الموضوع: الخيال
عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 04-06-2003, 04:17 PM
القوس القوس غير متصل
وما رميت إذ رميت
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 2,350
إفتراضي

اسف همسة جوابك كان صح وهنا الدليل بعد ان اوضحه سارس...

قسم العرب (القدامى) الخيل من حيث النسب والأصالة إلى أربعة أقسام، فالحصان (العربي) عندهم هو ما جاء نتاجاً من فرس وفحل عربيين معروفي النسب، وكان العرب يصفون بالسلهبة كل فرس عربي شامخ، ونقيضه (البرذون) وهو المولود لأب ولأم أعجميين، وفي هذا يقول الشاعر:




نجى علاجا وبشرا كل سلهبة
واستلحم الموت أصحاب البراذين


أما الصنف الثالث من الخيول فهو (الهجين) وهو ابن لبرذونة من حصان عربي، وعكسه (المقرف) وهو عربي الأم أجنبي الأب. وقد بلغت عناية العرب (القدامى) بالخيل وتقديرهم لها ان كنوا شجعانهم بأسماء خيولهم، فقد حمل لنا التاريخ الكثير من هذه الكنى، فهذا (فارس الورد) - شهيد أحد - حمزة بن عبدالمطلب يقول في حصانه (الورد):



ليس عندي إلا سلاح وورد
قارح من نبات ذي العقال
اتقي دونه المنايا بنفسي
وهو دوني يغشى صدور العوالي


انظر عزيزي القارئ إلى الفدائية المتبادلة بين الفارس الذي يجعل من نفسه ترساً دون حصانه في الوقت الذي يفعل الحصان الشيء نفسه حين يقفز منتصباً بنصفه الأعلى ليحول بين فارسه وبين أعدائه. أما الصحابي الشجاع الجليل عكاشة بن حصين الأسدي فهو (فارس ذي اللمة) وقيل ان حصانه هذا كان قد أهداه إليه الرسول صلى الله عليه وسلم وكان شداد بن معاوية العبسي -والد عنترة الشهير -يعرف (بفارس جروة)، فرسه التي يقول بأنه دربها للحرب فلاهي للبيع ولا للإعارة ولا يطلب نسلها.



فمن يك سائلا عني فإني
وجروة لا تباع ولاتعار


أما عنترة الابن الذي انتزع الاعتراف بنسبه إلى أبيه عبر شجاعة الفرسان فهو (فارس الأبجر) وفيه يقول:



لا تعجلي أشدد حزام الأبجر
إني إذا الموت دنا لم اضجر


وهذا مالك بن عوف النصري -الأسد الرهيص - عرفه العرب (بفارس محاج) فرسه التي يقول فيها يوم حنين:



أقدم محاج إنه يوم نكر
مثلي على مثلك يحمي ويكر


وقد تداول العرب القول «لأنت أجرا من فارس خصاف» حتى شاع مثلاً، والمعني هنا هو «سفيان بن ربيعة الباهلي وفرسه خصاف»، وحكاية المثل أن كسرى ملك الفرس كان قد دفع بجيش جرار من المرازبة إلى قبائل مضر، وقد رأى رجال مضر -لأول مرة - جيشاً لا تكاد تبين ملامح جنده بسبب ما يغطون به أجسادهم ووجوههم من الألبسة الحديدية والدروع، حتى ظنوا أن مهاجميهم هؤلاء لايموتون.
وتصادف أن صوب سهم إلى خصاف - فرس سفيان - وهو على ظهرها، فأخطأ النبل الفرس وانغرس في الأرض، ولما نزل سفيان عن فرسه يستكشف الموقع اكتشف أن السهم قد صادف جربوعاً (حيوان كالفأر الصغير) في الأرض فصرعه، فقال سفيان قولته المشهورة التي سارت هي الأخرى مثلاً: «ما المرء في شيء ولا اليربوع في شيء مع القضاء» وهو يؤكد قول الشاعر الجاهلي:



إذا حم القضاء على امرئ
فلا بريقيه ولا بحر


وهنا استعاد سفيان وعيه بالحقيقة التي كادت تغيب عن أذهان مضر وحتى عن ذهنه هو للوهلة الأولى بأن الفناء هو نهاية كل مخلوق، وهنا حمل سفيان على «قولا المرزيان» فطعنه طعنة نجلاء صرعته، فصرخ «فارس خصاف» في قومه: يا لقيس إنهم يموتون»، فسار على لسان العرب قولهم «لأنت أجراً من فارس خصاف».
ولعل من المناسب ان اختم حديثي اليوم بأغرب طلاق وقع بسبب التنافس على شعر الفخر بالخيل بين العرب، فقد دخل الشاعران المعروفان امرؤ القيس وعلقمة بن عبدة (الفحل)، في مباراة شعرية يفتخر كل منهما بحصانه، وحكما أم جندب زوجة امرئ القيس بينهما.
استهل امرؤ القيس بائيته الشهيرة بقوله:



خليلي مرا بي على أم جندب
لنقضي لبانات الفؤاد المعذب


وفيها يقول:



فللساق الهوب وللسوط درة
وللزجر منه وقع أهوج متعب


أما علقمة فقد رد عليه ببائيته المشهورة أيضاً ومبدؤها



ذهبت من الهجران في كل مذهب
ولم يك حقا كل هذا التجنب


حتى يقول:



فأدركهن ثانياً من عنانه
يمر كمر الرائح المتحلب


وحكمت أم جندب لعلقمة لأن فرسه يدرك الصيد كالسهم المصوب لايحتاج -كفرس امرئ القيس - إلى أن يستحثه على ذلك بالرفس بالساقين والضرب بالسوط والزجر. وثار امرؤ القيس فطلق أم جندب بسبب هذا الحكم وتزوجها علقمة.

وللحديث - إن شاء الله - بقية
__________________
وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة:83)



الرد مع إقتباس