عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 17-10-2002, 06:16 PM
سلاف سلاف غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 2,181
إفتراضي

أخي الكريم
كنت أعرف شيئا عن الطباق، وأما التضاد فكنت أفهمه بالمعنى اللغوي لا الاصطلاحي. وعندما رأيت سؤالك لم أعرف الإجابة، وعزمت على البحث عنها.
ولا أكتمك أني وجدت الأمر مختلطا علي بينهما فقد تبادر لذهني أن الطباق يتعلق بالألفاظ والتضاد بالمعاني، ولكن بعد التمعن أرى الأمر غير ذلك.
أطمح أن يتكرم أحد الإخوان بإلقاء مزيد من الضوء على الموضوع.

-الطباق :-وهو الجمع بين الشئ وضده في التركيب الواحد ،وهو نوعان :-
طباق الإيجاب :وهو الطباق المباشر دون أدوات أو وسائط لغوية .

طباق السلب :ويكون بين الفعل المثبت والمنفي أو بين الأمر والنهي في تركيب لغوي واحد.


http://www.rafed.net/books/shear/fertosi/fr7.html
الطباق : « وهو الجمع بين لفظين مُقَابلين في المعنى ». كالطباق بين كلمتي « رجائي » و « يأسي » في قوله :
يـا سماءَ الخيال أنتِ سمـائي * أنت دنيا يأسي ودنيا رجائي
والطباق بين فعلي « تجود » و « يضنّ » في هذا البيت :
وتجـود من كـرم بـما أوتيتـه * ويضنُّ غيرك أن تعيش قنوعا (1)

والطباق بين « قريباً » و « بعيداً » في البيت التالي :
ولا تنسوا أحبـائي قـريباً * بعيداً عن حنوّ الأقرباء (2)

--------------------
http://www.faharis.net/texts/shelf.p...chID=23&page=1
يلاحظ أن التفكير الفني لأبي تمام في هذه القصيدة- وربما في كثير من شعره يعتمد- أساساً- على بنية التضاد، حتى لتنبني قصيدته على عدد من الثنائيات المتضادة، تؤدي هذه الثنائيات- بما تكتنزه من توتر وتناقض، وبما تشير إليه من نشاط عقلي وإتكاء ذهني- دورها في تصوير أبعاد الصراع الذي تحمله القصيدة على نحو يركز عليه قبل أي شيء غيره.
يفتتح أبو تمام قصيدته قائلاً:

السيفُ أصدقُ أنباءً من الكتبِ …….. في حدِّه الحدُّ بين الجدِّ واللعبِ
بيضُ الصفائحِ لا سودُ الصحائفِ في …….. متونهن جلاءُ الشكِّ والريبِ
والعلمُ في شُهبِ الأرماحِ لامعةً …….. بين الخميسين لا في السبعةِ الشهبِ
عجائباً زعموا الأيامَ مجفلةً …….. عنهن في صفرِ الأصفارِ أو رجبِ

ولا الخدودُ وقد أدمينَ من خجلٍ ….. أشهى إلى ناظري من خِّدها التربِ
سماجةٌ غنيت منا العيونُ بها ….. عن كلِ حسنٍ بدا أو منظرٍ عجبِ
وحسنُ منقلبٍ تبقى عواقبه ….. جاءتْ بشاشتهُ من سُوءِ منقلبِ
ويلاحظ أن التقنية الجديدة التي يستعملها أبو تمام من التضاد في هذا المقطع هي ما أسماه الشاعر (بنوافر الأضداد) الذي يشتمل فيه البيت على وصفين متضادين، الأمر الذي لاحظه وأشار إليه- من قبل- أستاذنا الدكتور شوقي ضيف، وذكر له عدداً من الأمثلة منها قول أبي تمام:
بيضاء تسري في الظلام فيكتسي ….. نوراً وتسربُ في الضياءِ فيظلمُ
الذي يعلق عليه بقوله: "أرأيت إلى هذا التضاد وهذا الضياء المظلم؟ إن حقائق الأشياء تتغير في شعر أبي تمام على هذه الصورة التي نرى فيها الضياء المظلم..."
ومنها قول أبي تمام في وصف الشراب:
جهميةُ الأوصافِ إلا أنهم ….. قد لَقبوها جوهرَ الأشياءِ
الذي يعلق عليه الدكتور شوقي ضيف بقوله: (فهي جهمية أي ليس لها اسم، لأن الأسماء في رأي جهم بن صفوان تطلق على الجواهر والأعراض.. "فقد رقت- كما ذكر التبريزي- حتى كادت تخرج من أن تكون عرضاً أو جوهراً أو أن تسمى شيئاً إلا أنها لفخامة شأنها لقبت جوهر الأشياء" فهي مسماة وغير مسماة في الوقت نفسه) (21).

