عرض مشاركة مفردة
  #16  
قديم 04-03-2003, 12:05 PM
السلفيالمحتار السلفيالمحتار غير متصل
لست عنصريا ولا مذهبيا
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2002
المشاركات: 1,578
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى السلفيالمحتار
إفتراضي




لقد دخل العالم، الان، العقد الثالث من الازمات والمخاطر التي خلقها صدام حسين للسلم والامن الدوليين. ففي عام 1980شن حرب الثماني سنوات ضد ايران. واستخدمت الاسلحة الكيماوية، وقتل وجرح ما لا يقل عن مليون ونصف المليون شخص. وفي عام 1990 غزا الكويت في حرب هدفت الى استئصال وجود دولة ذات سيادة شرعية. واذ ارغم على الخروج من الكويت، لجأ، عمداً، الى خلق مشاكل بيئية هائلة الخطورة على البشر. فقد استخدام الاسلحة الكيماوية ضد الشعب الكردي في هجوم على نطاق ابادة جماعية، وأرسل قواته الى كردستان لاقتراف مذبحة واسعة. وكدس، على نحو لا يلين، اسلحة الدمار الشامل وواصل تطويرها. وحول العراق الى دولة تثير وتدعم وتمارس الارهاب. وما من دكتاتور اخر يضارعه، اليوم، في سجله في الحرب، والاضطهاد، واستخدام اسلحة الدمار الشامل، ومواصلة الانتهاك المهين للقانون الدولي، كما حددته الافعال الجماعية لمجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة.
ومقابل هذه الخلفية فان الكثير من الجدال الدائر حالياً يتجاهل حقائق السلسلة الطويلة من خطوات الامم المتحدة لكبح جماح صدام حسين وتفويض العمل ضد نظامه. ان اساساً قوياً يوجد لعمل عسكري عاجل ضد صدام حسين، ومن اجل جهد متعدد الاطراف لاعادة بناء العراق بعد رحيله.
لقد فوضت سلسلة مذهلة من قرارات مجلس الامن عام 1990 وعام 1991 الحرب لاخراج قوات صدام من الكويت. وكان هذا هو الاساس لحملة «عاصفة الصحراء» التي حققت النصر في حرب الخليج عام 1991. وبذلك النصر العسكري، اعلن قرار مجلس الامن «الايقاف المؤقت» للعمليات الهجومية، تاركاً، عن قصد، التفويض الاصلي لاستخدام القوة من دون مساس. ثم فرض قرار مجلس الامن 687 سلسلة من المطالب على العراق بهدف الحفاظ على السلم والامن في المنطقة. ونقل هذا الامر القضية المضادة لصدام حسين الى ما هو ابعد من مسألة تحرير الكويت للتركيز على ازالة اسلحة الدمار الشامل في اطار التفتيش الدولي. وبكلمات اخرى فان تهديد العراق المسلح على نحو حاسم للمنطقة وللعالم جرى الاعتراف به كاملاً، والاعلان عن انه امر غير مقبول.
وفي السنوات الاولى بعد عاصفة الصحراء كشف مفتشو الامم المتحدة عن تسهيلات عراقية تستخدم لتصنيع اسلحة الدمار الشامل. وقد فككوا اسلحة تخصيب اليورانيوم والاسلحة النووية الاخرى، ودمروا مصنعاً للاسلحة الكيماوية، ومئات من رؤوس الصواريخ المزودة بغازات سامة. وجرت مواجهة مخاطر عدم تعاون العراق عبر الضربات الاميركية. ولكن حتى الاذعان العراقي المحدود تقلص الى حد كبير ، بمرور الزمن.
لقد فعل مفتشو الامم المتحدة ما استطاعوا فعله. فوجدوا الكثير، ولكن فاتهم ما هو اكثر ففي عام 1995 هرب الفريق حسين كامل حسن المجيد، صهر صدام حسين، وكشف عن ان الرئيس العراقي كان ينتج اسلحة بيولوجية في مركز لم يجد فيه المفتشون شيئاً. وجرى تدمير المركز، الذي كان قد انتج 30 الف لتر من العناصر البيولوجية، بما فيها سموم الانثراكس والبوتيولينوم غير ان عجز عمليات التفتيش في العراق كان امراً جلياً.
