ويقولون:
إن عفة المرأة واستقامتها ليست في الغطاء، فكم من فتاة متحجبة ومتسترة من جميع الوجوه ولكنها على خلق ذميم وسلوك سيئ. وكم من فتاة حاسرة سافرة لا يعرف السوء سبيلاً إلى نفسها وسلوكها.
الجواب:
أن الإسلام كما أمر المرأة بالحجاب، أمرها أن تكون ذات خلق ودين وصفاء سريرة، إنه يربي التي تحت الحجاب قبل أن يسدل عليها الحجاب، ويقول لها: {وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ..}.
ولكن البشر عموماً معرضون للخطأ والعصيان كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "كل ابن آدم خطاء". فإذا أخطأت العفيفة المحتشمة فوقع منها سلوك مشين أو خلق ذميم فهل تعاب على ذنبها وتقصيرها أم على حجابها؟
ومن قال إن الحجاب لا تلبسه إلا من كانت نقية تقية؟! على المرأة أن تطيع ربها في لبس الحجاب وفي سائر ما أمرت به، ولو قصرت في شيء من ذلك استحقت الذم والإثم، ولا تكون طاعتها مبرراً لإساءتها وتقصيرها كما يقولون في شبهتهم.
هل المطلوب أن تكون المسلمة إما محجبة سيئة السلوك أو سافرة حسنة السلوك؟! ألا يمكن أن تجمع بين الحسنيين فتكون محجبة، حسنة السلوك؟! إن هذا هو الأصل الذي ينبغي أن تطمح إلى تحقيقه كل مسلمة وتسعى لإكماله في نفسها وفي أخواتها المسلمات، بدلاً من أن تقف راضية عن نفسها في نقصها، مزرية للأخريات في قصورهن.
ومن ذلك أيضاً: من تحتج على تساهلها في حجابها بفعل بعض النساء الخيرات اللاتي يتساهلن في لبس العباءة أو لا يتحرزن في الحجاب الشرعي الكامل، وقد يكون أولئك النساء زوجات أو بنات لرجال صالحين.
وهذا المبرر الذي نسمعه من بعض النساء يكتنفه جهل أو هوى، وهي تعلم أنها ليست على صواب، فبعض النساء الخيرات يفرطن في الحجاب الكامل جهلاً منهن بحكمه، والبعض الآخر قد يكن نساء متمردات على أزواجهن الصالحين.
فلا ينبغي أن يصبح تقصيرهن حجة، بل المقطوع به عند المسلمين جميعاً أن تصرفات الآخرين لا بد أن توزن ـ صحة وبطلاناً ـ بميزان الحكم الشرعي. لا أن يوزن الحكم الشرعي بتصرفاتهم، ووقائع أحوالهم، كما يقولون "لا تعرف الحق بالرجال ولكن اعرف الحق تعرف أهله".
وعلى ضوء هذه القاعدة ينبغي أن يسير المسلم في طاعة ربه غير متأثر بأفعال الآخرين الباطلة مهما كانوا.
ثم لماذا لا نعتبر بفعل الجمهرة العظيمة من النساء المتصونات المتعففات ونجعلها حجة لنا بدلاً من جعل حجتنا قلة قليلة في الصالحات؟!
.. يتبع ..