عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 17-05-2003, 11:20 PM
القوس القوس غير متصل
وما رميت إذ رميت
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 2,350
إفتراضي

لقد استقبلت الفتاة في الجزيرة العربية هذه التوجيهات، كما الأرض الجدباء حيث يهطل عليها المطر، فتفاعلت معها بصورة رائعة الى جانب أخيها وزوجها الرجل، فكانت تحضر الندوات، والمجالس الدينية جنباً إلى جنب مع الرجل كما كانت لها مجالسها وندواتها الخاصة بها، وكانت تسهم بقسط وافر في إنجاح المشروع الرسالي الهادف إلى رفعة أمتنا ونهضتها وفك إسار التبعية والدكتاتورية عنها، برغم المعوقات القائمة، والتي منها الاثارات التي خلفتها الجماعات المناوئة أو المحافظة حيث سعت إلى اثارة الاتهامات والمشاكل، التي تحول دون مشاركة المرأة في هذه المسيرة، اضافة الى الحواجز التي يضعها الطاغوت… لكن إبنة الجزيرة العربية، لم تكن كل تلك الأمور لتثنيها عن عزمها، وكيف تنثني وقد تجسدت صورة خديجة، وفاطمة، وزينب(ع) وكل النساء المؤمنات الفاضلات امام ناظرها، تلهب حماسها، وتدفعها الى المزيد من الخطوات نحو الإمام.
وحينما تصاعدت الاحداث، وتفجرت انتفاضة المنطقة الشرقية في عام 1400هـ. وخرجت التظاهرات والمسيرات، كانت المرأة المؤمنة تسير إلى جانب أبيها وأخيها وزوجها، في هذه المسيرة، وتشارك بكل ما تستطيع من جهد وعطاء… في الهتاف، وفي مواجهة الجلادين واعلان رفض الظلم، حينما سقط الشهداء والجرحى كانت من بين الشهداء، والجرحى كما قامت بدورها في رعاية الجرحى وتضميد جراحاتهم، لقد جسدت المرأة الرسالية في هذه الانتفاضة دور المرأة في صدر الإسلام حيث كانت تشارك من خلال هذه الأدوار في معارك الإسلام ضد الكفر والظلم.
من بين هؤلاء الفتيات المؤمنات في الجزيرة العربية، كانت هناك فتاة تفاعلت وهي في بيت أبيها مع النشاطات الرسالية بصورة كبيرة، فعملت في البدؤ على تثقيف نفسها بالفكر الرسالي عبر الكتب والاشرطة المتوفرة حين ذاك، ثم انطلقت تشارك في الندوات والهيئات والمجالس الحسينية التي كانت تعقد لبث الوعي الديني والرسالي، كما أخذت تنشط في توزيع الكتب والنشرات التوعوية بين صفوف الناس، وكان يقف الى جانبها في كل هذه النشاطات ابن عمها وزوجها وأب اولادها في المستقبل، الذي كان هو الآخر رجلاً مضحياً معطاءاً في كل النشاطات الإسلامية…
وحينما وجد الفرصة المناسبة للهجرة لغرض الدراسة الدينية حيث أخذت طلائع المؤمنات بالهجرة من أجل الدراسة الدينية، كانت هي وزوجها من أولئك الذين تخلصوا من قيود المادة، ومغريات الحياة الدنيا وأسارها في رحاب التوجيه والتربية الرسالية…
ثم لتعود بعدها في رحلات تبليغية الى بلادها هي وزوجها… فتشاء الاقدار أن يتم إعتقال زوجها، ويفتش بيته، ويتعرض للتعذيب… هنا هل تسكت زوجته، وهي التي تعلمت في مدارس الجهاد كيف تقاوم الظلم، وكيف تصرخ في وجه الظالم… لا… لا… لن تسكت؛ لا بد من صرخة توقظ الضمائر… وهنا صممت على جمع كل عوائل المعتقلين، زوجاتهم، امهاتهم، اخواتهم، بالمئات وقيادتهم في شبه تظاهرة إلى إمارة الدمام، حيث يعيش أحد أبناء الطاغوت الأكبر… ولقد بهت عملاء الطاغوت من هذه الحشد الضخم من النساء، وحاروا في امره… كيف يتعاملون معه، كيف تتم مواجهة…! اعلنوا صرختهم نريد ان يطلق سراح أبناءنا وازواجنا وإخوتنا، بأي جرم تعتقلوهم؟ ما هي مبرراتكم القانونية؟ قلن أشياء كثيرة، غير هذا، شرحن معاناتهن، والظلم الذي يحيق بالشعب… نائب الأمير الذي التقى بهن حاول تهديدهن بقوته وشرطته، فتوعدنه ببطش الله وقوته التي هي فوق كل ظالم، ذكرنه بتاريخ كل الظلمة والطواعيت في التاريخ….. ثم حاول الكذب عليهن ووعدهن خيراً في المستقبل، وبعد أيام عدن الى نفس المكان… وكانت نفس المواقف… ثم الى مدير المباحث… ولقد استفز هذا التحرك كل أجهزة النظام، وأفزعهم، وشعروا كم هم ضعفاء أمام صوت المرأة المظلومة…
كانت هذه المرأة المؤمنة تقود جموع عوائل المعتقلين وتحفزهن، وتحثهم على ضرورة مواجهة الظلم، والوقوف في وجه الظالم…
هنا كان للطاغوت محاولته الجبانة، في احدى الليالي المظلمة تسلل مع مجموعة من رجاله منتصف الليل، وهاجم بصورة وحشية بيت هذه المرأة المؤمنة، بهدف اعتقالها.. وكان له ذلك…
وكان مبرره في ذلك انها تدرس العلوم الدينية في احدى المدارس الدينية برفقة زوجها (المعتقل) وانها تقوم بنشاطات اسلامية رسالية!!.
