عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 03-04-2003, 01:49 PM
ahmednou ahmednou غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
المشاركات: 477
إفتراضي

قال الشعب للملك: اخلع نفسك…. وإلا قتلناك..
قال الملك: ولماذا أخلع نفسي؟
قال الشعب: لأن الصحف تقول عنك أنك فعلت أخطاء كثيرة في الحكم..؟؟
قال الملك: وهل يفهم أصحاب الصحف مثل ما أفهم في الحكم ، وهل يعلمون العلم السياسي الذي ورثته عن آبائي وتشربته كما تشربون الماء…؟؟؟
قال الشعب: بالطبع لا؟؟؟
قال الملك: فلماذا لا تتهمون أصحاب الصحف أنفسهم وتبحثون عن حقيقتهم؟؟، فلعلهم يكونون من أعداء البلاد، أتوا لإثارة الفتن في بلدنا حتى ينتهز الأعداء الفرصة ويهجموا على بلادنا..
قال الشعب: معك حق أيها الملك…
ثم عاد الشعب فقالوا للملك: اخلع نفسك وإلا قتلناك…
قال الملك: فلماذا أخلع نفسي ولماذا تقتلوني.؟
قال الشعب: لأن أصحاب الصحف يقولون إنك تفعل من المعاصي كذا وكذا وهذه صورك قد صوروها لك…
قال الملك: إنكم على حق، لقد ورطني أصحاب الصحف في بعض هذه المعاصي وسولوها لي لينشروها ليثيروا الشعب ضدي، ولكن أكثرها أكاذيب.
قال الشعب: فاخلع نفسك وإلا قتلناك…
قال الملك: سوف أخلع نفسي… ولكن أخبروني أولا من سيحكم بعدي؟؟؟
قالوا : سوف نختار واحدا من بيننا.
قال: فماذا لو رأيتموه يعمل ذنبا ومعصية؟؟
قالوا : سوف نخلعه أو نقتله، ونختار آخر..
قال: فماذا لو رأيتم الثاني يعمل ذنبا أو معصية أو يخطئ في الحكم على تقديركم؟؟؟
قالوا: سوف نعزله أو نقتله، ونختار آخر…
قال: فهل هناك أحد في البشر لا يخطئ، ولا يذنب ذنبا، ولا يعمل معصية، ولا يملك عيبا، إلا الرسل الكرام أو الملائكة عليهم السلام؟؟
قالوا: لا بالطبع ليس هناك أحد من البشر لا يخطئ، ولا يذنب، وليس به عيب..
قال: فإنكم إذا سرتم على هذه الطريقة سوف تقتلون كل من يحكمكم وتثورون عليهم، وهذه الثورات هي أعظم فرصة للأعداء ليغزوا بلادكم، لأنكم حينئذ سوف تتفرقون، لن يتحد الشعب مع الحكومة، ولسوف تنهكون قواكم وقوى حكامكم بالثورات، بدلا من أن تدخرون هذه القوى في دفع شر عدوكم المجاور لكم المتربص بكم.. ثم إذا دخل العدو دياركم فلن يكون الحكم لكم ولا لي أو لأحد من أبنائي، إنما سوف يحكمونكم حكم المحتلين، ويجندون شبابكم في حروبهم، ويستخدمون نساءكم، ويبدلون دينكم، ويستنزفون ثرواتكم…
قالوا: معكم حق أيها الملك، نحن سنكون مخطئين إذا قمنا بثورة من أجل أن الحاكم يفعل ذنوبا ويخطئ في الحكم على تقديرنا القاصر…
فذهبوا ثم رجعوا فقالوا للملك: اعزل نفسك وإلا قتلناك..
قال الملك: لماذا أعزل نفسي، ولماذا تقتلونني؟؟؟
قال الشعب: لأنك مستبد بالحكم دوننا، ولا تشاركنا في القرار السياسي..وهذا هو الاستبداد بعينه…
قال الملك: وهل يعلم من السياسة أحد منكم مثلي؟؟؟؟ ثم من سيتولى الحكم بعدي؟؟
قالوا: سوف نختار أحدا منا ليس من طبقة السياسيين والحكام والملوك والأباطرة..
قال: فهل سوف تطيعونه أم سوف يطيعكم في القرار السياسي؟؟
قالوا: سوف نطيعه بالطبع.
قال: إذن سوف يكون مستبدا مثلي..
قالوا: سوف يطيعنا..
قال: يعني أن أداة الحكم سوف تصبح في أيدي الشعب كله… ألا تعلموا أن هذا سوف يفرق وحدتكم، وحدة الدولة التي هي الأساس في القوة التي نلاقي بها عدونا الخارجي..؟؟
قالوا: معك حق أيها الملك..سوف نختار اثنين فقط…
قال الملك: فأخبروني ماذا فعلت السفينة التي فيها قائدان؟..
