عرض مشاركة مفردة
  #79  
قديم 24-06-2003, 07:27 AM
صلاح الدين القاسمي صلاح الدين القاسمي غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: افريقية - TUNISIA
المشاركات: 2,158
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك و رسولك النبي الأمي و على آله و صحبه و سلم .
__________________
صعوبات التجديد:

التجديد (تجديد المقررات وخاصة مقررات التوحيد) ليس بالأمر السهل ويمر بعدة عقبات كبيرة ليس من السهل تجاوزها ومن أبرز الصعوبات ما يلي:


1- عدم وجود النية (الجادة) –وأكرر الجادة- للتجديد من الجهات التعليمية، والمتابع يعرف هذا من خلال تتبع مسيرة التجديد، وأنها أقرب لجبر الخواطر وإرضاء المختلفين منها إلى استهداف المادة وفحصها، فالنية الجادة لها منهجها المتبع وأهدافها العملية وآثارها على المادة العلمية، فلذلك نجدنا بعد تشكيل اللجان والأسر والمجموعات لا زالت المقررات الدينية تنتقل من تخبط لآخر وستأتي الأمثلة.
2- افتقادنا لـ (المصارحة العلمية) في الكشف عن (جذور الغلو) الموجودة في بطون المقررات وهذا ما سأحاول الحديث عنه بصراحة ليقف التربويون على الجذور الأولى للغلو وتواصلها إلى أن وصلت لمقررات الصف الأول ابتدائي.

3- تمتع الغلاة بقاعدة خلفية قوية ومرجعية تمتد من القرن الثالث الهجري، وهذه المرجعية تحميهم ويحتجون بها للسلطات وبها يستطيع الفلاة استعداء السلطات ضد من يريد التجديد أو النقد لهذا الغلو، بل يتم الاحتجاج بهذه المرجعية على النصوص الشرعية المخالفة لها من باب (أن السلف أعلم وأحكم) ويعنون بالسلف مجموعة العلماء الذين نقلدهم مع إهمال الأكثرية من السلف.

4- عدم إتاحة الصلاحية الكاملة لجهات التعليم في تقرير المناهج المناسبة وخضوعها لجهات أخرى كهيئة كبار العلماء ووزارة الداخلية والسلطة العليا في البلاد وهنا تتداخل التخصصات والرغبات.

5- عدم اتباع السبل العلمية في تشكيل فريق علمي موحد متعدد التخصصات.

6- حساسية القائمين على المناهج من النقد والوصف بالقصور والجهل، فالقائمون على المناهج وتأليفها يظهر فيهم الضعف العلمي بالأمور الشرعية، لا يستطيعون نقد (الفكر المحلي) ومعرفة (الصواب فيه) من الخطأ، ولا يمتلكون الشجاعة العلمية لمخالفة الفتاوى والآراء السائدة لأنهم لا يرون الصواب إلا فيها.

7- الظن بأن (الفكر المحلي) هو الإسلام نفسه! بينما هو المذهب فحسب، فمقررات التوحيد مستقاة من المذهب السلفي المتشدد الممتزج بالغلو الحنبلي وغلو الدعوة السلفية.

8- التجديد بناء على الطلبات والمطالبات والإعتراضات والرغبات هذا في الأصل وليس على العلم والبرهان، والدليل على ذلك ظاهر فلا نتنبه لخطأ إلا عندما تأتينا التوجيهات أو الضغوط الكبيرة.

9- مراعاة الأقوى والسائد والمذاهب والغلو على حساب الأصوب والنص والاعتدال.

10- عدم فتح باب حوار ومناظرات عن المناهج وقصر صلاحية التعبير على فئة قليلة من المجتمع واهمال الأغلبية المطالبة بالنظر الجاد والمراجعة للمناهج.

