عرض مشاركة مفردة
  #12  
قديم 17-05-2003, 11:37 PM
القوس القوس غير متصل
وما رميت إذ رميت
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 2,350
إفتراضي

(11)

التحقيق مرة أخرى

…تم استدعائي للتحقيق مرة أخرى على أمل انتظار العقاب الصارم من قبل المحقق، يا الهي… ما عسى يكون اسلوبهم في هذه المرة فالتهديد والوعيد أخذ يزداد في الفترات الأخيرة، والتنكيل والضرب بدأ يأخذ مكانه في كل جلسة، يا ترى ماذا تم تحضيره لي في هذه المرة لم يكن امامي سواك يا رب، فنجني منهم وسلمني من كيدهم ها أنذا أتوجه اليك يا من تحل به عقد المكاره، ويفتأ به حد الشدائد، يا من يلتمس منه المخرج الى روح الفرج، الهي ذلت لقدرتك الصعاب وتسببت بلطفك الاسباب وجرى بقدرتك القضاء، ومضت على ارادتك الاشياء، الهي انت المدعو للمهمات وانت المفزع في الملمات، وقد نزل بي يا رب ما قد تكأدني ثقله، وألم بي ما قد بهظني حمله فلا مصدر لما اوردت، ولا صارف لما وجهت ولا ميسر لما عسرت ولا ناصر لمن خذلت صلّي على محمد وآل محمد وافتح لي باب الفرج بطولك وانلني حسن النظر فيما شكوت برحمتك يا ارحم الراحمين.. دخلت مكتب التحقيق وبعد ان احضر الملف وسلمني القلم قائلا: والآن اكيد ستعترفي وتقولي الصدق بعد رؤية اهلك وبالذات حينما رأيت والدتك وهي تبكي الم يؤلمك منظرها وهي تتألم لأجلك؟
ـ كلا وان حدث ذلك فليس لدي ما اقوله، وكل ما عندي اخبرتكم به.
حتى بعد رؤية اهلك؟
ـ نعم حتى بعد رؤيتهم، ثم انا لم اطلب ان يزرني أحد، انتم الذين قمتم بكل ذلك ولم اكلفكم بهذا الأمر.
اخرج زفيرا عميقا قائلا: بعدك عنيدة وراسك يابس بحاجة الى تحطيم.
ـ لن يصبنا الا ما كتب الله لنا.
اخرسي وبدأ المحضر.
عالية.. إبدئي معنا بصدق ولا داعي للانكار، فزوجك موجود لدينا وقد اعترف عليكم بكل شيء، قال انك تقومي بعدة اعمال، تطبعين منشورات، وتجميعن تبرعات، وتعقدين ندوات ولك عدة اجتماعات للتنظيم، فأريحينا واريحي نفسك فهذه إعترافات زوجك لدينا ومسجلة بخط يده؟
ـ هذا ليس صحيح ولا دخل لي بكل هذه الأعمال، انا مجرد طالبة علوم دينية.
هذا ليس معقول فأنت كذابة، زوجك اعترف عليك؟
ـ هذه اعترافات واتهامات ملفقة انا لم اعملها، وهذا ليس صحيح فزوجي يعرفني جيدا لا أقوم بهذه الاعمال.
قال وان احضرنا لك زوجك الآن واعترف امامك فماذا تقولين؟
ـ انا مستعدة لمقابلته وانكر مرة اخرى هذه الاعمال، وكل ما اقوم به ذكرته لكم كزيارة الآخرين والمعاملة الحسنة معهم و…. و…. و….. الخ.
هذا غير صحيح فأنت تقومين بكتابة وتوزيع منشورات ثورية ضد النظام ومخربة لأمن البلاد فاعترفي وإلا..؟
يقتصر دوري فقط لكوني طالبة علوم دينية لا دخل لي بأية امور سياسية حتى تصل لمسألة التخريب لاوضاع البلاد.
ما هي المعلومات التي تعرفينها عن زوجك.
ـ لا أعلم عنه شيء سوى انه زوجي وخرجنا سوية لطلب الدراسة الدينية.
