عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 11-05-2003, 11:59 AM
kimkam kimkam غير متصل
فنان مبتديء
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 2,476
إفتراضي موضوع وحوار فكري جميل

نشرت جريدة المدينة المنورة يوم الاحد 10 ربيع الاول 1424 الموافق 11 مايو 2003 الحوار التالي مع المثقف الجزائري عبدالملك مرتاض :
_______________________

المثقف الجزائري عبد المالك مرتاض للـ الاسبوعية :
لاتوجد خصوصية للمثقف المغاربي والمثقف الغربي قرر عدم الاستماع !

أجرى الحوار مشاري الذايدي



يجب أن تتسع صدور مشايخنا قليلاً للإبداع والمبدعين وربك غفور رحيم

محمد أركون أستاذي ، ولكنني أرفض أفكاره حول القرآن

الدكتور عبد المالك مرتاض ، المثقف ورجل الدولة الجزائري ، مقاتل صامد للدفاع عن العربية في الجزائر ، تولىمناصب في هذا السياق، التقيناه فأكد لنا موقفه الايجابي من الادب العامي والشعبي ، وفي نفس الوقت رفضه ومعارضته للادب الاسلامي ! وحدثنا عن ذكرياته وموقفه من المفكر الجزائري الاشهر محمد اركون ، كما ابدى رأيه الايجابي في حق المجموعات الاثنية والعرقية في البلاد العربية في الحفاظ على ثقافتها ، وفي الطريق هاجم المثقف الجزائري الفرانكوفوني رشيد بوجدرة ..

*بداية ، اعرف أن لك موقفا متحفظا من مفهوم الادب الاسلامي ، هل لك ان تطلعنا عليه ؟

في تقديري لا تصح هذه التسمية '' الادب الاسلامي '' هناك البعض في بلدان كثيرة يحاولون تأسيس جمعيات للأدب الإسلامي ، وهي جمعيات غريبة نوعا ما ! ، فالأدب هو الأدب ليس إسلاميا ، ولا غير اسلامي ، ثم إن الأدب بطبعه ''مدنس'' بمعنى أنه غير متعال على كل ما يجري في الواقع ، أما الإسلام فمقدس ، و الذين يدافعون عن الإسلام بالأدب ، لا يجوز أن نصنفهم أدباء إسلاميين ، إنما نصنفهم أدباء ، و إلا لماذا لم يقع هذا التصنيف في زمن رسول الله ، كان حسان شاعر الرسول ، و مع هذا لم يقل أحد من الصحابة أنه شاعر إسلامي ، جاء كعب بن زهير و ألقى قصيدته الشهيرة ، و لم يقل أحد هذا أدب إسلامي أو ذاك غير إسلامي ، لذلك أنا في تصوري أن هذا المصطلح مغلوط ، و هو مصطلح سياسي و لا أساس له في المفاهيم النقدية الأدبية .

* مشكلة المشاكل بالنسبة للمبدع العربي ، هي حدود الابداع المسموح له به ، ومن يضع هذه الحدود ، وهل يمكن وجود ابداع حقيقي مع وجود رقابة مسبقة ، ولناخذ الفن الروائي على سبيل المثال ؟


حرية التعبير كفلها الإسلام ، أجدادنا رضي الله عنهم و رحمهم كانوا يتسامحون كثيرا ، قصيدة كعب بن زهير الغزلية يخاطب بها رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و لم ينكر أحد من الصحابة إنشاد هذا الغزل في حضرة رسول الله ، نجد كثيرا من الأشعار القديمة يتحدث فيها الشاعر بحرية مطلقة ، كان ذلك في زمن الاجتهاد ، و كان هناك أئمة الفقه و رواة الحديث ، و لم ينكر أحد إنكارا يصل إلى حد محاكمة هؤلاء الشعراء لأن أولئك المسلمين القدماء كانوا يعلمون أن الأدب إذا لم يكن حرية وإذا لم يكن تعبيرا حرا ، فإنه لا يكون أدبا أبدا ، أنا أطالب بحرية التعبير في حدود الآداب الإسلامية و في حدود الضوابط الاجتماعية ، و على إخواننا رجال الدين أن يتسامحوا قليلا ، و على زملائنا الأدباء ان يراقبوا أنفسهم ولا يستسلموا لكل الهواجس والشطحات ، وعليهم أن يراقبوا لغتهم فلا يفحشوا في تعابيرهم الكنايات والاستعارات بحيث يمكن أن نعبر عن أي موقف بلغة مهذبة و مؤدبة .