11- عدم أهلية التطوير التربوي، لعدم توفر (البيئة العلمية) المنفتحة على النصوص الشرعية اللهم إلا من خلال الرجوع لفهم الغلاة لبعض النصوص الشرعية النصوص التي يفسرها الغلاة لتدعيم الغلو ويأخذون تفسيرها من كتب (المذهب) المغالية أيضاً.

12- جهلنا بأنفسنا، فلا نعرف عنها ما يعرفه الآخرون، ومن أبرز دلالات جهلنا بأنفسنا أننا لا نعرف أننا من الغلاة، ولو سألت أي مسئول له علاقة بالمناهج وقلت له: أليس المنهج ينبع من فكر المجتمع وفلسفته؟

لقال : بلى؟

ولو قلت له: فهل تعرف أن بيئتنا الدينية ومجتمعنا من البيئات المغالية؟ أم المعتدلة؟

لقال: بل من المجتمعات المعتدلة! هذا إن لم يقل أنت ضد البلد وضد الإسلام وضد الدولة ...الخ، ولا يطلب منك الدليل والبرهان، وهذا من أكبر دلائل الغلو، وهو أننا واثقون في غلونا بأنه هو الإسلام؟

15- مجرد التساؤل: هل مجتمعنا السعودي من المجتمعات المعتدلة أم المغالية هو عن الغلاة من أصعب الأمور ومن أجرأ الأقوال وأقبحها!!.

مع أنه لا يشك باحث متجرد أن مجتمعنا السعودي يغلب عليه الغلو في العقائد والأحكام، بل التيار السلفي من العصر العباسي يغلب عليه الغلو وتقرير شرعية كراهية المسلمين فضلاً عن سوء تطبيق الولاء والبراء مع الكفار[7].

وأكبر دليل على ذلك أننا نستبشع الدعوة لمراجعة عقائدنا ومذهبنا ومواقفنا من المسلمين، ولا نقبل مناقشتها ولو على اعتبارها فرضية، بل لا نجوّز ولو -بنسبة ضئيلة- أن لهذا القول نوع من الصحة ولو في جانب من الجوانب، ونشكك في وطنية من أقر بهذه الحقيقية أو رآها وقد نشكك في دينه أيضاً وكل هذا من دعائم الفكرة ولا يفيد نفيها.

16- هذا المنع من طرح مثل هذه الفرضية وهذه المراجعة يخالف منهج السلف الذي ننادي به فقد كان بعض كبار السلف يقولون (رحم الله من أهدى لنا عيوبنا) و (كلامك خطأ يحتمل الصواب وكلامي صواب يحتمل الخطأ) ونحو هذا مما نبثه في المقررات والخطب والمواعظ والدروس ثم إذا أتانا أحد محاوراً نسينا أهمية توطين النفس على قبول الحق إن حاول أحد أن يرشدنا لخطأ وقعنا فيه.

إذن فلنفترض من باب الفرضية القابلة للنقض أن (البيئة المحلية) هي في نتاج تراكمات من الغلو المذهبي وأنها الأصل مذهبية تقليدية، وأننا متابعون لهذا الغلو.

17- وهذا الإثبات يتطلب إثبات ثلاث مقدمات:

الأولى: إثبات وجود الغلو الظاهر الذي لا يقبل الشك في مصنفات (بعض) علماء السلف ممن نقلدهم الذين دخلوا في خصومات (مذهبية) مع علماء المذاهب والفرق الأخرى فحصل بين الفريقين تجاوز في التكفير والتبديع والتشاتم، وهذا (البعض) من علماء السلف هم في آخر الأمر كغيرهم من علماء المذاهب الأخرى الذين دخلوا معهم في تلك الخصومات، بل الجميع في نهاية الأمر بشر يصيبون ويخطئون وقد نهونا عن تقليدهم فيما أخطأوا فيه، وأن نضرب به عرض الحائط، وأنهم كسائر البشر يؤخذ منهم ويرد[8].