قال الشعب: غرقت بالطبع…
قال الملك: فكذلك سوف تغرق بلادنا..
قالوا: سوف يحكم جميعنا عن طريق واحد يطيعنا..
قال الملك: يعني أنكم أنتم الذين سوف تحكمون، فإذا كانت السفينة التي يقودها قائدان قد غرقت، فما بال السفينة التي يقودها الجميع؟؟؟
قال الشعب: معك حق أيها الملك…لقد كنا مخدوعين من فئة تريد بنا الهلاك والغرق، ولعلهم يعملون لصالح أعدائنا كطابور خامس…
فذهب الشعب، ثم رجع بعد فترة، فقالوا للملك: اخلع نفسك وإلا قتلناك..
قال الملك: ولماذا أعزل نفسي ولماذا تقتلونني؟
قالوا: لأنك تحكمنا حكما فرديا، وتجعل الحكم في أبنائك من دون بقية الشعب، وهذا هو الاستبداد السياسي..
قال الملك: بل هو الاستقرار السياسي الذي يصوره الأعداء لكم بأنه هو الاستبداد السياسي، يسمونه بغير اسمه ليشعلوا في بلادنا الثورات والاضطرابات.
قالوا: كيف يكون هذا أيها الملك..؟؟ اشرح لنا..
قال الملك: إن أداة الحكم لو كانت متداولة بين أفراد، فلسوف يتصارع عليها هؤلاء الأفراد، ولو تصارعوا عليها، لكانت فتنة، قد يقتل فيها من خيرة شبابكم الآلاف، وهذه هي أحسن فرصة لعدوكم المتربص بكم..
أما لو كانت أداة الحكم مستقرة، لا تقبل التنافس بين اثنين، فإن هذا سوف يوفر كثيرا من الجهود والأموال للوصول إلى استقرار سياسي مرة أخرى… فما بالكم لو أن كل فرد في الشعب يرى نفسه أهلا وقريبا من انتخاب نفسه للوصول إلى رئاسة الدولة.. فإن الجميع سوف يتصارع دون فائدة، لأن النتيجة سوف تكون واحدة في جميع الأحوال، وهي أن كرسي الحكم سوف يجلس عليه من به عيوب ويفعل ذنوبا…، ولكن الفرق في الدماء المراقة والأموال المهدرة والجهود المضيعة، ثم بعد ذلك سوف يحكمك بالحديد والنار وجميع أنواع الإرهاب…وسوف ترون الاستبداد السياسي الحقيقي…
قال الشعب: كيف ذلك أيها الملك؟ لماذا سوف يحكمنا بالحديد والنار؟
قال الملك: سوف أخبركم… إن النفس البشرية إذا خافت من شئ حاولت أن تقضي عليه… فإذا كانت أداة الحكم لرجل واحد فقط، ثم يختار هو نفسه خليفته كيف يشاء، فلن يخاف من أحد، فسوف يترك الجميع يعيشون في حرية وأمن، لأنه يعلم أنه لن يتعرض لكرسيه أحد، يخشى أن يفسد في الحكم بجهل ويضيع بلاده بلا خبرة سياسية، أو يخشى أن يأخذ مكانه…. أما لو اخترتم أحدا منكم، وتجعلون نظام الحكم مشاعا بين الجميع… فحينئذ فإن هذا الرئيس سوف يرى أن غيره يمكن أن يأخذ مكانه، فإن كان هذا الغير واحدا أو اثنان فسوف يقتلهما ويحاول التخلص منهما… وإن كان هذا الغير الشعب كله فسوف يقتل الكثير ويضع الكثير في السجون والمعتقلات، ويتجسس على الباقي ممن هم خارج السجون والمعتقلات… ويصبح الجميع يكرهونه ويودون لو تخلصوا منه، فيزداد منهم خشية، فيزيد في اضطهادهم. وبدلا من أن يتفرغ البعض لإصلاحات اقتصادية، وآخرون لإصلاحات تعليمية وآخرون لإصلاحات اجتماعية، يتنافس الجميع على شئ واحد، كرسي الحكم.

قال الشعب: صدقت أيها الملك، سوف نذهب ونطيعك ولن نعود إلى ثورة أبدا ما حيينا، وسوف نتحد معك لملاقاة عدونا، ولن نطيع الطابور الخامس الذي يعمل لصالح عدونا، بل سوف نبحث عنهم ونقدمهم للمحاكمة وسوف نحول الثورة عليهم ، بما نشروا فينا أفكارا مهلكة. وفى الحقيقة هم يريدون أن يحكمونا بالاستبداد السياسي الحقيقي المُقَنَّع بألفاظ الحرية والمساواة….
__________________
أبو سعيد