2 - العفو والصفح:
لقد ندب الله عز وجل نبيه صلى الله علي وسلم إلى هذه الفئة من الناس ليبشرهم بما للصفح والعفو بقوله تعالى:
{ فاصفَحْ الصَّفح الجَميل}
[الحجر: 85]
قيل هو الرضا بلا عتاب. وهو من مطفيات الغضب.
يقول الفالوجي
طالما إن الجميع متفقون على أن الشيطان من نار فلإطفاء نار الغضب
وأقول لإطفاء النار وسائل عدة منها:
الاستعانة بكتاب الله سبحانه فمن أقواله عز وجل:
{ فاصْفح عنهُم وقُل سلامٌ فسوف يعْلمُون}[الزخرف: 89].
وتعني الصفح عن المشركين }وقل سلام} أي لا تجاوبهم بمثل ما يخاطبونك به من الكلام السيء، ولكن تألفهم واصفح عنهم فعلاً وقولاً { فسوفَ يعْلمون} هذا تهديد من الله تعالى لهم، ولهذا أحل بهم بأسه الذي لا يرد وأعلى دينه وكلمته وشرع بعد ذلك الجهاد والجلاد حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً، وانتشر الإسلام في المشارق والمغارب.
{ وإن عاقبْتُم فعاقبوا بمثل ما عُوقبتُم به ولئن صبرتم لهو خيرٌ للصابرين}[النحل: 126].
يقول ابن كثير في تفسيره:
يأمر تعالى بالعدل في القصاص والمماثلة في استيفاء الحق ولكنه قال: {وإن عاقبْتُم فعاقِبُوا بمِثْل ما عُوقبتُم به} إن أخذ منكم رجل شيئاً فخذوا مثله. وقد أمر المسلمين بالصفح عن المشركين فأسلم رجال ذوو منعة فقالوا يا رسول الله لو أذن الله لنا لانتصرنا من هؤلاء الكلاب فنزلت هذه الآية وكان ذلك بعد أحد حين قتل حمزة رضي الله عنه ومثل به فقال رسول الله صلى الله علي وسلم [لئن أظهرني الله عليهم لأمثلن بثلاثين رجلاً منهم فلما سمع المسلمون ذلك قالوا والله لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط] فأنزل الله { إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} إلى آخر السورة.
{ والذين يجْتَنبون كبائرَ الإثم والفواحش وإذا ما غضِبوا هُم يغفرون}[الشورى: 37].
{ وإذا ما غضبوا هم يغفرون} والمراد أن أخلاق المسلمين تقتضي الصفح والعفو عن الناس لأن الانتقام ليس سجيتهم، ولقد كان لهم في رسول الله أسوة حسنة وقد ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم ما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمات الله.
{ فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعْتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين}[البقرة: 194].
يقول ابن كثير في تفسيره لقوله { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} أنه أمر بالعدل حتى في المشركين كما قال { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} وقال { وجزاء سيئة سيئة مثلها}.
تحياتي