عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 12-11-2002, 01:36 PM
الدومري الدومري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 3,868
إرسال رسالة عبر  AIM إلى الدومري
إفتراضي الأسرة في المجتمع الغربي المعاصر

ثانيا – الأسرة في المجتمع الغربي المعاصر :
تبنت الحضارة الغربية منذ نهضتها في العصور الوسطى عنصرين من الثقافة ما فتئا يتنافسان في محتواها و في مصيرها :
= العنصر اليوناني اللاتيني الذي يتغلب عليه طابع المادية الاستمتاعية و العقلانية .
= العنصر المسيحي الذي يتغلب عليه طابع الروحية و التجرد من الشهوات و أدى ذلك الى التنافس الى تناقضات خطيرة و مستمرة بين الفكر المادي و ما يحمله من نزعات علمانية و ترفيهية و تجريبية و الفكر الديني الذي يدعو الى الامتثال المستسلم للتعاليم الكتابية و التشريعات الكنيسية .
ثم اتسعت الفجوة بين تعاليم الدين و واقع الحياة و لاسيما في القرون الأخيرة مع حدوث التطورات الثورية الحاسمة في ميادين الفكر الفلسفي و النظام الاقتصادي و التقدم العلمي و التكنولوجي مما أدى الى تضاؤل القيم الدينية و الخلقية و الى طغيان المفاهيم المادية . و كانت الأسرة هي الضحية الأولى لذلك التحول الجذري
1= العامل العقائدي :
كانت الكنيسة لعهد طويل تهيمن على نظام الأسرة طبقا للتعاليم الكتابية القديمة التي تحرم الزنا و ترفض الطلاق و تمنع تعدد الزوجات الا ان السلوكيات الاجتماعية كانت في الواقع كثيرا ما تفلت من قبضتها مما جعل الكنيسة تتسامح معها و تتغافل عن زلاتها بل و تغفر فاحشتها و ذنوبها .
و لما طغت الحركة الفكرية العلمانية اللادينية جرت من ورائها كل المكونات الحضارية من علوم و فنون و اقتصاد و أخلاقيات و نظم سياسية و اجتماعية و هكذا تجردت الأسرة في تيار الحضارة الغربية من قداستها الروحية و مقوماتها الشرعية و الأخلاقية و اتسع ميدان البغاء المأجور و المعاشرة الطليقة و المخاتنة الصريحة و المتاجرة بالشهوات و الجنس .
2= العامل الاقتصادي
كان الاقتصاد عاملا حاسما في تغيير البنية الاجتماعية التقليدية و لا سيما في تفرق الأسرة التي فقدت روابطها الاقتصادية و تماسكها العضوي و تعاضدها المادي و المعنوي , و ابتدأ الانحلال مع هيمنة البرجوازية الرأسمالية على النظام الاقتصادي حينما تأسست الورشات الصناعية و الشركات التجارية و المؤسسات المصرفية و تطورت وسائل الإنتاج و المواصلات و التوزيع و ذللت الطاقات الطبيعية و الاصطناعية مما أدى الى نشوء مراكز اقتصادية قوية تجذب عددا متزايدا من الفئات العاملة ذكورا وثم إناثا تنزح من الأرياف و من القرى طلبا للثراء و الرفاهية . وفي نفس الوقت الذي تنفصم فيه عصبة الأسرة الكبيرة تتربى في النفوس روح الفردانية و التنافس التي تجمع الناس و تفرق بينهم في آن واحد. ذلك التهجير البشري و تلك الروح الفردانية احدثا ظاهرة انفصالية خطيرة حطمت دعائم الأسرة المادية و المعنوية و هي ان الابتعاد المبكر للأولاد ثم استقلالهم الاقتصادي قطع الأوصال التكاملية و التعاضدية بين كبار الأسرة و صغارها في حاجتهم المتبادلة الى الخدمات و المساعدات.
هذا لا يعني ان النظام الرأسمالي اللبرالي هو وحده المسؤول عن اضمحلال الأسرة فان نفس الظاهرة تحدث في المجتمع الاشتراكي بقدر ما يخضع لنفس المادية الوجودية و لا يعترف بمشروعية الأسرة و روابطها الروحية .
كما ان المجتمع الاشتراكي في مظهره التطبيقي افقد الأسرة حتى روابطها البيولوجية- الاجتماعية- بسبب توليه عن طريق الدولة و المؤسسات الاجتماعية كل الخدمات المعاشية و التربوية و المهنية و التعاضدية التي تربط بين أفراد الأسرة . و لهذا تشهد الأسرة في البلدان الشيوعية المتقدمة نفس التقلص في الحجم و الانشطار في الهيكل.
3 – العامل الثقافي :
لم يكن العامل الثقافي أقل تأثيرا من العاملين الأيديولوجي و الاقتصادي لأنه وثيق الارتباط بهما بعكس المبادئ الفكرية و الروحية كما يخضع للدوافع المادية و الاستمتاعية و الترفيهية. مقاييسه الإنتاجية تكمن في تلبية دوافع الاستغناء و الاستثراء و مقاييسه الاستهلاكية تكمن في تلبية الطموحات المادية و إثارة النزعات الشهوانية . ة هكذا تحررت الأفكار من قيود المسؤولية و حدود الشرائع الدينية و اندفعت في تيار المادية الاستهلاكية البخيلة و أخضعت لأهدافها الاستمتاعية كل التظاهرات الثقافية و لا سيما في العشرينات الأخيرة حيث طغت المادية على فلسفة العلوم و تطبيقاتها التكنولوجية و تسربت الإباحية في حقول الثقافة فحولتها الى سوق عظيم يتاجر بالشهوات الطبيعية منها و المنحرفة في حوانيت ، الكتب ، و المجلات و الأفلام و الإذاعات و الفنون و مرافق اللهو و التسلية و تجردت الحياة الزوجية و العائلية من روابطها العاطفية و شهواتها المتحصنة و سماتها الجمالية و تقاليدها الثقافية و وظائفها الأدبية و التربوية و شمائلها الأخلاقية و أصبحت من فقرها في قفرها (( كالنعجة العجفاء ايَان ما تعدل الريح تعدل ))
هذا ما آلت اليه الأسرة في الحضارة التي هيمنت على العالم المعاصر بما وصلت اليه من قوة مادية و ازدهار علمي و تفوق تكنولوجي و اقتصادي و نفوذ سياسي و عسكري ،
.................................................. .................................


و هذا هو نموذج الأسرة الهزيل الذي يراودنا عن نفسه ليكون لنا قدوة و مثالا.
__________________
مابعرف شو بدي قول الطاسة ضايعة