هل هذا فقط؟
ـ نعم.
لا أصدق، انت كذابة زوجك ولا تعلمين عنه شيء.. هذا مستحيل؟
ـ وهل زوجتك تعلم عنك كل شيء؟
نعم.
ـ لا اصدق.
هذا ليس موضوعنا المهم ان تعترفي الى اين يذهب زوجك ومن يقابل؟
ـ لا أعلم.
كذابة..
ـ صدقني لا علم لي ولا أراه يقابل احدا، بل هو دائما في المنزل.
وهل هنا زوجة لا تعلم اين يذهب زوجها ومن يقابل؟
ـ نعم فليس كل شيء يقال للزوجة، ولكل مقام مقال، وأنالا أؤمن بالرجل الذي يقول لزوجته كل صغيرة وكبيرة واذا كان كذلك فهو في نظري حمار.
بلا فلسفة زايدة، فأنت كذابة وانا متأكد من كل ذلك؟
ـ أنا لا اكذب وهذه حقيقة وهل أنت تخبر زوجتك بأنك تقابل نساء وتحقق معهن في مكتبك، وهل تقول لها كل ما يدور في جلسات التحقيق؟
زجرني بقوة انا احقق معك انت وليس انت التي تحققين معي فما رأيك ان تأتي الى هنا (مشيرا الى مقعده) حتى تحققي معي. قالها مستهزءا.. بنات آخر زمن.
مع من كل يجتمع زوجك وفي أي مكان؟ لدينا علم بأن زوجك يجتمع مع افراد وينظمهم وانت على علم بكل شخص فمن هم هؤلاء؟ وفي أي مكان يجتمع بهم زوجك؟
ـ ليس لي علم بهذه الأمور ولا علم لي بهذه الأقوال.
كذابة ، حقيرة.
ـ لا اكذب، فهو موجود لديكم وبإمكانكم ان تسألوه.
نحن نسألك انت.
ـ انا لا دخل لي بمثل هذه الأمور.
لا نصدق كلامك فهم يجتمعون في مجلسكم في المنزل وانت تعلمين بذلك وهم موجودون لدينا وقد اعترفوا عليك بكل شيء؟
ـ ما شاء الله، انا مستعدة لمقابلتهم اذن وسماع أقوالهم ان كان هذا صحيح.
ما هي الاجتماعات التي تقومين بها في البلاد؟
ـ لا يوجد لدي اية اجتماعات.
يوميات الفايل الاخير
المعلومات التي لدينا تقولم بأنك تعقدين اجتماعات سرية وندوات تلقى فيها دروس سياسية وتعطى فيها دروس تنظيمية، فمن هنّ اللاتي تجتمعين معهن وماذا يدور في جلساتكم؟
ـ هذا ليس صحيح، فليس لدي أي اجتماعات او ندوات سياسية ولا علم لي بأية جلسات وانا بعيدة عن التنظيم ولا علاقة لي بذلك.
ارجوا ان لا تكذبين فالفتيات التي كنت تجلسين معهن موجودات لدينا وسوف تقابليهن الآن فلا داعي فلا مفرّ من الإنكار وقد قلن عنك الكثير، قلن انهن يساعندك في جمع التبرعات وتوزيع المنشورات والكثير الكثير، فقولي الصدق قبل ان ينكشف أمرك من هنّ اللاتي تجتمعين معهن؟ وما هي أسمائهن؟ وفي أي مكان يتم اجتماعكن؟
ـ لا علاقة لي بأي أحد ولا اعلم بأية فتاة وليس لدي أية اجتماعات ولا دخل لي بكل هذه الأمور، وك ما ذكرتموه كذب، وانا مستعد لمقابلة الفتيات اللاتي اعترفن عليّ إن كان هذا صدقاً.
ـ ازداد غضبه واذا به، ينهال على رأسي وجسمي ضرباً بالسوط وهو يصرخ كذابة، حقيرة، حيوانة،… ،… ،….
