عرض مشاركة مفردة
  #12  
قديم 23-03-2003, 10:02 AM
اليمامة اليمامة غير متصل
ياسمينة سندباد
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
الإقامة: السعودية
المشاركات: 6,889
إفتراضي

الأخ ابو حمد

جزاك الله خير

ان أقل مايمكن أن نقوم به هو الدعاء وسأنسخ لكم ماكتبه الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله عن قنوت النوازل ردا على أحد المسؤولين

نقل ابن القيم في كتاب الصلاة في فصل في صفة القنوت : قال إسحاق الحربي : سمعت أبا ثور يقول لأبي عبد الله احمد بن حنبل : ما تقول في القنوت في الفجر ، فقال أبو عبد الله : إنما القنوت في النوازل ، فقال له أبو ثور : أي نوازل اكثر من هذه النوازل التي نحن فيها ؟ قال : فإذا كان كذلك فالقنوت .

ونحن نقول اليوم : ما أكثر نوازل المسلمين فكيف يضّيق أمر القنوت لهم ويحجّم أو يُسيَّس والله تعالى يقول : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) وقال تعالى ( والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض ) .

علما بأن القنوت له مقاصد عظيمة كثيرة يختلف عن مجرد الدعاء لهم في السجود أو الخطب أو غيرها ، حيث إن من أهدافه ومقاصده المشاركة المعنوية وحفز الهمم والاهتمام بالمسلمين وإظهار التعاطف والتعاون ، ويتقوى بذلك المجاهدون وهذا مشاهد وملموس وسمعناه كثيرا من المجاهدين أنهم يفرحون بدعاء إخوانهم المسلمين إذا كان علنا في القنوت بل إنهم دائما يطالبون بذلك ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري في فصل القنوت : ( وظهر لي أن الحكمة في جعل قنوت النازلة في الاعتدال دون السجود مع أن السجود مظنة الإجابة أن المطلوب من قنوت النازلة أن يشارك المأمومُ الإمام في الدعاء ولو بالتأمين ومن ثم اتفقوا على أن يجهرَ به ) والقنوت نوع استنصار ونصرة وقد صح عن علي بن أبي طالب لما قنت في حروبه قال : إنما استنصرنا على عدونا . رواه ابن أبى شيبه 2/103 رقم 6981 .

بل إن هناك من أهل العلم من قال بوجوب قنوت النوازل وقال إنه فعل الأئمة ، فقد ذكر ابن عبد البر في الاستذكار 6/202 بسنده عن يحي بن سعيد انه كان يقول : يجب الدعاء إذا وغلت الجيوش في بلاد العدو ( يعني القنوت ) قال : وكذلك كانت الأئمة تفعل .

وبعد ..

فسنذكر إن شاء الله تعالى المآخذ عليكم فيما ذهبتم إليه في مسألة القنوت .

أولا :
في المسألة الثالثة من كلامكم قلت : إنه ليس من مفهوم قنوت النازلة عند الصحابة والسلف إذا وقعت نازلة في طرف من بلاد المسلمين قنت الجميع .... وقلت أيضا : والصحابة رضوان الله عليهم لم يكن من هديهم أنه إذا وقعت نازلة في طرف بلاد المسلمين قنت جميع المسلمين ... وأن من تمام بحث المسألة أن قنوت النوازل لكل أهل بلد بحسبه . إهـ

ومقتضى هذا الكلام أنه إذا وقعت نازلة في المسلمين في أي طرف من أطراف البلاد الإسلامية أنه لا يقنت إلا أهل تلك النازلة ، لأن القنوت لكل أهل بلد بحسبه !!

ويَردُ على كلامكم هذا عدة أدلة :
أ – أين دليل التخصيص ومنع ماعدا أهل النازلة ، والمُخصِّـص مطالب بالدليل .

ب – يُرَدُّ عليكم باستدلالكم نفسه ، حيث استدللتم بقصة قنوت النبي صلى الله عليه وسلم للقراء لما قتلوا ، والقراء قتلوا في أطراف الدولة الإسلامية ، بل قتلوا في مكان خارج ولاية الدولة الإسلامية ، مما يدل انه يُقنت لما هو ليس بأطراف الدولة الإسلامية فحسب بل ما هو خارجها .

ج – قصة قنوته صلى الله عليه وسلم للمستضعفين في مكة ( وكان ذلك بعد صلح الحديبية وفتح خيبر كما قاله ابن تيمية في الفتاوى ( 23/105 ) فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يرفع رأسه يقول : سمع الله لمن حمده يدعو لرجال فيسميَهم بأسمائهم فيقول : اللهم انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف . متفق عليه .

قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكة حينئذ دار كفر ، فقنت لأناس ليسوا في أطراف الدولة الإسلامية بل في بلاد الكفر .

