الموضوع: الصوفية
عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 22-06-2003, 02:23 PM
البارجة البارجة غير متصل
دكتوراة -علوم اسلامية
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2003
المشاركات: 228
إفتراضي

[color=blue][align=CENTER]

2 الصوفية

النشاة والظهور
مر التصوف بأدوار مختلفة جعلت منه نظاما خاصا ذا فلسفة ثابتة، ويمكن توزيع تلك الأدوار على ثلاث مراحل : ـ مرحلة الزهد العملي : وهذه المرحلة تمثل ادوار الحضانة للتصوف، إذ كان التصوف طريقة في الحياة اتصفت بالرغبة الشديدة في شؤون الدين، والاستهانة بأمور الدنيا، والقيام بالفرائض الدينية على أتم وجه للتقرب إلى الله سبحانه.هذه المرحلة من وجهة نظر تحليلية تأريخية مثلت عملة ذات جنبتين، جنبتها الايجابية في تشديدها على الاعتبارات الروحية والفضائل الخلقية والقدوة الصالحة التي وجدها الناس في حياة النبي الأكرم (ص) وسلوك المنتجبين من الصحابة، وجنبتها السلبية في الردة العنيفة التي حدثت في وجه التوسع الاجتماعي والسلوك المنحرف لبعض الحكام المسلمين.
وهذه الردة الروحية بدأت على شكل سلوك فردي، لكن سرعان ما تحولت إلى تيار اجتماعي، ثم تبلورت كاتجاه في تعاليم الحسن البصري وفي مواعظه الزهدية في مسجد البصرة، ولذلك عده المتصوفة رئيسهم ومنظرهم الأول.
ـ مرحلة الفلسفة الصوفية : وهي المرحلة الثانية التي بدأ التأثير الخارجي يتجلى فيها متمثلا بالنزعة الزهدية بشكلها المتطور، ويظهر ذلك في « رابعة العدوية » التي كانت السباقة إلى طرح فكرة الحب الالهي مكان الخوف والرهبنة المسيحية، وفكرة الحب الالهي مهدت الطريق لفكرة الاتصال أو الفناء التي طبعت الزهد بطابع التصوف الفلسفي.
ومن هنا أخذ المذهب الصوفي يتجه في مجريين : حمل الأول التأثير اليوناني، وانطبع الثاني بالطابع الهندي.
يرشح الأول من مؤلفات « الحارث بن أسد المحاسبي » التي تتجلى في فكرة التماس معرفة الحق بالاتصال الاشراقي التي عمل بها ذو النون المصري (المتوفى سنة 245 هـ)، ويبرز الثاني في فكرة الفناء الروحي التي حملها إلى التصوف أبو يزيد البسطامي (المتوفَّى سنة 261) وهو فارسي الأصل اقتبس فكرة الفناء (النرقانا) عن زهاد الهند، ثم جاء الجنيد البغدادي (المتوفي سنة 297 هـ) فنسق مبادئ التصوف وربطها بالأصول القرآنية وافرغها في نظام روحي فلسفي قوامه الزهد والتقشف، وركنه ممارسة الرياضة الروحية.
ـ مرحلة المبادئ المتطرفة : اتسمت هذه المرحلة بتطور الافكار الصوفية التي ظهرت في كلماتهم على شكل رموز وتعابير خاصة اضطرتهم إلى اضفاء جانب السرية لعدم اطلاع (العوام) عليها، فـ (الحلاّج) نجم لامع في دنيا الصوفية وتطورت عنده فكرة الفناء حتى زعم ان روحه تتحد في حال نشوته بالذات الالهية مما دعاه إلى كشف بعض الاسرار وتصرحه بانه الحق والحق هو، وكان يقول : « سبحاني ما اعظم شأني » الأمر الذي أودى به إلى القتل مصلوباً، ثم جاء دور أبي حامد الغزالي الذي حاول ان يحرر التصوف ويهذبه مما لحق به ويرده إلى الرصانة، ويؤيد أصوله بالشرع، ويحببه إلى القلوب، لكن السمة التي وسمه بها الحلاج عادت إليه في صورة عقيدة الحلول وفكرة وحدة الوجود.
وإذا بلغ التصوف الذروة في مراحله السابقة فانه قد أخذ في الانحطاط في هذه المرحلة حتى اقترن بالشعوذة والسحر وادعاء الكرامات بل تحول في نهاية المطاف إلى مذهب خرافي.
ففي القرن السابع الهجري نزل في العراق والشرق العربي بشكل عام متصوفون من الهنود والمشعوذين من الحكماء الالهيين فأدخلوا على حلقات الصوفية صنوفا من المخدرات الصناعية والطرق الغريبة كالرقص المشاهد حتى يومنا هذا في تكايا الدراويش الذي يصاحبه اعمال شعبذة واكل للزجاج والنار ووخز البدن بإبر الحديد المحمي.
