كنت تفاءلت قليلاً بردودك الأخيرة سيد سلفي إذ هي أحسن قليلاً من أسلوبك المعتاد ولكن ها أنت ذا تعود دفعة واحدة إلى كلام لا مسؤول مثل حديثك عن "الضلال المظلم" الذي يعيش فيه أهل السنة والجماعة.
ً هذا المذهب هو أوسع المذاهب الإسلامية أفقاً وأعظمها تجربة وأكثرها توسطاً وقرباً من جوهر الإسلام الحقيقي.
وصحيح أن هذا المذهب قد شهد في القرن الأخير مصيبة التوجه اللاشرعي للأنظمة الحاكمة في البلدان السنية الكبرى في اتجاه الابتعاد عن المنظومة الشرعية وهذا ما يسر لأقلية زهيدة منشقة أن تدعي أنها وحدها ممثلة السنة ولكن هذا لم يغير من حقيقة المذهب.لم تزل السنة بتقاليدها الواسعة الأفق المتسامحة موجودة كتراث شعبي أولاً كما هي في بلاد الشام ومصر مثلا وكعلماء عظام جددوا المذهب مع مستلزمات العصر كما في أمثلة صبحي الصالح رحمه الله ووهبة الزحيلي والطاهر بن عاشور ومصطفى الزرقا ومحمد أبو زهرة وأحمد الريسوني ويوسف القرضاوي ومحمد الغزالي وكثير غيرهم.
هناك أقلية تريد مصادرة المذهب السني واختطافه ومن سفهائها وحواشيها أصحاب الفتنة الذين يكتبون في الخيمة ولكن هؤلاء لا علاقة لهم بالمذهب السني بل هو يتناقض معهم إذ اتجاههم تكفيري وهم يكفرون أغلب السنة بالذات ولا يتكلمون عن الأئمة الأربعة إلا من قبيل رفع العتب وقد يزل لسان أحدهم فيتكلم مثلاً عن شخص يصفه بأنه "حنفي" كأنه واحد مبتدع إن لم نقل إنه من دين آخر! فهل هؤلاء سنة وقد اقتصرت كل بضاعتهم من المذهب السني العريق على نصوص مجتزئة من ابن تيمية رحمه الله؟هذا مع العلم أنهم لا يقرؤون لا ابن تيمية ولا ابن القيم بعمومهما فقد غاب ابن القيم الأصولي العظيم صاحب "إعلام الموقعين" عن فكرهم فلم يبق منه إلا صورة زائفة عن رجل منشغل بتكفير الآخرين وكذلك غاب العالم الموسوعي ابن تيمية فلم يبق منه إلا صورة الرجل المنشغل بالحرب مع المسلمين ومواجهة غالبيتهم.
ومن المطالب الأساسية الآن تحرير هذا المذهب السني العظيم والعودة به إلى أصوله وتجربته العظيمة بعيداً عن الغلاة من التيارات المختلفة الذين علقوا به كما تعلق الطفيليات.
|