عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 13-11-2002, 01:28 PM
الدومري الدومري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 3,868
إرسال رسالة عبر  AIM إلى الدومري
إفتراضي

الأسرة الإسلامية و تحديات المعاصرة :
على مدى عصور الانحطاط و أثناء العهد الاستعماري كانت الأسرة الإسلامية في البلدان العربية و غيرها معقل الأصالة الحضارية و مدرسة القيم الأخلاقية و قلعة المناعة الروحية . و ها هي الان تخوض غمار المعاصرة و تفتح ذراعيها لاحتضان المدنية الغربية شكلا
و مضمونا .
و ما يظهر فيها من آثار الغزو الحضاري و الإغراء الثقافي الذي يشهد عنها بما تبديه من ضعف و ما يبديه من قوة و نفوذ .
و لما كانت الأسرة هي الدعامة الأساسية التي يقوم عليها المجتمع و هي المركز الذي تشع منه مصابيح الحضارة التي تسير على ضوئها الأجيال فان حمايتها أصبحت من المهمات الأولى و لكن سياسة الأسرة تقتضي منهجية علمية واضحة بعيدة المدى ترتكز على معرفة
و تحليل عوامل التطور و التأثير في كيفياتها و مراحلها .

1 = الأسرة و تأثيرات الغزو الحضاري :
ان مبدأ التحول يقع في الأصول العقائدية اما مباشرة بسبب الضعف الذي يطرأ على الضمير الديني و اما عن طريق العوامل الحضارية الأخرى من أخلاقية و ثقافية و اقتصادية التي تؤثر بدورها على المكنون الديني . و إذا انهارت الأصول العقائدية و ما يتبعها من مقومات أخلاقية فقد ينهار معها الهيكل الاجتماعي كله في كيانه و سماته الحضارية .

2 – المراحل التي تمر عليها التحولات الاجتماعية و التي تجر الى انحلال الأسرة :
تحدث التأثيرات على مراحل تتفاعل فيها العوامل الحضارية المختلفة كما ظهر ذلك في تطورات المجتمع الغربي في أوربا و أمريكا و كما كان أو قد يكو مثله في المجتمعات العربية و الإسلامية كما يلوح ذلك في أفكار و سلوكيات بعض الفئات الهامشية و لا سيما الشباب و في كثير من المغتربين و المستغربين.

أ= المرحلة الأولى مرحة ثقافية :
تظهر في التعاطف الأدبي و التشبه الكلي بمظاهر المجتمع الغربي و التي تتجلى في الحياة المنزلية و التظاهرات الثقافية و التعاملات العاطفية بين الجنسين في التخاطب و الاختلاط المدرسي و المهني و الديني و في تقدير المقاييس الجمالية في اللباس و المأكل و المشرب و تأثيث المنزل و أنواع التسلية وفي الذوق الأدبي و الفني و قد تجر الى ذلك كل أنواع المواصلات و الاتصالات و أساليب التكوين و الإعلام .

ب= المرحلة الثانية مرحلة أخلاقية :
تتمثل في تغيير المفاهيم و المقاييس الأخلاقية و التصرفات الاجتماعية و تحررها من القيود العرفية و الدينية . تتجلى تلك المرحلة في العوارض الانحلالية كالمعاشرة الجنسية غير الشرعية و العهارة المتجلية و الا عراض عن المسؤولية الزوجية و انتشار عمليات التعقيم و الإجهاض غير المبررة صحيا او شرعيا و ارتفاع عدد الأطفال اللقطاء و الأمهات العازبات و الفتيات البائرات و النساء المطلقات و كثرة النشوز بين الأزواج و الأجيال مع انفلات الشبان من سلطة الوالدين و عصبة الأسرة بغض النظر عن العواقب الصحية الخطيرة التي تتمثل في انتشار الأمراض الجنسية المعدية التي تتبعها و منها العقم .
و أخطر من ذلك كما تشير اليه
الكاتبة الفرنسية افلين سولورو Evelyne Sullerot في كتابها pour le meilleur et non le pire . الذي تحلل فيه تطور الأسرة و انحلال المجتمع الفرنسي هو ان الناس يتعودون بالتغيرات و كلما انتشرت و عمت في المجتمع هانت خطورتها و تقبلها الرأي العام و لا سما في المدن الكبرى .
هذه المرحلة تمثل الواقع الذي يتغير في ذاته سواء بعوامله الداخلية أو بالتأثيرات الخارجية و تمتد مظاهره في المجتمع بدون أن تتدخل الهيئات الرسمية لا لإدانته و لا لتشجيعه فكأنما كل الفئات الاجتماعية تسير مع التيار الجارف و تستسلم لقدره المحتوم .
ج= المرحلة الثالثة تتميز بتخلي الهيئات التشريعية عن النصوص الثابتة المقررة ثم باستبدال تلك النصوص بقوانين وضعية تسامحية و إباحية تتعامل مع التحولات الذهنية و الانحرافات الأخلاقية و السلوكية أكثر مما تتحكم فيها . و بدوره يشجع هذا الاعتراف نزعات الانحراف الى ان يذوب المجتمع مع ذوبان قيمه الأخلاقية. (( و إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ))
و هكذا تتعرض الأسرة الإسلامية – و اعتقادنـا إنها في الشام مثلها مثل ما هي في المغرب العربي او في البلدان الإسلامية الأخرى – لإعصار ثقافي خطير يتسلل خلال البيوت و الأجيال ليزعزع مبادئها الشرعية و الأخلاقية و يفتت روابطها الاجتماعية.
غير ان المجتمعات الإسلامية لم تصل في أعماقها الى درجة الانكسار الذاتي و الانهيار الخلقي بل ثارت فيه ردود فعل فكرية و أخلاقية استنكارية و استصلاحية ترفض النموذج الغربي للسرة في المظهر و المعنى و تصر على التمسك بسماتها الأصيلة الا ان هذا الإصرار لا يقي من الأخطار إذا لم يكن مرتكزا على المنهجية الرشيدة التي تتشبث بالمبادئ الثابتة و لا تجهل الواقع الحضاري المتغير و المتطور .
__________________
مابعرف شو بدي قول الطاسة ضايعة