ونضيف إلى ما قاله القدماء والدكتور شوقي ضيف التأكيد على أن هناك مصدراً مهماً نقترح إفادة أبي تمام منه- في هذا الصدد- بحكم ثقافته الواسعة (25) وبفعل الجو الديني الذي يتنفس فيه شعره في الجهاد الإسلامي، ذلك المصدر هو القرآن الكريم.
فقد استعمل القرآن الكريم- كما لاحظ البلاغيون القدماء ابتداء بابن المعتز ت 296هـ في كتاب البديع.. بصفة عامة الطباق. ونلاحظ أن هناك من السور المكية القصيرة التي تبدأ بالقسم سوراً اعتمدت بنية التضاد أساساً لمبناها يتغلغل خطابها على سبيل المثال: سورة الليل يقول الله سبحانه وتعالى:
والليل إذا يغشى/ والنهار إذا تجلى/ وما خلق الذكر والأنثى/ إن سعيكم لشتى/ فأما من أعطى واتقى/ وصدق بالحسنى/ فسنيسره لليسرى/ وأما من بخل واستغنى/ وكذب بالحسنى/ فسنيسره للعسرى/ وما يغني عنه ماله إذا تردى/ إن علينا للهدى/ وإن لنا للآخرة والأولى/ فأنذرتكم ناراً تلظى/ لا يصلاها إلا الأشقى/ الذي كذب وتولى/ وسيجنبها الأتقى/الذي يؤتي ماله يتزكى/ وما لأحد عنده من نعمة تجزى/ إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى/ ولسوف يرضى)
وفي هذه السورة الكريمة نجد أنفسنا إزاء ثنائيات متضادة متتابعة تشمل شتى المجالات:
1- من ظواهر الطبيعة: الليل × والنهار - يغشى × تجلى.
2- من البشر والخلق: الذكر × والأنثى.
3- من أعمال البشر: أعطى × بخل- اتقى × استغنى- صدق × كذب.
4- من حساب الله ومجازاته: الحسنى × العسرى- الآخرة × الأولى- سيجنبها الأتقى × يصلاها الأشقى.
وهكذا تتابع الثنائيات والمحصلة: أن تثبت الآيات الكريمة لله سبحانه وتعالى الخلق والأمر.
وتعمق التقابل بين الكفر والإيمان الذي هو قسمة طبيعية شأن الليل والنهار، وترتب على هذه القسمة في السلوك: الأشقى × والأتقى قسمة في الجزاء الجنة × والنار.
وهذه الثنائيات هي ما نلتقي به في سورة مكية قصيرة أخرى مبدوءة بالقسم أيضاً هي سورة الشمس: يقول الله تعالى:
(والشمس وضحاها. والقمر إذا تلاها. والنهار إذا جلاها. والليل إذا يغشاها. والسماء وما بناها. والأرض وما طحاها. ونفس وما سواها. فألهمها فجورها وتقواها. قد أفلح من زكاها. وقد خاب من دساها. كذبت ثمود بطغواها. إذ انبعث أشقاها. فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها. فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها. ولا يخاف عقباها.) صدق الله العظيم. فتطالعنا الثنائيات الآتية التي تتغلغل في أثناء الكون، ومجالات الخلق، والجزاء:
1- من ظواهر الطبيعة التي تشهد بوجود الخالق سبحانه ووحدانيته:
الشمس × القمر
النهار × الليل
السماء × الأرض
جلاها × يغشاها
وهذه القسمة تعادل القسمة إلى إيمان × وكفر، فمن السماء النور والهداية وعلى الأرض البشر والظلام، ولابد أن تتعانق السماء والأرض ليعم الخير ويتحقق مجتمع اللّه.
2- النفس البشرية التي سواها الخالق سبحانه:
فجورها × تقواها
دساها × زكاها
3- الجزاء والمحاسبة:
خاب × أفلح
الرد مع إقتباس