ـ وتفرعت الصوفية إلى العديد من المذاهب التي تبنت كل منها اتجاها فلسفيا وعقائديا ميزها عن غيرها من المذاهب نستعرضها كما يلي :
المذهب الاشراقي : وهو أول مذهب غلبت عليه الناحية الفلسفية، والاشراق الروحي أساس كل تصوف ظهر داعيا إلى الزهد والتقشف، وأول من « ادعاه ثوبان بن ابراهيم ذو النون المصري ».
المذهب الحلولي : وهو ثاني المذاهب الصوفية، ومفاده : حلول العنصر الالهي في العنصر البشري، وبه نادى (الحلاّج)..
مذهب وحدة الوجود : وهو ثالث مذاهب الصوفية، والقائل به « محيي الدين بن عربي » « والسهروردي » « وابن الفارض » و(الحلاّج) أيضا.
مذهب الفناء في الله : وهو من المذاهب التي تأمر بالمزيد من العبادات، واهمال الجسم ولبس الخشن من الثياب، وكان يحمل لواءه « ابو يزيد البسطامي ».
مذهب حب الله : ويدعو هذا المذهب إلى الحضور الذهني والتعلق الالهي، والمنظر الاول لهذا المذهب « رابعة العدوية » و« معروف الكرخي ».
ـ وابتكر رجال المتصوفة طرقا عملية اخرى اتبعت مناهجَ واساليب مختلفة في تربية مريديها، ويمكن ان نقول ان طرق الصوفية كثيرة جدا يصعب حصرها إذا ما لاحظنا جانب السرية الذي يكتنف بعضها، واهم تلك الطرق هي :
الطريقة القادرية : مؤسسها الشيخ عبد القادر الكيلاني المعروف بأبي محمد محيـي الدين عبد القادر بن موسى بن عبد الله الكيلاني، ويعرف جده بالاسم الفارسي « حنكي دوست » عرف بالكيلاني نسبة إلى مسقط رأسه « كيلان » بفارس وذلك سنة 471 هـ، وفي سنة 488 هـ انتقل إلى بغداد اثناء خلافة « المستظهر بالله العباسي ».
الطريقة الرفاعية : مؤسسها احمد بن علي بن أحمد الرفاعي، ولد سنة 512 هـ، بقرية حسني بإقليم البطائح ما بين البصرة وواسط، وقيل ان الرفاعي نسبة إلى رفاعة احد البطون القبلية، كان خاله شيخا للطريقة الصوفية، وقد أخذ عنه وأصبح المسؤول عن الرفاعية، توفي ببلدة « أم عبيدة » سنة 578هـ، ودفن فيها، وله مسجد معروف في القاهرة باسمه.
الطريقة الميلوية : مؤسسها جلال الدين محمد بن محمد بن الحسين الملقب بالبلخي نسبة إلى مسقط رأسه، ولد سنة 604 هـ، وانتقل إلى نيسابور ثم إلى بغداد واستقر بمدينة قونية التركية ابان حكم الأمير علاء الدين السلجوقي، وهذه الطريقة شائعة بين الاتراك، وكانوا عند الاذكار يجتمعون في حلقات فيرقصون بلباسهم الخاص، ويستخدمون الطبول الايقاعية، ولا يزال لهذه الفرقة وجود في تركية ودمشق وايران.
وهناك طُرق صوفية معروفة عند متصوفة الهنود اهمها :
ـ الطريقة الجشتية : للشيخ معين الدين حسن السنجري المتوفَّى سنة 627 هـ، ومدارها على الذكر الجلي بحفظ الانفاس، وربط القلب بالشيخ، وصفاء المحبة والتعظيم، والدخول في الأربعينات، مع دوام الصيام والقيام وتقليل الكلام والطعام والمنام، والمواظبة على الوضوء.
ـ طريقة النقشبندية : للشيخ بهاء الدين محمد نقشبند البخاري، ومدارها على تصحيح العقائد ودوام العبادة، ودوام الحضور مع الحق سبحانه.
ـ طريقة السهروردية : للشيخ شهاب الدين عمر السهروردي، ومدارها على توزيع الأوقات على ما هو اللائق بالناس من الصيام والقيام والمواظبة على الادعية المأثورة والأوراد..
ـ طريقة الكبروية : للشيخ نجم الدين ابي الجناب احمد بن عمر بن محمد الخوارزمي المعروف بالكُبري.
ـ طريقة المدارية : للشيخ بديع الدين المدار المكنبوري، ومدارها على التماشي من مخالفة ظاهر الشريعة، وانشاء اسرار التوحيد في الدرجة القصوى.
ـ طريقة القلندرية : للشيخ قطب الدين العمري الجونبوري المشهور ببنادل.
ـ طريقة الشطارية : للشيخ عبد الله الشطار الخراساني.
ـ طريقة العيدروسية : تنسب للسيد عفيف الدين العيدروس الكبير، ومدارها احياء العلوم للغزالي.