د – قصة الخرمية ، وكانوا في أطراف الدولة الإسلامية في شمال فارس قرب أذربيجان ، فقد جاء في كتاب المغني لابن قدامة في فصل القنوت وقت النوازل قال الأثرم سمعت أبا عبد الله ( أحمد بن حنبل ) سئل عن القنوت في الفجر فقال : لو قنت أياما معلومة ثم يترك كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم . قال أحمد : أو قنت على الجرمية ، وذكر هذه الرواية ابن القيم في كتاب الصلاة فقال قال الاثرم : سمعت أبا عبد الله يقول : القنوت في الفجر بعد الركوع ، وسمعته قال لما سئل عن القنوت في الفجر فقال إذا نزل بالمسلمين أمر قنت الإمام وأمّن من خلفه ، ثم قال : مثل ما نزل بالناس من هذا الكافر ، يعني بابك الخرمي الخارجي إهـ . وقد قاتلهم المأمون ثم المعتصم فقضى عليهم . فهذه واقعة في أطراف الدولة الإسلامية . والقنوت كان في بلد الإمام احمد .

ومما يدل على العموم وأنه لكل نازلة في أي بلد من بلاد المسلمين أن الصحابة الذين رووا أحاديث قنوت النوازل ، وأشهر من روى ذلك أنس وأبو هريرة أنهما فعلا القنوت بأنفسهما ، بل وحثوا الناس على الاقتداء بهما كما فعل أبو هريرة وسوف يأتي إن شاء الله بعد قليل ، بل إنهما رويا أحاديث القنوت بألفاظ عامة تدل على العموم ، وقد جاء عن أنس فيما روى عنه ابن خزيمة قال إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم ، وهذه ألفاظ عموم ، وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت وهذه الفظ عموم .

هـ - كلام أئمة المذاهب الفقهية المعروفة فإنهم كلهم يذكرون أنه إذا وقع نازلة بالمسلمين ويذكرون كلمة ( بالمسلمين ) بالألف واللام الدالة على العموم في أي طرف أو جزء من بلاد المسلمين وإليك نصوصهم :

1 – الحنابلة :
قال ابن قدامة في المغني : فصل فإن نزل بالمسلمين نازلة فللإمام أن يقنت في صلاة الصبح نص عليه أحمد . وتابعه علي هذا صاحب الشرح الكبير : المغني والشرح الكبير 1/788 .

وقال في زاد المستقنع : ويكره قنوت في غير الوتر إلا أن تنـزل بالمسلمين نازلة غير الطاعون فيقنت الإمام في الفرائض ، وجميع كتب الحنابلة تنص على لفظة ( المسلمين ) في النازلة ثم تذكر الروايات عن الإمام احمد فيمن يقنت وهي أربع روايات .

2- المالكية :
ذكر ابن عبد البر في الاستذكار 6/201 في باب القنوت في الصبح مذهب مالك وانه يرى القنوت ، وقال ابن رشد في بداية المجتهد في فصل أقوال الصلاة في المسألة التاسعة ، قال : ومذهب مالك أن القنوت في صلاة الصبح مستحب 1/131 وذكر الزرقاني في شرح الموطأ في باب القنوت في الصبح أن هذا معتقد مالك القنوت في الصبح 1/223 .

وجاء في المدونة الكبرى 1/103 وذكر مذهب مالك القنوت في الصبح بالدعاء على الكفار والاستعانة بالله عليهم . بل إن مالكا يرى دوام قنوت النوازل في الفجر كما قال ابن العربي في شرحه للموطأ في كتابه القبس 1/348 في ذكر رأي مالك في قنوت النوازل ، قال ابن العربي : ورأي احمد بن حنبل أن قنوت النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان لسبب فيما كان ينزل بالمسلمين والأحكام إذا كانت معلقة بالأسباب زالت بزوالها ورأي مالك والشافعي أن ذلك من كلَب العدو ومقارعته معنى دائم فدام القنوت بدوامه إهـ .

وقال ابن تيميه في الفتاوى 23/106 :
قول مالك القنوت في النوازل مشروع دائما والمداومة سنة وان ذلك يكون في الفجر قبل الركوع بعد القراءة سرا . وهذا يدل أن المالكية يرون قنوتا دائما ولكل إمام جماعة في صلاة الفجر فما بالك بوقت النازلة بالمسلمين .

3- الشافعية :
قال في المهذب : وأما غير الصبح من الفرائض فلا يقنت فيه من غير حاجة فإن نزلت بالمسلمين نازلة قنتوا في جميع الفرائض ، قال النووي في المجموع شرح المهذب على الكلام السابق ، قال : والصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور إن نزلت بالمسلمين نازلة كخوف أو قحط أو وباء أو جراد ونحو ذلك قنتوا في جميعها وإلا فلا . 3/493 ، وذكر النووي نفس كلامه السابق في شرح مسلم في باب استحباب القنوت بجميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة والعياذ بالله اهـ . وقال الغزالي في الوسيط 2/133 وإذا نزلت بالمسلمين نازلة و أرادوا القنوت في الصلوات الخمس جاز ، وقاله الشيرازي الشافعي في التنبيه 1/33 وقاله الشربيني الشافعي في الإقناع 1/141 . بل إن الشافعية من أوسع المذاهب في القنوت كالمالكية يرونه دائما في النوازل وغير النوازل .