الثانية: انتقال هذا الغلو السلفي لعلماء الدعوة السلفية النجدية (الوهابية)[9] مع زيادتهم عليه غلواً في التكفير والتحريم[10].

الثالثة: انتقال غلو علماء الدعوة لمنهاج التعليم في التعليم العام والجامعي، وهذا سنخصصه لمناهج التعليم العام ونختار منها (مقررات التوحيد) في وزارة المعارف.

فالمناهج الدينية (وخاصة التوحيد) مأخوذ من علماء الدعوة كالشيخ محمد بن عبد الوهاب ومن بعده من علماء هذه البلاد الذين هم في نهاية الأمر بشر يصيبون ويخطئون، وكانت لهم خصومات مع علماء المذاهب الأخرى وعلماء البلدان التي لم يسيطروا عليها.

والدليل على أن مناهجنا مأخوذة من كتب وأقوال علماء الدعوة أن بعض المقررات هي مؤلفات كاملة للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.

والشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيره من علماء الدعوة وإن كانت لهم جهودهم التي لا تنكر لكننا لسنا ملزمين بأقوالهم إن خالفت الصواب لأننا وإياهم ملزمون بالإسلام ولا يتحمل الإسلام أخطاءنا، وهذا ما أعلن عنه الشيخ نفسه وطلب من العلماء وطلبة العلم أن يردوا عليه الخطأ إن خالف الصواب.

لكن علماء الدعوة ومن تبعهم من علماء هذه البلاد قلدوا للشيخ محمد رحمه الله وساروا على المنهج نفسه بلا نقد ولا مراجعة باعتراف الجميع وخاصة في العقائد.

والشيخ ومن تبعه من علماء الدعوة مقلدون أيضاً لبعض العلماء دون بعض، مع زيادة في الغلو في الحكم على الآخرين وتكفيرهم، وغالباً لا يحررون قول من يستشهدون بأقوالهم، وإنما ينقلون أقوالاً دون أقوال مع تتبع لخصومات بعض السلف مع آخرين والاستدلال بها عند المحاججة بأنه سبقنا إلى ذلك فلان وفلان وفلان...الخ، وينقلون أيضاً عن بعض السابقين ممن اشتهروا بالتكفير وضيق الأفق بالمخالف من المسلمين، كبعض غلاة الحنابلة، وقد ينقلون بعض أقوال الكبار التي قد لا تصح عنهم أو قد ثبت عنهم خلافها أو لا يكونون حجة مع وجود النصوص الناهية عن تكفير المسلمين.

وعلى افتراض أن بعض المتقدمين من كبار أو صغار وقعوا في التكفير والظلم ، هل هذا يبرر لنا أن نظلم بظلمهم ونترك النصوص الشرعية الناهية عن التكفير والظلم؟ كلا.

وسنذكر نماذج الغلو والأخطاء في مقررات التوحيد بشكل مختصر ثم نشير إلى جذورها الفكرية في كتب (الدعوة السلفية) ثم نذكر جذور هذا الغلو الأخير في كتب (غلاة الحنابلة)، وإن لم نناقش الأمر بهذا التوسع والتشخيص فلن نستطيع التجديد المطلوب، فالأمور مترابطة متداخلة جذوراً وجذوعاً وثماراً.

13- من الأمور التي ينبغي الإشارة إليها عدم قدرة الأسر الوطنية ولا التطوير التربوي على اكتشاف (الدس التكفيري ) الموجود داخل المناهج، الذي تم دسه بعلم أو بجهل أو بتواطؤ من بعض الجهات خارج الوزارة، وسيأتي بيانه أثناء النقد التفصيلي (مقررات التوحيد)، لكن بيانه لا نتوقع أن يجد استجابة من جهات التعليم لضعفنا في نقد أنفسنا وفي نقد الفكر السائد ، فالأمور مترابطة وتبني بعضها.

____________
يتبع بإذن الله تعالى .