في الصفحات التالية نقرأ مذكرات هذه الشابة الرسالية التي إعتقلها النظام السعودي لعدة شهور واجهت خلالها شراسة التحقيق والتعذيب، نقرأ وهي تصف بدقة وبتفصيل وقائع الاعتقال، ويومياتها… وهي قصة تحوي دروس رائعة. أبرزها درس الصمود والتحدي الذي واجهت به الجلادين وأرهقتهم به… مواقف عظيمة نقرأ في هذه المذكرات… وهي رسالة موجهة أولاً للطاغوت الذي ينبغي عليه ان يعرف كيف تقهر ارادة الشعوب كل عنجهيات الطغاة والجلادين، وموجهة الى المرأة المؤمنة لكي تقتدي بأختها التي جاهدت وصابرت ورابطت في سبيل الله.
لقد اضطر النظام لاطلاق سراح الاخت الرسالية ومعها عدة أخوات، بعدها اطلق سراح كل المعتقلين السياسيين في البلاد، حيث تكللت ضغوط المعارضة في الداخل والخارج بالنجاح بعد أن قامت بمجموعة من النشاطات الجماهيرية والاعلامية والسياسية في كل من لندن، ولبنان، والخليج، وفي داخل الجزيرة لقيت تجاوباً واسعاً من قبل الجهات المهتمة بالأمر… كيف والنظام يدعي دائماً أنه لا يوجد لديه أي معتقل سياسي…
نترككم مع قصة الصمود والتحدي… قصة الضعف والوهن لنظام يرتبط بأميركا ويملك ترسانات الاسلحة الضخمة…
النا
(1)

الاعتقال..!!
…في الهزيع الاخير من الليل.. اذا بالباب تطرق بعنف، طرقات متوالية كالرعد القاصف، كذبت سمعي في البداية أيكون هذا حلماً ام كابوساً من الكوابيس المزعجة، أصغت السمع مرة أخرى واذا به يصيب في هذه المرة بعكس المرة السابقة، استيقظ الجميع في حالة مفزعة يا ترى ماذا حدث؟ ولماذا كل هذا الضجيج؟ وعلامة التعجب والاستغراب قد كست الوجوه من سيأتي في هذا الوقت، مستحيل ان يكون زائراً، إخوتي يتواجد معظمهم قبل العاشرة في المنزل ولم يكن أحد في الخارج، وسريعاً توجه بي فكري الى زوار الليل وهم يجرون أحد أبناء البلد الصالحين من الخيرة الطيبة.. رأيت صورته وهو مكبلاً بالقيود يسحب بكل قوة وعنف بأيديهم الآثمة، يا ترى هل سيعود؟ ومتى يعود؟ وكيف سيعود والقضبان تحاصره من كل جانب، وكيف سيتمكن من الإفلات من قبضتهم،… اشتد طرق الباب أكثر فاكثر، كانت اصوات طرقات الباب عالية جداً، كان والدي يسير بخطوات متثاقلة تجاه الباب وقبل ان يبادر هو لفتح الباب، دفع الباب بقوة واصطدم بجسده، أقبل رجل ضخم الجثة طويل القامة وأخذ يصرخ بغضب شديد اين هي؟ فوجئ والدي بما يريد فأتى اليهم محاولاً الاستفسار منهم لماذا كل ذلك؟ وقبل ان يعطي أي فرصة للكلام ذرعوا المنزل بغير استئذان، أثارت الدهشة والدي ماذا يريد هؤلاء؟ ولماذا يستخدمون هذا الاسلوب؟ ولماذا يعتقلون فتاة لم تبلغ العشرين بعد؟… اما هم فقد كانوا أربعة رجال مقنعين أنفسهم بلثام، ذوي قامات طويلة، ارتادوا المنزل، أخذ كل واحد منهم يبحث في مكان، كأنهم يبحثون عن ضالة ثمينة خاصة بهم فقدوها، ولربما كانت ضائعة فهاهم يبحثون عنها، واذا بشخصين آخرين قد استلما مكانيهما امام الباب بعد ان أشارا لمن في الداخل بعدم الخروج، كانت اعمارهم تقارب الثلاثين، أذهلني منظرهمان كانا شديدي السواد يحملان وجوهاً مخيفة، يرتديات الزي العسكري وكل واحد بيده سلاح