(( الجزء الرابع ))
فروي عن الفرزدق الشاعر أنه قال : حججت بامي سنة ستين ، فبينا أنا أسوق بعيرها حين دخلت الحرم إذ لقيت الحسين بن علي عليهما السلام خارجا من الحرم معه أسيافه وتراسه فقلت : لمن هذا القطار ؟ فقيل . للحسين بن علي ، فأتيته فسلمت عليه وقلت له : أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحب يا ابن رسول الله بأبي أنت وأمي ما أعجلك عن الحج ؟ قال : ( لولم أعجل لاخذت ) ثم قال لي : ( من أنت ؟ ) . قلت : امرؤ من العرب ، فلا والله ما فتشني أكثر من ذلك ، ثم قال :
( أخبرني عن الناس خلفك ؟ ) فقلت : الخبير سألت ، قلوب الناس معك وأسيافهم عليك ، وسألته عن أشياء من نذور ومناسك فأخبرني بها ، ثم حرك راحلته وقال : ( السلام عليكم ) ، ثم افترقنا . ولحقه عبد الله بن جعفر بكتاب عمرو بن سعيد بن العاص والي مكة مع أخيه يحيى بن سعيد يؤمنه على نفسه ، فدفعا إليه الكتاب وجهدا به في الرجوع فقال : ( إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام وأمرني بما أنا ماض له ) . قالا : فما تلك الرؤيا ؟ فقال : ( ما حدثت بها أحدا ولا احدث أحدا حتى ألقى ربي عزوجل ) . فلما يئس عبد الله بن جعفرمنه أمر ابنيه عونا ومحمدا بلزومه والمسير معه والجهاد دونه ، ورجع هو ويحيى بن سعيد إلى مكة . وتوجه الحسين عليه السلام نحو العراق ، ولما بلغ عبيدالله بن زياد إقبال الحسين عليه السلام إلى الكوفة بعث الحصين بن نمير صاحب شرطته حتى نزل القادسية ، ولما بلغ الحسين عليه السلام بطن الرملة بعث عبد الله ابن يقطر - وهوأخوه من الرضاعة - وقيل : بل بعث قيس بن مسهر الصيداوي إلى أهل الكوفة ، ولم يكن علم بخبر مسلم ، وكتب معه إليهم كتابا يخبرهم فيه بقدومه ، ويأمرهم بالانكماش في الأمر . فأخذه الحصين بن نمير وبعث به إلى عبيدالله بن زياد ، فقال له عبيدالله بن زياد : إصعد وسب الكذاب الحسين بن علي . فصعد وحمد الله وأثنى عليه وقال : أيها الناس ، هذا الحسين بن علي خير خلق الله ، ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنا رسوله إليكم فأجيبوه ، ثم لعن ابن زياد ، فأمر به فرمي من فوق القصر ، فوقع على الأرض وانكسرت عظامه ، وأتاه رجل فذبحه وقال : أردت أن اريحه ! ! فلما بلغ الحسين صلوات الله عليه قتل رسوله استعبر ، ولما بلغ الثعلبية ونزل أتاه خبر قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة فقال : ( إنا لله وإنا إليه راجعون ، رحمة الله عليهما ) يردد ذلك مرارا . وقيل له : ننشدك الله يا ابن رسول الله لما انصرفت من مكانك هذا ، فإنه ليس لك بالكوفة ناصرولا شيعة ، بل نتخوف أن يكونوا عليك ، فنظرإلى بني عقيل فقال : ( ما ترون ؟ ) فقالوا : والله لا نرجع حتى نصيب ثارنا أونذوق ما ذاق . فقال الحسين عليه السلام : ( لا خير في العيش بعد هؤلاء ) . ثم أخرج إلى الناس كتايا فيه : ( أما بعد : فقد أتانا خبر فظيع ، قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وعبد الله بن يقطر ، وقد خذلنا شيعتنا ، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج ، فليس عليه ذمام ) . فتفرق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه ونفر يسيرممن انضموا إليه ، وإنما فعل عليه السلام ذلك لأنه علم أن الأعراب الذين اتبعوه يظنون أنه يأتي بلدا قد استقام عليه ، فكره أن يسيروا معه إلا ودهم يعلمون على ما يقدمون . ثم سارعليه السلام حتى مر ببطن العقبة ، فنزل فيها فلقيه شيخ من بني عكرمة يقال له : عمرو بن لوذان فقال : أنشدك الله ياابن رسول الله لما انصرفت ، فوالله ما تقدم إلا على الأسنة وحد السيوف ، وإن هؤلاء الذين بعثوا إليك لوكانوا كفوك مؤونة القتال ووطؤوا لك الأسياف فقدمت عليهم كان ذلك رأيا . فقال : ( يا عبد الله ، لا يخفى علي الرأي ولكن الله تعالى لا يغلب على امره ) ثم قال عليه السلام
( والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ، فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل فرق الامم ) .
__________________
من روائع شعري
يمامتي
ابيحوا قتلي او طوقوا فكري سياجا
فان قتلي في دجى الليل سراجا
EMAIL=candlelights144@hotmail.com]لمراسلتي عبر الإيميل[/email]
|