وفي عام 1997 صعد صدام من حملته في انتهاك واعاقة عملية التفتيش وتوجيه التهديدات للقائمين بها. فقد نشط انظمة صواريخ ارض ـ جو لاعاقة عمليات الطيران الخاصة بالتفتيش. وطرد كل الاعضاء الاميركيين في فرق التفتيش. وفي عام 1998 رفض صدام حسين دخول المفتشين الى «المواقع الرئاسية» ـ وهي القصور الكثيرة التي شيدها لنفسه في مختلف انحاء العراق. وردت الولايات المتحدة بتصعيد عسكري، بما في ذلك نشر قوات برية في الكويت. وفي خطاب في وزارة الدفاع (البنتاغون) في فبراير (شباط) 1998، قدم الرئيس كلينتون تفاصيل عن انتهاكات العراق، واعلن ان على صدام حسين ان يوفر تحركاً كاملاً وحراً وغير مقيد للمفتشين، او ان الولايات المتحدة ستبدأ هجوماً لارغامه على الاذعان لذلك.
وفي محاولة لنزع فتيل الازمة توصل الامين العام للامم المتحدة كوفي انان، في الشهر ذاته، وعبر المفاوضات، الى مذكرة تفاهم بين العراق والامم المتحدة تعهدت بـ«وصول مباشر وغير مشروط وغير مقيد» الى اي موقع بالنسبة لعمليات التفتيش. وصادق قرار لمجلس الامن على مذكرة التفاهم وحذر العراق من «العواقب الوخيمة» اذا ما جرى انتهاك المذكرة.
وفي عام 1998 ابلغ كبير مفتشي الامم المتحدة مجلس الامن ان العراق يعيق، مرة اخرى، عمليات التفتيش، وفي قرار اخر ادان المجلس العراق على ايقافه تعاونه، واخفق جهد آخر للامم المتحدة لكسب تعاون العراق، ذلك ان العراق أعلن انه اوقف كل اشكال التعاون مع عمليات تفتيش الامم المتحدة. وفي جلسة طارئة اقر مجلس الامن القرار رقم 1205 يوم الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1998، وفيه ادان عمل العراق باعتباره «انتهاكا فظا» للقرارات الاصلية لعامي 1990 ـ 1991. ومنذ ذلك الحين لم يحدث شيء ذو شأن. وان الفشل في القيام بعمل عسكري ضد صدام حسين بعد انتهاكه الفظ عام 1998 قد منحه ما يقرب من اربع سنوات في ان يواصل، من دون عوائق، تطوير وتكديس اسلحة الدمار الشامل.
وقام العراق بأفعاله، في الواقع العملي، بانهاء وقف اطلاق النار المتفق عليه عام 1991، في نهاية حرب الخليج، وأعاد تنشيط التفويض «المعلق» لاستخدام القوة العسكرية ضد العراق. ولم يعد بامكان احد ان يزعم انه يمكن ازالة اسلحة الدمار الشامل في العراق عبر برنامج تفتيش. ان قرار مجلس الامن ما زال قائما: صدام حسين مسلح بأسلحة الدمار الشامل شيء غير مقبول. والقوة العسكرية ضد صدام ضرورية ومفوضة لتخليص العراق من اسلحة الدمار الشامل.
لقد استنفدت الطائفة الكاملة من البدائل القانونية والدبلوماسية المعقولة، والبدائل الاخرى. واستخدمت كل الاشكال الممكنة من القوة: العقوبات، الحصار، التصعيد العسكري الواسع لتهديده بالاذعان، والعمليات العسكرية المحدودة في صيغة ضربات جوية وضربات بصواريخ كروز، وتشجيع المعارضة الداخلية، والاستثارة الايجابية عبر برنامج «النفط مقابل الغذاء»، والدبلوماسية بمختلف الاشكال ـ المنفردة، المتعددة الاطراف، السرية والعلنية، المباشرة وعبر الوسطاء. ولم يؤد كل ذلك الى شيء. ان اية خطوات اضافية لن تفعل غير ان تمنحه مزيدا من الوقت وتصعيد الخطر.
