الحال الرابع : خشوعهم في الصلاة :
الخشوع في الصلاة بمنزلة الروح في الجسد ، فصلاة بلا خشوع كجسد بلا روح .
• كان سيد الخاشعين يصلي لله خاشعاً مخبتاً ، يبكي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء .
• كان ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة كأنه عود .
• وكان ابن الزبير يصلي في الحجر ، فيرمى بالحجارة من المنجنيق فما يلتفت .
• ووقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد فجعلوا يقولون : يا ابن رسول الله النار . فما رفع رأسه حتى طفئت . فقيل له في ذلك فقال : ألهتني عنها النار الأخرى .
• وكان علي ابن الحسين إذا توضأ اصفر وإذا قام إلى الصلاة ارتعد . فقيل له فقال : تدرون بين يدي من أ قوم ومن أناجي ؟ .
• وقالت بنت لجار منصور بن المعتمر : يا أبت أين الخشبة التي كانت في سطح منصور قائمة ؟ قال : يا بنيته ذاك منصور يقوم الليل .
• سرق رداء يعقوب بن إسحاق عن كتفه وهو في الصلاة ولم يشعر ورُدّ إليه فلم يشعر لشغله بعبادة ربه.
• كان إبراهيم التيمي إذا سجد كأنه جذم حائط ينزل على ظهره العصافير .
• قال إسحاق بن إبراهيم كنت أسمع وقع دموع سعيد بن عبدالعزيز على الحصير في الصلاة .
هكذا كان خشوعهم . أما نحن فنشكو إلى الله قسوة في قلوبنا وذهاباً لخشوعنا . فلم تعد الصلاة عند بعضنا صلة روحانية بينه وبين ربه تبارك وتعالى ، بل أصبحت مجرد حركات يؤديها الإنسان بحكم العادة لا طعم لها ولا روح . فأنى لمثل هذا أن يخشع ؟.
لقد صلى بعض الناس في أحد مساجدنا ، ولما كان في التشهد الأخير جاءه الشيطان وقال له : يا أبا فلان إن صاحب المحل قد أخطأ في الحساب فراجع الفاتورة ، إني لك من الناصحين . فصدق المسكين وأخرج الفاتورة ليراجعها أمام الناس وهو يصلي . فالله المستعان .
وآخر . تراه هادئاً ساكناً ، فما إن يكبر حتى تبدأ يداه بالعبث بغترته أوعقاله أولحيته أوساعته . . . ولو خشع قلبه لخشعت جوارحه .
فلا يغرنك وقوف مصليين متجاورين في صف واحد فإنه قد يكون بينهما من التفاوت في الأجر كما بين السماء والأرض . وقد قال عليه الصلاة والسلام " وإن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها " رواه أبو داود وحسنه الألباني .