* لكن يقول الروائيون العرب ، إن الرواية ماهي الا انعكاس للحياة بكل ما فيها ، والحياة ليست حياة ملائكية بالضرورة ! فهل نصنع رواية مزورة؟



صحيح ،الرواية تمثل مجتمعا ، و المجتمع فيه الرجل والمرأة ، و فيه المؤمن والفاسق والمنافق والكافر ، وبما أن الرواية تصور المجتمع في مكان ما أو زمان فلا يجوز أن ننتقي هذه الشخصيات وإلا فلا تكون رواية معبرة عن الحياة ، لأن الرواية حينئذ ستصبح نصا مزيفا ولا يصور المجتمع حق التصوير ، لذلك أرى أن يقع بعض التسامح من رجال الدين إذا آنسوا بأن الكاتب مؤمن بالله ورسوله ويحترم الدين الإسلامي ، وإذا تجاوز في التعبير وصفا لموقف فإن الله غفور رحيم .

* وهل تحصيل هذه الثقة من هؤلاء الرجال يعتبر جواز مرور للرواية ، وشرط غفران لتجازوات المبدع ؟



الغفور هو الله ، أنا لا أطلب من أحد أن يغفر لي شيئا ، أطلب ذلك من الله تبارك و تعالى ، وأنا مسؤول أمامه ولا يحق لأي رجل لا أن يحاكمني أو يلومني ، أنا مسلم ومسؤول أمام الله تبارك و تعالى ، ومع الأسف بعض الأدباء العرب ليس لهم ثقافة دينية عميقة ، ولذلك يجدون أنفسهم في موقف ضعيف أمام رجال الدين ، علينا أن نحاورهم ، من يحق له أن يحاكم الآخر ، كل فرد مسؤول أمام الله تعالى ، ومن قال لا إله إلا الله فقد حرم دمه و لا يحق لأحد أن يمسه بسوء .

*ننتقل لموضوع اخر ، بعض المنادين باسلامية المعرفة والعلوم ، يقولون ان اليات التحليل العلمية في الغرب ومناهج النظر ، ليست محايدة للبشر كلهم بل فيها انحياز لمرجعيتها الغربية المسيحية ، مارأيك ؟



على فرض أن هذا صحيح ، لماذا استخدم الغربيون آلياتنا من قبل وتطوروا بها ، نحن أمة متخلفة وجاهلة فكريا ، ففكرنا محدود مع الأسف ، ونحن حين نريد الاستقاء من المعرفة العليا فإننا نشهدها دائما في الآثار الغربية ، في اللغة الإنجليزية والفرنسية على سبيل المثال ، لا أتصور أن القارئ أو الكاتب إذا كانا محصنين تحصينا إسلاميا وعربيا ووطنيا ، فإنه لا خوف عليه من هذه الآليات التي يمكن أن نستعيرها في تحليل بعض النصوص في كتابة بعض الدراسات ، ما تمسكنا بقيمنا الحضارية التي هي العروبة و الإسلام .*لكن هل هذه الاليات والمناهج محايدة أم لا ؟

قد لا تكون محايدة و لكني لا أخافها لأني محصن ، أنا آخذها على بينة وأستعين ببعضها لأوظفه في موقف من المواقف وأرفض بعضه الآخر ولا سيما إذا كان منافيا للقيم الإسلامية .


*بعض المثقفين المسلمين متهمون بأنهم مستسلمون لهذه الاليات الغربية ومحكومون بها اثناء معالجة اشكاليات وقضايا الثقافة الاسلامية ، وأنهم يدخلون على هذه القضايا من خارج الثقافة الاسلامية وليس من داخلها مثل المفكر ،ابن بلدك ،محمد اركون، هل تتفق مع هذا الرأي ؟


نحن الآن خرجنا من النقد على الفكر الإسلامي ، الأستاذ محمد أركون ممكن أن نصنفه من المستشرقين ، فلا ينبغي أن نلومه كثيرا لأن الرجل قد وضع نفسه في خانة معينة ، المستشرقون عادة لا تلومهم إلا قليلا لأننا نسلم بأنهم ليسوا عربا او مسلمين .