ان الدفاع عن الذات اساس فعال للعمل الوقائي، والدليل واضح على ان صدام حسين يواصل تكديس اسلحة الدمار الشامل. كما انه اكد استعدادا لاستخدامها ضد اهداف داخلية وخارجية ايضا. وفي الوقت الحالي فان مخاطر عدم القيام بفعل تتجاوز، بوضوح، مخاطر القيام بفعل. فاذا كانت هناك افعى في الفناء، فان المرء لا ينتظر هجومها قبل ان يتخذ عملا دفاعا عن نفسه.
ان الخطر عاجل. وان تصنيع اسلحة الدمار الشامل تتزايد صعوبة مواجهته كلما مر يوم آخر. وعندما لا يكون الخطر مئات من الناس يقتلون في حرب تقليدية، وانما عشرات او مئات الالوف يقتلون في هجوم كيماوي او بيولوجي او نووي، فان عامل الزمن يكون اكثر الحاحا.
ان الوقت يتحرك بسرعة نحونا، عندما يمكن لامتلاك صدام حسين للاسلحة النووية ان يحول الوضع الاقليمي والدولي الى ما كنا نطلق عليه في الحرب الباردة تعبير «توازن الرعب». ويجادل البعض بأن القيام بعمل، الآن، قد يحفز صدام حسين على استخدام اسوأ اسلحته. ان مثل هذا الابتزاز الذي يفرضه المرء على نفسه يفترض قرارات اسهل عندما يكون مؤهلا بصورة افضل مما هو عليه الآن. ان الزمن حليفه وليس حليفنا.
اما القلق بشأن مستقبل العراق فقلق مشروع. ففي اعقاب نهاية النظام العراقي الحالي يمكن ان ينبثق عراق جديد كدولة موحدة ذات سيادة تتخذ شكلا فيدراليا يحترم الاكراد والسنة والشيعة. ان مجموعة من الخطوات الانتقالية المرحلية، بما في ذلك عمليات الاستفتاء والانتخابات، يمكن تنفيذها، ومشاركة الطائفة الواسعة من الاحزاب والجماعات السياسية العراقية في المنفى وفي داخل البلاد من المعارضين لنظام صدام منذ سنوات مديدة.
وبالنسبة للشرق الأوسط سينتهي مصدر رئيسي من مصادر الارهاب وعدم الاستقرار، ودعمهما. اما اولئك الذين يجادلون بأن الازمة العراقية يجب تأجيلها لحين تحقيق تقدم بين الاسرائيليين والفلسطينيين، فانهم يطرحون مهمة مستحيلة. وبالنسبة للعالم العربي ككل فان عراقا جديدا يوفر الفرصة للشروع بقلب الركود الذي تجلت تفاصيله في «تقرير التنمية البشرية العربية لعام 2002» الذي نشرته الامم المتحدة مؤخرا.
ويصف التقرير كيف ان المجتمعات العربية يشلها الافتقار الى الحرية السياسية، واضطهاد النساء، والعزلة عن عالم الافكار التي تكبت الابداع.
ان تاريخ العراق، وانجازات ابنائه، وحضارة ماضيه العريقة، وموارده الطبيعية الهائلة، كلها تشير الى امكانية تحول ايجابي ما ان تنتهي عبودية صدام ونيره. وفي هذه العملية يمكن ان يظهر نموذج قد تتطلع اليه المجتمعات العربية الاخرى، وتحاكيه في عملية تحولها، وتحول المنطقة بأسرها. ان تحدي العراق يوفر فرصة لانعطافة تاريخية يمكن ان تقودنا في الاتجاه نحو مستقبل اكثر امنا وحرية ورخاء.
هذه لحظة حاسمة في الشؤون الدولية. فالتفويض بالقيام بعمل امر واضح. وقد قمنا بجهود لا نهاية لها من اجل دفعه الى العمل على تنفيذ قرارات مجلس الامن الجماعية. لنتوجه الى مجلس الامن، ونؤكد هذه القضية بحرص واهتمام بلد عازم على القيام بعمل حاسم. وهذه القضية الفعالة للعمل الآن يجب ان تطرح بحزم ومن دون ابطاء على الكونغرس. وسيتعين على اعضائه ان يقفوا ويستعدوا لعد الاصوات ولنذهب، من ثم، الى انجاز المهمة
__________________
من روائع شعري
يمامتي
ابيحوا قتلي او طوقوا فكري سياجا
فان قتلي في دجى الليل سراجا
EMAIL=candlelights144@hotmail.com]لمراسلتي عبر الإيميل[/email]