الموضوع: رجل بأُمَّة
عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 23-10-2002, 03:14 PM
فارس نجد فارس نجد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 222
إفتراضي

أمي تُذَّكِّرُني

حفظ الصبي عبد الله القرآن، وتلقّى تعليمه الشرعي كغيره من أبناء جيله في ذلك الوقت.. لكنه تميز عنهم بمصاحبته لكبار علماء عصره الذين كان يحرص والده الشيخ حسين على استضافتهم في بيته بمنطقة خولان الجبلية.. تلك المنطقة التي لها فضل كبير على سكانها؛ فقد ربتهم جبالها الوعرة على القوة والشجاعة..

وقد أضافت حادثة إعدام والده وعمه بُعداً جديداً لشخصيته.. حيث ازداد تصميمه على تخليص البلاد من ذلك الكابوس المسمي بالأئمة.. وكذلك والدته التي لم تَفْتُر همتها يوماً عن تذكيره بضرورة القصاص من قاتل والده.. وهكذا شاءت أقدار الله عز وجل أن تمتزج الدوافع الشخصية بالآمال الوطنية في تكوين شخصية ذلك الطفل الذي سيغير وجه الحياة السياسية في اليمن في السنوات القليلة القادمة..

وَثَّق عبد الله صلاته بالقبائل الذين اعتبروه الوريث الشرعي لرئاسة مشيختهم بعد إعدام شيخهم حسين الأحمر.


أمروا قضبان سجني

وما إن وصل عبد الله إلى سن السادسة والعشرين حتى نما نفوذه القبلي وسط قبائل "حاشد" التي تُعَد أكبر تجمع قبلي في اليمن، والتي تضم مئات البطون القبلية في داخلها..

وهنا سَمِع الإمام أحمد به وخشي على سلطانه من هذا الشاب الذي لم ينس يوماً دماء والده وعمه.. فقرر أن يعطي الفرصة لقضبان السجن في أن تُحَجِّم نشاطه.. وبالفعل ظل الشيخ الصغير عبد الله بن حسين الأحمر يئن من مرارة الاعتقال ثلاث سنوات.


ثورة وأنا بين الجدران

كانت الأنباء تأتيه خلالها بأن الأوضاع في الخارج لم تعد تحتمل.. وبأن هناك حركة سرية في صفوف الجيش تدبر للانقلاب.. وكانت اللحظة التي عاش يُمَنِّي نفسه بها طيلة حياته.. تحرك الثوار وأيّدتهم مصر برجالها وسلاحها.. وقامت حرب لم تشهد لها اليمن في تاريخها الحديث مثيلاً.. قُتل من الجيش المصري وحده على سبيل المثال قرابة 20 ألف جندي على أقل تقدير.. فما بالك بمن قُتل من مؤيدي الثورة.. وشاءت الأقدار أن ينجح الثوار..


ساعة القصاص حانت

ويخرج بعدها الشيخ عبد الله بن حسين وقد بلغ من العمر التاسعة والعشرين..خرج وهو يريد أن يشفي غليله.. ويقتص لوالده وعمه.. فجمع قبائل "حاشد" حوله وراح يطارد قوات الإمام التي لم تزل متحصنة خارج صنعاء.. واستطاع أن يحقق عليهم في عام 1962 انتصارات سجلت اسمه على رأس قائمة الثوار الأحرار.. ولم يستطع الإمام بدر – آخر الأئمة الذين حكموا اليمن- أن يصمد أمام هجمات الشيخ عبد الله ورجاله.. ففرّ خارج اليمن.. وطُوِيت بذلك صفحة مثيرة من تاريخ اليمن استمرت عدة قرون لتفتح صفحة جديدة يبرز من خلالها الشيخ الشاب عبد الله بن حسين الأحمر كحلقة وسط بين رجل الدولة والزعيم القبلي..
__________________