*ماهو رأيك في محمد أركون ؟


الأستاذ أركون صديقي وبيننا مودة ، وكان هو استاذ رئيس لجنة المناقشة في جامعة السوربون عندما قدمت دكتوراه الدولة من السوربون بفرنسا وأنا احترمه لأنه أستاذي ، ولكن هذا الاحترام لا يحعلني أتبع طريقه ، وعدم اتباع طريقه لا يجعلني أشتمه وأتهمه بالتهم الباطلة ، أحد المفكرين الجزائريين توفي من سنة ، حدثني عن أركون وقال هو لا يؤمن بالرسالة المحمدية صراحة ، و يعد الرسول مصلحا كبيرا ولا يعده نبيا مرسلا من عند الله على طريقة المستشرقين ، أنا ناقشت بروكلمان ، هو متدين و يتبع دينا معينا و يعترف بذلك الدين ورسول ذلك الدين ، ولكن إذا تطرقنا للدين الإسلامي فإنه لا يعترف بالدين او بصاحب الدين ، إذا هذه عنصرية فكرية وضيق أفق من هؤلاء المفكرين ونرفض موقفهم ، لكن فيما يعود إلى بعض التحليلات وبعض المواقف ، يكون بعضها في مكانه خصوصا ما يعود على الأستاذ أركون ، هوعندما يعود على الدراسات القرآنية ، يأتي إلى نص القرآن الكريم كما تفضلت من الخارج وليس من الداخل ، القرآن الكريم إذا لم تكن مؤمنا به و مؤمنا بالله و متذوقا لهذا النص العظيم المعجز تأتيه من الخارج ، انا كتبت كتابا صدر في السنوات الاخيرة ( نظام الخطاب القرآني ) وناقشت أركون في أحد الفصول في أنه يعد القرآن صراحة أسطورة ، وناقشت جزائريين أعرفهم ، فلما لام أحد الأصدقاء محمد أركون زعم ان مفهوم الأسطورة في اللغة الاوربية غير مفهوم الأسطورة في اللغة العربية ، فعدت أنا إلى المراجع فوجدت أنها لا تعني إلا ما هو ضد العقل والمنطق ، أركون يلعب أحيانا بالألفاظ لكي يتملص من ورطة وقع فيها ، لكن بوجه عام وبصرف النظر عن معتقده إنه يستخدم المنهج الغربي من اجل تحليل ظاهرة قرآنية ، فهو يريد أن يطبق النظرية التقويضية او التشكيكية ، هو يقرأ ويفكك الظاهرات ثم يستنتج منها أحكاما، و أنا أعتقد أن لكل مقام مقالا ، وان لكل موقف مخرجا ، وأن لكل نص منهجا ، فلا ينبغي أن نتسرع ونأتي بمنهج بأدوات ميكانيكية ونطبقها على كل النصوص ، كنت في حديث تلفزيوني وكنا نتحدث عن هذه المسألة ، كنت أقول إن الإجراءات الميكانيكية مرفوضة والعقول الميكانيكية أيضا مرفوضة ، لا بد من أن نتوسط و نعود إلى تراثنا وننطلق منه ، وفي التراث مناهج رائعة ولكنها ناقصة فلنكملها بالإجراءات الغربية دون عقدة او خوف .


*وما رأيك في نقد المفكر المغربي الشهير محمد عابد الجابري للعقل العربي ؟


لنكن واقعيين ولا نقوّل أجدادنا ما لم يقولوا ولا نحملهم ما لا يحتملوا ، ولكل زمن رجال ، فأجدادنا أحسن الله إليهم بذلوا جهدا كبيرا ولا تزال بعض النظريات قائمة وبعض النظريات ناقصة و تحتاج الى تكملة بالمناهج الغربية فما لمانع .


* دعنا نتحدث عن مشكلة عجز العرب ، والخطاب العربي ، عن حلها ، مشكلة المجموعات الاثنية او الطائفة الاخرى ، لديكم في المغرب العربي وفي الجزائر مشكلة الأمازيغية، ما رايك فيها ؟


أنا أتصور أن هناك مجموعات مختلفة في كل الأقطار العربية ، لذلك لا ينبغي أن نلقي بها في البحر ، من حق هذه المجموعات أن تعيش وتستعمل لهجاتها و لغاتها دون عقدة ، علينا أن نكون شجعانا لنواجه لمواقف ، وإلا سيؤدي ذلك لانفجارات لا تحمد عقباها ، الثقافة الأمازيغية بالنسبة للجزائريين ، ثقافة أصيلة ، واللغة الأمازيغية فيها ألفاظ كثيرة عربية .


*هل تعتقد أن هناك استغلالاً سياسياً خارجياً لهذه المشكلة، البعض يردد كلاما للمثقف الجزائري المقيم في فرنسا رشيد بو جدرة حول تأكيده لاضطهاد الثقافة الامازيغية ، وعزمه عدم الكتابة باللغة العربية ؟


نعم .. هناك استغلال سياسي لهذه المشكلة ، و لكن من ناحية ثقافية أنا اعترف بهذه اللهجة ، و باعتبارنا جزائريين لا يحق لنا ان ننكر أصولنا ، فنحن مسلمون أمازيغ ، أما ما قيل عن رشيد بو جدرة ، فهو قد يهول في هذه المسألة ، فهو يكتب باللغة العربية منذ عهد بعيد ، ولم يكتب سوى عددا قليلا من الروايات باللغة الفرنسية ، ثم عدل عن ذلك منذ أكثر من عشرين سنة وكتب باللغة العربية على الرغم من أن لغته ليست عالية المستوى ، لكننا نحن نهنئه و نشجعه على الكتابة باللغة العربية ، لأن هذا يزيد فينا ويعضد من مو قفنا ضد الحركة الفرانكفونية الشرسة في الجزائر .


__________________

kimkam
الرد مع إقتباس