووي صغير الحجم، ويسهل انتاج السلاح الجرثومي والكيماوي، مما يجعل سلاح الدمار الشامل تحت متناول يد الارهابيين بيسر أكبر.
ويحتل مرتبة متقدمة في هذا المجال السلاح الاشعاعي، ولو ان الحديث عنه يدور بقدر اقل. فقد ورد بشكل خاطف نبأ مفاده ان احد افراد «القاعدة» الذي جرى استجوابه اشار الى احتمال ان يستخدم اعضاء منظمته الارهابية النفايات النووية من اجل نشرها في مناطق «العدو».
وفي نهاية المطاف فإن الارهاب الدولي يكتسب صفة خطرة على الاخص في ظروف انتشار السلاح النووي، وازدياد عدد البلدان التي تمتلكه، علما ان بعضها متورط في النزاعات الاقليمية. فمثلا، حين بدأت العملية العسكرية الامريكية في افغانستان بدأت في باكستان المجاورة حملة واسعة النطاق لدعم «طالبان» وتدفقت مئات آلاف الناس الى شوارع العاصمة الباكستانية اسلام اباد وكراتشي والمدن الاخرى مطالبة باقصاء «النظام الموالي للامريكان» عن السلطة. واثار القلق ايضا ان النظام اقصى في الوقت نفسه عن مناصبهم الضباط غير الموثوق بولائهم للسلطة. وأعتقد ان المسوغات كانت موجودة لكي يخشى الكثيرون ان تحصل على السلاح النووي القوى القريبة من جماعة طالبان الافغانية، وبضمن ذلك الجيش، لكن لم تتحقق في هذه المرة المخاوف بهذا الصدد. فماذا سيحدث لاحقا؟
في سبتمبر عام 1996 شاركت بصفتي وزيرا لخارجية روسيا في اجتماع الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة في نيويورك. وجرى هناك استقبال الرئيس بيل كلينتون. ولدى الحديث عن الاهمية البالغة لتنسيق افعال الولايات المتحدة وروسيا قال الرئيس بهذا الصدد ـ واعترف بان هذا كان مفاجأة بالنسبة لي ـ ان النزاع بين الهند وباكستان سيكون اخطر مشكلة في ربع القرن المقبل لاحتمال الانزلاق لاحقا الى استخدام السلاح النووي.
ويمكن في نهاية المطاف التعويل على ان لا يقود ظهور السلاح النووي لدى الهند وباكستان الى استخدامه في النزاع الاقليمي ـ فثمة أمل له مبرراته بشأن تفادي هذه المأساة بفضل تبصر الدولتين المشاركتين في النزاع، والجهود الدولية الواسعة، لكن الامر سيختلف في حالة حصول الارهابيين على السلاح النووي.
يجب على المجتمع العالمي ان يستنتج بأنه ينبغي في الظروف الجديدة اعادة النظر في الكثير من الافكار التي كانت سائدة في الماضي وطرائق ضمان الامن ـ الامن الذاتي وأمن الحلفاء، واحلال ودعـــم الاستقرار على الصعيدين الاقليمي والعالمي. وتـــــطرح كمهمة اساسية مسألة مقاومة الارهـــــــاب الدولي بشكل مضمون، والذي تسلح بأشكال وطرائــــــق جديدة. وبغية ان تكون هذه المقاومة فعالة ينبغي تلاحم جميع القوى السليمة في العالم.
فكيف يتم ذلك، وكيف يمكن بلوغ هذا الامر؟ يبدو ان الجواب عن هذا السؤال سيكون أحد الاجوبة الرئيسية في القرن الحادي والعشرين.؟؟
__________________
دائما الحقيقة موجودة في مكان ماء .
ـــــــــــــــــــــــــــ
nofan_71@yahoo.com