عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 18-03-2003, 06:44 PM
السلفيالمحتار السلفيالمحتار غير متصل
لست عنصريا ولا مذهبيا
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2002
المشاركات: 1,578
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى السلفيالمحتار
إفتراضي الى الزرقاء جدتي امي العودة

..:: لأمي العودة .. ذكراك ::..
....(1)....


أجلس بقبالتها متربعة على حصير تسند ظهرها .. أذكر تلك السبحة السوداء اللتي تحملها يدها المملوءة بعلامات الزمن .. أتابع حركة كركوشته و هي تتابع دورانها في قطر السبحة .. يأخذني صوتها معه و يتردد صداه في أذني و يثبت في ذاكرتي .. أنظر لعينيها و حلو محياها على الرغم من كل ما رسبه الزمن عليه .. و أذكر جيدا ذالك الخط الفيروزي النازل تحت شفتها .. الذي يضفي لمسة جمالية أخرى لتنظم مع لمسات كثيرة ..

يتردد علي ما حفظته من تسبيحاتها ... فصغر سني و حداثة عقلي يجعلان كل ما أسمع منها شيئا جديدا فأحاول أن أتعلمه .. كم أشتاق لصوتها و هو يردد ( أمن يجيب المضطر اذا دعاه و يكشف السوء ) .. فهذا أول ما حفظت مما تردد .. لا زالت هذه الآية تذكرني بها ..

كما يذكرني الكثير مما حفظت و لا أنساه كقولها ..
( . في كل صباح و كل مسية ... تحفة مني هدية ... ) فأردده معها على استحياء لا اعلم ما يعنيه .. .. و ما زلت ..


تلتفت لي فتومي لي برأسها أن اقترب .. فأدنو منها لتضع يدها على رأسي و تخرج تينة جافة من كيس ورقي موضوع تحت كتبها .. لآكلها فرح بها و بمصدرها أكثر منها .. فيعود الحياء ليبعدني على الرغم من حبي لقربها و لرائحتها اللتي لا تفارقها .. رائحة العود ..

ما زلت محتفظا بزجاجة يترسب متركزا محتواها في قعرها .. في علبة مخملية .. تذكرني بصندوقها المصنوع من خشب الساج ..اللذي أرى فيه هذه الزجاجة و أنا أفتحه بأمر منها لاخراج بعض الحاجيات منه .. تفوح من هذا الصندوق رائحة العود المميزة .. فأطيل وقوفي أمامه ..

أرجع حاملا معي ما طلبته من الصندوق .. و يضحكني الآن حين أتذكر .. فبعد أن أضع الأغراض أمامها و تسمح لي بالانصراف ..أسرع متوجها للحمام و أضع كرسيا خشبيا و أركب عليه لأتمكن من رؤية وجهي في المرآة ... و أحاول جاهدا أن أخلع طقم أسناني .. فأنا أملك طقمي الخاص ما دامت أمي العودة تملك طقمها الخاص ..

.... (2) ....


تناديني أمي العودة فأسرع ملبيا .. تأمري بوضع شريط كاسيت في مسجلتها ذات الشكل المميز .. طرازها قديم .. مازالت تحتفظ بجودتها و كأنها جديدة ..

كانت تسمع أحد قراء القرآن بصوته العذب .. وصوت المذياع وفيه المؤسيقار السعودي العقيد نسيت اسمه الان .. تنشد معه .. و كعادتي أظل أرقبها في حركاتها بصمتي .. أرى تأثرها بما تسمع .. و أجد فيها إرتباطا به ..

لكن .. ما بقيت أفتخر به و اعتز به .. و لم أشأ أن يقاربه أي مكروه .. قد حل به ما أحزنني .. فبعد أن كانت حيويتها و روحها اللطيفة تداعب تأملاتي و نظراتي لها .. أصبحت نظراتي غير واضحة .. كل هذا بسبب الدموع اللتي اجتاحت عيني حزنا على مرضها ..
نعم لقد مرضت أمي العودة .. و شحب وجهها .. و فارقتنا البسمة ..
.
.
.

آآآه يا أمي ..

كنت نائما .. الساعة متأخرة .. أستيقظ لا أعلم لم استيقظت .. أحس بشيء غريب .. سواد يحوطني .. ما زلت أنظر للأعلى و أنا على فراشي حتى سمعت صوت باب البيت .. و نواح أمي بأسم أمي العودة .. أنهض و كلي هلع .. لأرى أبي و هو يقرأ آي من القرآن .. و ملامحه يكسوها الحزن .. لم أدر ما أفعل و كيف أنطق .. أسرعت لحجرتها .. كانت خالية ..
مازالت حاجياتها اللتي أجلبها موجودة .. صرخت .. أينها أمي العودة ..
حاولت إقناع نفسي بأنها ستعود ..
انزويت وحيدا .. تغمر عيناي الدموع .. و لا أدري ما حدث بعدها .. ما أذكره فقط أني أسمع صوت صراخ نسوة يزداد و يزداد ..

آآآه يا أمي ..

ما زلت أفكر ...

في الزرقاء التي جنت علي من مصائبها وهمومها وجفائها وقل النظير لها آه لو كانت جدتي تعلم لخطبتها لي دون تردد
فبكيت لها ولم تبكي لاجلي هي ,
أمي العودة .. هل لك من عودة ..
__________________
من روائع شعري
يمامتي
ابيحوا قتلي او طوقوا فكري سياجا
فان قتلي في دجى الليل سراجا
EMAIL=candlelights144@hotmail.com]لمراسلتي عبر الإيميل[/email]