وبعد ان هدأت اعصابه، جلس على مقعده ثم استرد انفاسه ثم اتصل هاتفياً وعلى ما أظن كان يكلم حقيراً مثله وهو (عايض القحطاني) قال له خمس دقائق وانا قادم اليك واغلق السماعة، كنت وقتها أجهش بالبكاء.
اخذ يسألني وانا اجيبه بصوت مبحوح بدت عليه علامة الحزن والاسى.
من ضمن المعلومات التي لدينا انك تعملين على جمع التبرعات من الناس فكم مقدار المبلغ الذي جمعته واين هو الآن؟
ـ لا اجمع اية تبرعات، واذا اردت الجمع فلا أجمع من الناس وانما من الأهل والاقارب، وأتذكر أنني حاولت ذات مرة جمع تبرعات من العائلة وكان ذلك لبناء أحد المساجد.
من صديقاتك داخل وخارج المنطقة؟
ـ كل الناس اصدقائي سواء في داخل المنطقة او خارجها.
من هم الافراد الذين تتعاملين معهم خارج وداخل المنطقة؟
ـ لا اتعامل مع أحد. فكل الناس علاقتي معهم مجرد تعارف واخوة في الإسلام.
ليس من المعقول ان لا يكون لك صديقات؟ فمن صديقاتك المقربات اذكري اسمائهن؟
ـ ليس لي صديقات مخصصات فجميع الناس سواسية فالاطفال وكبار السن والشابات كلهم اصدقائي.. واذا تريد أسمائهم فهي كالتالي (ام سعود ام علي حسين، صلوح، ام محمد، ام معتوق، كاظمية،…….. واذا به اخذ يشمئز قائلا: خلاص، خلاص بيكفي.
ماذا لو ثبت لدينا ان لك اجتماعات وندوات واعمال مخالفة للدولة؟
ـ اذا ثبت ذلك فأنا بين ايديكم واستحق العقاب.
ما الهدف من قيامك بهذه الاعمال والمشاغبات ولأجل ماذا؟
ـ ليس لأجل شيء معين وبالتالي لم أقم بأية مشاغبات.
كذابة، انت واحدة من ضمن الأوباش الذين يسعون لقلب النظام واسقاط الحكم..
ـ هذا ليس صحيحا..
لا يمكن ان تخدعينا بأقوالك فأنت الشيخة ام مهتدي وتعملين كل ذلك من اجل إقامة حكومة إسلامية مثل اللي في ايران وإلا لماذا قمت بدراسة العلوم الدينية أكيد هدفك اسقاط النظام، ولهذا عملت على جمع التبرعات وبيع الكتب الإسلامية، وتوزيع منشورات وتنظيم افراد وندوات وهيئات و… و… و…
ـ ما شاء الله ما شاء الله، هل معقول هذه الاعمال تصدر مني يا عجب الله!
ـ اذا كان الأمر كذلك فلا داعي لأن اكتب أي شيء، تفضل (سلمته القلم) اكتب انت كل ما لديك من تهم ملقفة وكل ما يحلوا لك من إعترافات وحسب ما تريد.
زجرني ورمى القلم فوق رأسي، أنت لا بد ان تكتبي وليس أنا.
هل لديك اقوال اخرى؟
ـ كلا.
أقفل المحضر امرني بالتوقيع عليه
اقفل المحضر في تمام الساعة العاشرة صباحا في 10 محرم/ 1400هـ.
بحضور السجّانة التوقيع.. مع أخذ البصمات.
وهكذا استمر التحقيق لمدة شهر وعشرة أيام متواصلة، فانقضت الأيام، وانقضت معها المعاناة والعذاب وأقسى الآلام، وبعد معاصرة مريرة مع الحر الشديد والرطوبة، والظلام الحالك وعض الحشرات وسوء المعاملة من تسهير وشتم وضرب وسوء تغذية وتجريح واهانة لكرامة الإنسان، إستنقذنا الله من الزنزانة الإنقرادية إلى السجن الجماعي حيث مرتّ فيه أحلى الأيام واسعد اللحظات..
__________________
وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة:83)