لا يخفى على أخي عمر أن اللغة أوسع من النحو وأن النحو أوسع من الإعراب.
وقد قلت"فلماذا إذن أجد في أشعارهم أحياناً خروجاً عن النسق الصائب في الوزن أو القافية؟ ولماذا لا يستقيم التعبير في أحيان معينة ولا يكون متيناً متانة أولئك مع مرور أبيات لشعراء الخيمة تسجل بالفعل مع خوالد الأبيات ومع تلك الأبيات التي تستحق أن يستشهد بها؟"
كان السياق على كل كل حال يتعلق بامتلاك ملكة هي من طبيعة لغوية: ملكة وزنية وملكة في القافية أيضاً غير أنني ذكرت أيضاً ما لم تنتبه إليه على ما يبدو لي وهو استقامة التعبير ومتانته،وهذه مسألة تخص "اللغة" بعمومها بما يتجاوز كثيراً النحو.
وقد ذكر أخونا يتيم الشعر خلط خطباء المساجد في الإعراب وأنا أزيد عليه خلطهم باللغة الأعم فقد مر علي هنا خطيب جمعة أراد أن يدعو للمسلمين فدعا عليهم! ومن الطريف أن تعلم أن هذا حصل في الخيمة أيضاً مراراً حيث كثب الشباب قولاً كان المفروض فيه أنه دفاع عن الدين فتحول بسبب سوء اللغة إلى هجوم عليه!
ويبدو لي أن من غير المجدي أن نطلب من الأب التزام الإعراب في البيت مع أولاده (طبعاً هذا الأب إن كان يستطيع التزام الإعراب ،لو أراد، فهو من الأقلية الزهيدة التي لا تتجاوز فيما أعتقد واحداً بالمائة من العرب)
المنطقي أن نطالب بتوسيع دائرة "الجزر اللغوية" إن جاز التعبير وهذا في جلسات المثقفين لأن الفصحى هي اللغة التلقائية التي تستعمل في المواضيع الأدبية والفكرية المتخصصة.(استعملت مفهوم "اللغات التلقائية" ويمكن للقارئ الرجوع إلى ما أعنيه بهذا المفهوم في موضوع سابق يجب أن أبحث عن رابطه)
ويجب الوقوف بقوة ضد المحاولات الرامية إلى انتزاع الفصحى من مجالات كسبتها كما في محاولة هذه المحطة السفيهة التي ذكرتها لقراءة الأخبار بالعامية.والأخبار من المجالات التي انتزعتها الفصحى بصورة نهائية فلا يجب التراجع عنها.
وفي المدارس من الواجب أن يتكلم المعلمون بالفصحى،على أقل تقدير بالفصحى المبسطة التي تسكن أواخر الحروف مع محاولة التحريك بشكل متزايد.
وامتلاك السليقة اللغوية يتطلب جداً وجدية وقد ذكرت مثال المحاضر الشنقيطية الرائع ولا نزال نتذكر مثال اللغة العربية كيف كانت قديماً تدرس في الأزهر وكيف صرنا نرى الآن خريجي أزهر لا يرفعون فاعلاً ولا ينصبون مفعولاً.
|