4 - تواضعه وعفته
والعظيم مثل أبي بكر أبعد من أن يغره الملك ، وتنأى به الرئاسة عن آداب الإسلام وأخلاقه ، ظل في الخلافة كما كان قبلها ، لينا سهلا رحيما بالمسلمين ، غيورا عليهم . وحسبك من هذه القصة التالية مثلا على تواضع أبي بكر في خلافته :
كان أبو بكر يعتاد أن يحلب الغنم للنسوة العاجزات ، وللفتيات القاصرات كل صباح ، فلما ولي الخلافة قالت بنات الحي : الآن لا يحلب لنا أبو بكر أغنامنا . فبلغ ذلك أبا بكر فقال : " بلى والله لأحلبن لكن كما كنت أصنع من قبل ، وأرجو ألا يغيرني الله عن خلق كنت أعتاده قبل الخلافة لا.
هذه والله هي العظمة … وهذا لعَمْرُ الله هو العظيم .
ومات أبو بكر ولم يخلف متاعاً ولا مالا ، ولم يستطب من مال الخلافة إلا ما أجازه له المسلمون ، بل لقد اشتهت زوجته حلواً فلم تجد ثمنه عنده ، فقالت زوجته : سأقتصد من نفقتنا اليومية حتى أجمع ثمن الحلوى، واقتصدت من نفقة بيتها ما استطاعت معه أن تشتري ما تريد من الحلوى . فلما بلغ ذلك أبا بكر قال : لا جرم أننا أخذنا من بيت مال المسلمين ما يزيد عن حاجتنا ، ثم أنقص من راتبه بمقدار ما استطاعت زوجته أن تقتصده .
إنه لموقف يطأطىء فيه عظماء الدنيا رؤوسهم احتراماً لصاحبه وإكباراً … إنه لموقف العظمة التي تتسامى عن أهواء النفس وشهواتها وحاجاتها … لتذكر حق الأمة ومطاليبها ، وتحفظ لها حقوقها وأموالها . يرحمك الله أيها الصديق الأكبر وطبت حياً وميتا ...
يتبـــع ،،،