عرض مشاركة مفردة
  #88  
قديم 24-06-2003, 07:54 AM
صلاح الدين القاسمي صلاح الدين القاسمي غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: افريقية - TUNISIA
المشاركات: 2,158
Post

بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك و رسولك النبي الأمي و على آله و صحبه و سلم .
___________________


1- ذكر مقرر أول متوسط (106) باب من الشرك أن يستغيث الرجل بغير الله أو يدعو غيره ثم أورد حديث الطبراني: (أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين فقال بعضهم قوموا بنا نستغيث برسول الله من هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لا يستغث بي وإنما يستغاث بالله) .

جعل الشيخ ومقلدوه هذا من باب الشرك الأكبر المخرج من الملة وهذا –كمثال- عليه عدة ملحوظات يراه مخالفوه ومعارضوه من علماء المسلمين ومنها:

الملحوظة الأولى: أن الحديث لا يصح عند كثير منهم.

الملحوظة الثانية: أنه معارض لإباحة الله عز وجل الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه كما في قوله تعالى (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) في قصة موسى عليه السلام.. فالاستغاثة بالمخلوق في الأصل ليس محرماً والخلاف إنما هو الاستغاثة بالميت من الصالحين هل له حكم الاستغاثة بالحي أم لا، فالذي يرى أن الميت من الصالحين له جاه عند الله لا يرى فرقاً والذي لا يرى هذا يمنع من التوسل أو الاستغاثة بالميت من الصالحين.

الملحوظة الثالثة: لو صح الحديث فالنبي (صلى الله عليه وسلم) لم يجعل هذا شركا أكبر، وإنما نهى عنه، فيدخل في باب الأعمال المنهي عنها، لا باب الشركيات المخرجة من الملة.

الملحوظة الرابعة: لو صح الحديث يكون مراد النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه لا يستغاث به في هداية هذا المنافق لأن هداية التوفيق بيد الله عز وجل.

الملحوظة الخامسة: أن المستغيثين بالأموات الصالحين يرون أنه لا فرق في الإستغاثة بين الحي والميت وأن هذا الميت الصالح له جاه عند الله وقدر كبير بحيث يقبل الله عز وجل شفاعته للمستغيث، مثلما يشفع وهذا ليس من باب اتخاذ هؤلاء وسائط بينهم وبين الله فقد ثبت أن الأبناء إذا ماتوا يكونوا شفعاء لأهليهم عند الله ، خاصة وأن المستغيث لا يعتقد أن المستغاث به له تأثير منفصل عن إرادة الله عز وجل.

فمثل هذه الاستشكالات والاعتراضات أغفلها الشيخ وأتباعه وجعلوا المستغيث بالصالحين مشركاً شركاً أكبر ينقل عن الملة، مع أن هذه الاعتراضات تجعل الفرد المستغيث أو المبيح للاستغاثة إما جاهلاً أو متأولاً وكلاهما (الجهل والتأويل) من أكبر موانع التكفير التي اتفق على ذكرها العلماء وهي مقررة في مقرر التوحيد أيضاً، هذا مثال بسيط من الأمثلة التي تبين أن معظم الذين كفرهم علماء الدعوة بل كلهم ليسوا كفارا ولا مشركين، وإنما غايتهم أمرهم أن يكونوا مذنبين.

2- ذكر مقرر الصف الثاني متوسط (ص12) أن الاستشفاع بالأولياء والصالحين من الشرك الأكبر المخرج من الملة كأن يقال : يا سيدي فلان اشفع لي عند ربي في قضاء كذا وكذا.. يا مولاي فلان توسلت بك إلى ربي فأدعو الله لي بكذا وكذا..

هذا الاستشفاع غاية ما فيه أن يكون خطأ لا شركاً أكبر ينقل عن الملة فالمستشفع لا يرى للمستشفع به أثراً منفصلاً عن إرادة الله وإذنه وتوفيقه.

3- ذكر المقرر (ص14) أن الشفاعة لا تكون لمن أشرك بالله وإنما تكون لأهل التوحيد والإخلاص!!

قلت: وهذا في حقيقة الأمر تحريم استفادة غير الوهابية من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وتحريم دخول الجنة عليهم كما سيأتي مبيناً في (الجذور الفكرية) عند كلامنا على منهج الشيخ في التكفير.

4- أورد مقرر الصف الثالث متوسط (ص17) باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا، ثم أورد حديث (تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم....) ثم ذكر المقرر في خلاصة الباب أن (الشرك محبط للأعمال وأن إرادة الدنيا شرك يحبط العمل الذي داخله)!!.

قلت: ليس المراد بهذا تكفير المهتمين بالدنيا وأنهم كفار كفر أكبر ينقل عن الملة إذا كانوا مسلمين والحديث (تعس عبد الدرهم..) ليس المراد العبادة الحقيقية وإنما هذا استخدام مجازي لا يخرج من الملة، وليس المراد أيضاً أن من اهتم بالدنيا وجمع الأموال بالحلال سيكون من المشركين وهذه من التعميمات التي يقع فيها كثير من العلماء في النهي المطلق عن حب الدنيا وجمع الأموال وغاية ما في الأمر أن يكون هذا محرماً لا شركاً أكبر نحذر منه في مقررات التوحيد.

5- ذكر المقرر (ص20) باب (من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أرباباً) وجعل هذا من الشرك الأكبر المخرج من الملة.

