جلستُ في حضرته ، ونثرت إليه بعضا من فيض حبي... وغرست فيه بعضا من همومي... أخبرته عن الحال فتنهد، جرحت قلبي تنهيدته فعاندت عيني دمعةٌ ألاَّ تنزل إلا على صدره ... وما شعرت إلا وأنا القي الرأس بين ذراعيه... أطبقت العينين وأنا أنهل من فيض حبه وكأن وريدي رُبط بوريده فشعرت أنه يغذيني من منابع حبه اللا محدود ... ألصقت الرأس على ترابه فسمعت أنّاته ...آهٍ كم هو مؤلمٌ أن تسمع أنين الوطن الحبيب.. ذرفتُ الدمعة فسقطت في قلبه وصار يشكو لي فراق الأحبة..
قال تركوني لأشكي ويشكون الوحده... غادروا فسرقوا من العمر فرحه ... ومن الورد لونه... غادروني فتركوا في القلب أقسى الجراح.. وتركوا فراغاً ما غيرهم يملئه …طال فراق الأحبة وكلما مرت الأيام تزداد نيران الشوق اتقاداً... قلت لا عليك أيها الحبيب... مهما رحل من الأحبة إلا أن بقيةً لا يمكن إلا أن تغرس جذورها في أعماقك لتبقى للابد وها نحن بين الأيادي، وهم هناك لا ينسوك أبداً بل انهم يخدمونك أيها الوطن الغالي حتى وهم في ديار الغربة …. فقال اسمعي يا عنود " بعضُ الهوى لا يغني عن بعض والأبناء كلهم في الحب سواء.. وحضور البعض لا يُنسي الحاجة للغائبين... قلتُ صدقت ولكنهم بالتأكيد عائدون ... فقال ألم تقرئي رسالة عمــــر يقول: يُفكر … يتوق…. ولكن تتنازعه أمواج الأفكار فيحتار هل يعود إلى حضني أم يبقى في الغربة؟؟؟ قلت...يعودون ما دامت قلوبهم هنا بين يديك وان تغربت الأجساد... قال ليس الشوق إليهم وحده يدفعني ولكن الخوف عليهم من الإقتناع بأنهم هناك لمصلحتي... يضحون براحتهم وسعادتهم وهم غافلون ... لأن لا مصلحة لي ليكون أبنائي بعيداً عني، يرتمون في حضنٍ غير حضني ...لا نفع في الدنيا يضاهي مرارة شوقي إليهم وشكوى حنينهم إليَّ... أعرفُ ما في قلوبهم من حبٍ غُرِسَ فيهم مع كل ضحكة أطلقوها في ملاعب الصبا ... ومع كل تفاصيل النمو في مهد الذكريات الأولى ...اعرف ما يفكرون به ولكن طااااااال الشوق
|