[~~ ظايم الضد ~~]

ألقاه في اليمّ مكتوفاً وقال له .... إيّاك إيّك أن تبتل بالماء
رجل حبب إليه العلم من زمن الطفولة فتشاغل به ، ثم لم يحبب إليه فن واحد منه ، بل فنونه كلها ، ثم لم تقتصر همته في فن على بعضه ، بل يروم استقصاءه ..
مشكلته ان الزمان لا يسع ، والعمر أضيق ، والشوق يقوى ، والعجز يظهر فيبقى وقوف بعض المطلوبات حسرات .
يقول : كلما ملتُ إلى الانقطاع عن الشواغل إلى الخلوة ، صاح بي العلم أين تمضي ؟ أتعرض عني وأنا سبب معرفتك به !
فأقول له : إنما كنت دليلً وبعد الوصول يستغنى عن الدليل .
قال : هيهات .. كلما زدت ، زادت معرفتك بمن حولك ، وفهمت كيف القرب منه أو الابتعاد عنه ، ودليل هذا ، أنك تعلم ، إنك اليوم في نقصان .

يقول : لما فهمت صدق هذه المقولة ، شغفت وتعلقت بتلك الحالة ، وكلما تشاغلت بجمع الناس ، تفرق همي فلم اعد اهتم أو اغتم ، وإذا وجدت مرادي من نفعهم ، ضعفت أنا ، فأبقى في التحيز متردداً ، لا أدري على أي القدمين أعتمد .
هل اكتب العلم أم اركز على علاقتي مع صناعه ؟
أذا التفت إلى من يمكن ان يقودني لإعبر الطريق .. فوجدتهم لا يبيعون شيئاً من سلعها إلا بدين المشتري .
واقول ليت من نافقهم نال من دنياهم ، بل ربما ذهب فكرة وقناعته ولم يحّصل مراده .
إذا غيرت لباسي وخشّنتُ مطعمي ، لأن القوت لا يحتمل الانبساط ، نفروا منك لفراق العادة .. ومعلوم أن لين اللقمة بعد التحصيل من الوجوة المستطابة ثم تخشينها لمن لم يألف سعي في تلف النفس .
فيقول : كيف أصنع وماذا أفعل ؟
ويخلو بنفسه في خلوته ، ويزيد من البكاء على نقص حالته .. فيصف حال العلماء وجسمة يضعف عن إعادة العلم ؟ وحال الزهاد ، وبدنه لا يقوى على الزهد !
وحال المحبين ، ومخالطة الخلق تشتت همه ، ويتنقش صور المحبوبات من الهوى في نفسه ؟ فتصدأ مرآة قلبه .
إن آثرت التكسب كما يفعلون لم أطق .. وأن تعرضت لهم وطبعي يقيدني بالإبتعاد عن الذل وخلقي يمنعني - فلا يبقى للميل مع هذين الجانبين أثر .
وأكد اجزم ان مخالطتهم تؤذي النفس مع الأنفاس !!!
تحيرت في أمري ، وأنادي في صحراء خلواتي بما سمعته من بعض العوام ، وكأنه وصف حالي :
واحسرتي كم أداري فيك تعثيــــــري ... مثل الأسير بلا حبل ولا سيري
ما حيلتي في الهوى قد ضاع تدبيري ... لما شكلت جناحي قلت لي طيري

الا يحق لمثل هذا ان يتمنى طاقية الإخفاء ؟ .....

سلام