من نوع كبير، حيث تطوّق صدريهما أشرطة من الرصاص، بينما هما كذلك واذا برجل قد أوسعا له الطريق، يبدوا أنه رئيسهم، حتى أنهما كادا يركعان له بالتحية، فقد كان شخصية مخيفة، معتدل القامة لا يتجاوز 170 سم يتميز بالصلافة والجفاف والنبرة الحادة، لكنه لا يرتدي لثام كما الآخرين، كان محافظاً على مظهره واناقته، يرتدي ثوباً أبيض، مع كوفية حمراء، إنني مسؤول المباحث في منطقة القطيف، هكذا عرّف نفسه وبكل وقاحة معلناً أسمه (عايض القحطاني). بعدها أمسك بوالدي من ثوبه وهزه هزاً عنيفاً، وقد أطبق على رقته وهو يزمجر قائلاً اين هي تلك اللعينة؟ اخرجها ولا تحاول اخفائها والا قتلتك!!! دفع والدي مرة أخرى وأقعده على الأرض اراد مقاومتهم، حاول ان يتفوه بكلمة تجاههم، لكنه وجه السلاح إلى رأسه مشيراً اليه بالصمت، إتجه إلى نواحي المنزل وهو يعربد بصوته المزعج اين انت؟؟ لا تحاولي الهرب؟ فإنك لن تستطيعي يا رافضة.. وارتفع صراخهم هذا يسب وهذا يشتم والآخر يلعن تحول المنزل الى ساحة لعب بينهم وإطلاق أقذر الكلمات والشتائم، على إثر هذه الاصوات المقززة والتي تشبه أصوات الثيران، استيقظت والدتي فزعة حينما فتح عليها الباب من قبل أحد الملثمين، وهو يعوي بصوته اين هي؟ لا تحاولي اخفائها، والدتي أصابها الخوف ماذا يقصد من وراء كلامه أهي ضالة فقدوها ام ماذا؟ سألته ما قصدك وعن ماذا تبحث؟ قال إبنتك فازدادت نبضات قلبها وعجز لسانها عن الكلام وتماطلت بالوقوف صامتة… يا ترى هل تصارع شيئاً بداخلها ام ماذا؟.. كانت والدتي خائفة ولكن أي خوف؟ خوف طبيعي كما تخاف أي ام على إبنتها يا ترى ماذا يريدون منها؟ وماذا عملت لهم؟… انا اعرفها جيداً لا يمكن ان تكون قد ارتكبت خطأ، فأخذت هواجس القلق، تحيط بها من كل جانب، كيف سيأخذونها وهي إبنتي الكبرى وساعدي الايمن في المنزل؟.. وهل ستعود؟ ماذا سيقولون لها وما الذي ارتكبته في حقهم؟؟؟ بعد ان استعادت قوتها قالت له امكث أنت هنا وأنا سآتي بها اليكم ولكنه رفض ذلك بشدة وأخذ ينهال عليها بالسب والزجر حيث خرج واغلق الباب بقوة في وجهها.
.. ذهبوا إلى غرفتي قلّبوا ما فيها رأساً على عقب لقيامهم بعملية البحث داخلها (التفتيش) لعلهم يحصلون على شيء ولم اكن موجودة بها، لقد كنت متواجدة في غرفة اخوتي الصغار الذي اصابهم الذعر من قبل هؤلاء، حيث كنت ارقب الامور على مقربة من الشرفة… تعالت أصواتهم حينما وجدوا الغرفة فارغة، فازدادت حماقتهم وأدت بهم الى تحطيم ما هو موجود، بعثرة الادراج الموجودة وسط الخزانة التابعة للغرفة، اضافة الى بعض المجلات واصبح منظر الغرفة لا يطاق..
ما هي الا لحظات حتى هجموا على غرفة اخوتي، علمت انني المقصودة لديهم فانقضّوا علّي كما ينقض الذئب على فريسته، كانت من بينهم أمرأة، إنهالوا على جسدي بالضرب والركل وساقوني معهم الى سيارة خارج المنزل لونها ابيض من نوع داتسون (نيسان)nissan موديل (82) ودعتني نظرات الأهل وبالخصوص والدتي وقد انهملت دموعها على خديها..
__________________
وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة:83)