عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 23-10-2002, 05:21 AM
rasha rasha غير متصل
مصـــ التي فى خاطري ــــر
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2001
المشاركات: 193
إفتراضي

وبعد ذلك بعده أيام أعلنت خطبتهما في حفل عائلي بسيط, حضره أقارب أحمد وأهله الذين أعجبوا بمنى وحسن أخلاقها وجمالها... ومن يومها وهما يعدان عشهم السعيد بكل ما يلزمه ويتعجلان ذلك اليوم الذي سيضمهما معا في مسكنهما... فهي تخرج كل يوم من الصباح الباكر مع داده وجيده وأخوات أحمد لاختيار الأقمشة والثياب.. ومضى شهران مرا كلمح البصر, وأوشكوا على الانتهاء من الترتيبات النهائية, والجميع يرقبون السعادة في عيونهما ويتمنوا أن يتم كل شيء على خير..
وقبل العرس بيومين كانت منى بصحبة أحمد لشراء بعض التحف والكماليات... حين سقطت مغشيا عليها فجأة وسط ذهول أحمد الذي حملها بسرعة لأقرب مستشفى.. وأخذ ينتظر الطبيب حتى يطمئنه عليها ويخبره إنها بخير.. وان ما أصابها لا يعدو إلا إرهاق من أثر المجهود الذي بذلته في الأعداد للعرس, لكن الطبيب يتأخر... والدقائق تمر ببطء .. فأخذت أعصابه تتوتر وساورته هواجس مخيفه نفضها حين لمح الطبيب وهب لملاقاته.. – خير يا دكتور , ماذا أصاب منى ؟
- هل خطيبها,ا ؟ - بل خطيبها, وسيكون زفافنا بعد يومين, ماذا حدث؟
فوجم الطبيب يحاول أن يرتب كلماته... فأحس أحمد بانقباضه صدره تعود وهو يسمع الطبيب يقول - يؤسفنى يا بنى أن أخبرك أن خطيبتك مصابه بتلف فى صمام القلب في مرحله متأخرة منه ولا تجدي معها جراحه, ما حدث لها كان أزمة قلبيه عنيفة.. ندعو الله أن تمر بسلام.. وهى الآن يلزمها الراحة التامة والابتعاد عن أي انفعال.
فذهل أحمد من هول الصدمة.. ولم يتمالك نفسه وهو يخاطب الطبيب بحده - كيف لا تجدي الجراحة؟؟! ألا يوجد علاج يمكن أن يشفيها ؟ّّ!!
- مع الأسف يا بنى حالتها متأخرة جدا, يجب عليك أن تؤمن بقضاء الله وتكون قويا لتعينها على تحمل أقدارها... فانهمرت الدموع تغطى وجه أحمد.. وأندفع يجرى صوب حجره منى.. فوجدها راقدة في فراشها مسدلة الأجفان... فأقترب منها فى خطوات مثقلة.. وجثي على ركبتيه بجوارها وامسك بيدها.. وانهمرت دموعه الغزيرة تبللها.. وقد أخذ يدعوا الله أن ينقذها, واخذ يتأمل وجهها الشاحب الحزين.. ترى كم سيتبقى له من أيام ليعيشه بجوارها؟؟ .. ودخل الطبيب حياته دونها.. ودخل الطبيب وأمره أن ينتظر بالخارج ريثما يجروا بعض الفحوص والتحاليل.. وعندما أفاقت طلبت رؤيته.. فدخل إليها فوجد وجهها باهتا شاحبا.. وأقبل عليها متظاهرا بالمرح..
- كيف حالك الآن ؟ لقد طمأنني الطبيب فقد أجهدتِ نفسك في الفترة الماضية وعليك أن تلتزمي بأوامر الطبيب وتلزمي الراحة التامة لبعض الوقت.
- الحمد لله, أنا أفضل الآن, ماذا أخبرك الطبيب عنى ؟ هل حالتي خطيرة؟
- لا, أبدا انك بخير, مجرد مجهود زائد وإرهاق.
- لا تكذب على يا أحمد.., فأنا لست خائفة من شيء.. وراضيه بقضائي.. فكما قلت لك انك اختزلت كل سنيني فى الأيام التي عرفتك فيها.. لقد أعطيتني طعما مركزا للسعادة في تلك المدة القصير التي إذا وزعت على أيام عمري لفاضت بالهناء.., لكنى احمد الله على كل شيء..فقد أعطيتني فى أيام ما كنت ستعطيني في سنين, أن الأيام الحلوة تنفذ بأسرع مما نتصور, ولم يعد في العمر بقيه.
- لا يا منى, لا تقولي هذا.. ما أعطيتك من لحظات السعادة هي حقك.. وقد منحتينى أضعافه.. وستبقى لأمنحك المزيد... ستنجين وسنتزوج وستنجبين العديد من الأولاد الذين سيملأون بيتنا مرحا وسعادة كما كنت دوما تحلمين...
فنظرت إليه نظره ملؤها العطف... وتركت دموعها تتكلم ... فضمها إليه في قوه يحكم قبضته عليها لا يريد أن يتركها.. وقد انسابت دموعه واختلطت بدموعها حتى لم تعد تفرق بينها......
وشعر بها تنسحب في هدوء.. فإذا بقبضتها تتراخى..وصوتها يخفت.. وأنفاسها تخمد.. وانتفضت بين يديه انتفاضه خفيفة فارقت بعدها الحياة هامسة ِبسمهُ.....
فأحس بدمائه تتجمد في عروقه.. وطنين يملأ أذنه.. وعاصفة تجتاح صدره تكاد تقتلع قلبه... لقد فقدها.. فقدها للأبد, كان يتمنى أن يعوضها بحبه عن أيام الشقاء لكن....
أرقدها في فراشها وأسدل أجفانها.. وأزاح عليها الملاءة البيضاء.....
ومضى.ن المستشفى متثاقل الأطراف بعد أن ترك بها أغلى كنوزه.......
ومضى ... ليعيش مع الذكرى.....

(تمت)
[/COLOR
__________________
وطنى لوشغلت بالخلد عنه**** نازعتنى اليه في الخلد نفسى
الرد مع إقتباس