4- الحنفية :
قال ابن عابدين في حاشيته 2/11 في مطلب القنوت في النازلة ، قال : إن نزل بالمسلمين نازلة قنت الإمام في صلاة الجهر .... ونقل عن الطحاوي في القنوت إن وقعت فتنة أو بلية فلا بأس به ( وراجع إعلاء السنن 6/95 ) . وقال في حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 1/252 : إذا نزل بالمسلمين نازلة قنت في صلاة الفجر ، وهو قول الثوري واحمد . وقال اللكنوي في كتابه التعليق الممجد 1/636 ، قال : إن قول أبى حنيفة وأصحابه لا قنوت في شيء من الصلوات إلا في الوتر وإلا في نازلة . وقال في البحر الرائق للحنفية 2/48 : وإن نزل في المسلمين نازلة قنت الإمام في صلاة الجهر . وذكر التهانوي في إعلاء السنن 6/84 ، 95 أن عين مذهب الحنفية والجمهور هو القنوت في النوازل مؤقتا . وبعض الحنفية يرى أن القنوت للنوازل منسوخ كالطحاوي في شرح معاني الآثار وينقله عن بعض أئمة الحنفية 1/254 مع أن كلام الطحاوي هذا ناقشه التهانوي في إعلاء السنن 6/96 وبين اختيار المذهب وهو القنوت .

والخلاصة من هذا النقل من أقوال المذاهب التدليل على أن القنوت لكل نازلة تحصل في المسلمين أن يقنت الجميع ، وليس القنوت لكل بلد بحسبه ، وقد مر بك ألفاظ كلام العلماء الدالة على العموم وليس فيها أدنى كلام في تخصيص كل بلد بنازلته ، أما كلام العلماء المستقلين فقد قال ابن حزم في المحلى 4/ 138وما بعدها ، المسألة رقم 459 : إن القنوت فعل حسن . وقال الشوكاني في نيل الأوطار 2/345 : القنوت عند النوازل مشروع عند النازلة ، وقال في السيل الجرار 1/229 : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله إذا نزلت في المسلمين نازلة فيدعو لقوم أو على قوم ، أما كلام ابن تيميه وبن القيم فكثير فمنه مافي الفتاوى 23/111 : والقنوت فيها إذا كان مشروعا كان مشروعا للإمام والمأموم والمنفرد . بل إن ابن تيميه له رسالة مستقلة في القنوت في مشروعيته وعموميته ، وكذا ابن القيم في زاد المعاد جعل فصلا مستقلا في هديه صلى الله عليه وسلم في قنوت النوازل . وقال الصنعاني في السبل 1/378 رقم 288 قال : فالقول بأنه يسن القنوت في النوازل قول حسن . ومما يجمع خلاصة كلام المذاهب قول اللكنوي في كتابه التعليق الممجد 1/636 : ولا نزاع بين الأمة في مشروعية القنوت ولا في مشروعيته للنازلة إنما النـزاع في بقاء مشروعيته لغير النازلة ، ونقل ابن عبد البر في الاستذكار 6/202 عن يحي بن سعيد أن القنوت إذا دخلت جيوش المسلمين هو فعل الأئمة .

ثانيا :
ذكرتم في المسألة الثانية أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قنت لم يأمر مساجد المدينة بالقنوت – قنوت النوازل – ولم يأمر مسجد قباء ومسجد ( زريق ) ومسجد العالية .

والجواب : نفْيكم هذا يحتاج إلى إثبات خاص فهل هناك دليل صريح انه قال لهم لا تقنتوا أو انهم قنتوا فنهاهم ، فالنفي مثل الإثبات يحتاج إلى دليل لأن النفي قضية سلبية تحتاج إلى برهان كالقضية الموجبة وكون المستدل ليس لديه دليل على القضية المعينة لا يلزم منه انتفاء تلك القضية إذ قد تكون ثابتة بدليل لم يعلمه المستدل كهذه القضية إذ من المعلوم قطعا أن الصحابة رضي الله عنهم لا يخالفون قول الرسول ولا فعله ، وقد ثبت عنه انه قنت فلا بد أن يقتدوا به في ذلك القنوت ، يدل على هذا قصة استدارة أهل مسجد قباء حينما أبلغوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم استقبل الكعبة ففعلوا ذلك عندما علموا من غير أن يأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.