ومراد الشيخ بهذا الكلام الرد على العوام في البلدان الأخرى التي كانوا يحتجون على الشيخ واتباعه بأن عندهم علماء لا يرون في التوسل والتبرك شيئا محذوراً فكفرهم الشيخ لأنهم (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا) وعندما بسط الشيخ سيطرته على الجزيرة أصبحت طاعة العلماء والأمراء (من أصول أهل السنة والجماعة) لأنهم (أهل الذكر) والله عز وجل قد أمر بطاعة أولي الأمر وأن أولي الأمر هم العلماء والأمراء.

ونحن اليوم إن عارضنا بعض أراء الشيخ وبعض أراء علماء الدعوة أتانا هؤلاء الغلاة ليفرضوا علينا (تقليد) الشيخ وعلماء الدعوة ذلك التقليد الذي إن فعله الآخرون مع علمائهم وأمرائهم عدوه شركا أكبر ينقل عن الملة، فليت شعري كيف يصبح الأمر الواحد (أصلا من أصول أهل السنة والجماعة) و (شركاً أكبر ينقل عن الملة) في الوقت نفسه!!.

6- وقد ذكر المقرر في الباب نفسه (أن من دعي إلى التحاكم إلى ما أنزل الله وجب عليه الإجابة والقبول، وأن من رفض ذلك فهو كافر مشرك).

ونحن ندعو المختلفين معنا من هذا المنبر للإلتقاء والتحاكم إلى ما أنزل الله، لا إلى الكتب المذهبية التي تم تأليفها في أجواء من الصراع السياسي والمذهبي وسننظر من يستجيب لهذه (الدعوة) ومن (يرفض التحاكم إلى ما أنزل الله)!!.

7- ذكر المقرر (ص35) أن (من جحد شيئاً من أسماء الله وصفاته أو أنكرها فهو كافر لإنكاره ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله وما أجمعت عليه الأمة).

قلت: هذا فيه تكفير لأكثر المسلمين والسلام، لأن 99% من المسلمين إما أشاعرة أو شيعة أو إباضية أو صوفية أو من أتباع المذاهب الأربعة، وكلهم إلا السلفية لا يثبتون أكثر الصفات، فمنهم من ينكر كلمة صفة أصلاً كابن حزم الظاهري والمعتزلة والزيدية، ويرون أن كلمة (صفة) لم تثبت في حق الله في كتاب ولا سنة، ومنهم من يقتصر على سبع صفات ذاتية وينفون ما سواها وهم الأشاعرة والماتريدية، وهم أغلبية أهل السنة، فهذا القول تقعيد لتكفير المسلمين سوانا.

والعجيب هنا الادعاء الكبير بأن الأمة أجمعت على ذلك وهذا من أبين الخطأ والمجازفة، فالخلاف مشهور ومنتشر سلفاً وخلفاً.

8- ذكر المقرر (ص41) تحت عنوان (بعض الشركيات اللفظية) وبعد إيراده قوله تعالى (فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) وبعد أن أورد أثراً عن ابن عباس فيه أن الأنداد معناه الشرك وهو أن تقول: والله وحياتك يا فلان وحياتي وتقول: لولا كليبة فلان ولولا البط لأتانا اللصوص ، وقول الرجل: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلاناً هذا كله به شرك)!! أهـ مختصراً.

قلت: إسناد الأثر ليس بذاك وهذه الأمثلة التي ذكرها المقرر ليست من الشرك وليست المقصودة بالشرك بدلالة سياق الآية الكريمة وهي قوله تعالى: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون، الذي جعل لكم الأرض فراشا، والسماء بناءً، وأنزل من السماء ماءً ، فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم، فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) فالسياق واضح بأن الآيات في الشرك الأكبر من عبادة الأصنام دون الله، وإذا أطلقت (الأنداد) في القرآن الكريم لا تعني إلا الأصنام، ثم كلمة (لولا) و (لو) موجودة بكثرة في الأحاديث النبوية ولا يجوز أن نتهم النبي (صلى الله عليه وسلم) بالشرك لأنه لا يذكر الله عز وجل في تلك الأحاديث، بل علمه الله عز وجل أن يقول: (لو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسني السوء) ، و (قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر) وليس في الآية وجوب ذكر الله قبل ذكر الشيء الذي بعد (لو) أو (لولا)، فإخراج الناس من الإسلام إلى الكفر بهذا الأثر الضعيف الإسناد منكر عظيم، كما أننا لا نستطيع أن نقول أن الله عز وجل قد علّم الرسول الشرك بالله!!.

وعلى هذا فلا يجوز التوسع في إطلاق الشرك على كل من استخدم (لو) أو (لولا) ولا يريد بها أن للمذكور أثراً مستقلا عن إرادة الله عز وجل، كالذي يقول: لولا الذئب لعدى الكلب على الغنم، فمثل هذا يمكن أن يقال: قد ترك الأولى، لكن أن يكون (كافراً كفرا أكبر أو أصغر) فهذا غير صحيح.

بل استخدمت (لو) في القرآن الكريم بدون أن يتبعها لفظ الجلالة مثل قوله تعالى (ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك) ولم يقل (لولا الله ثم كونك غير فظ ولا غليظ..).

فكل نهي عن استعمال (لو) إنما المراد بها الذين يرون أن الاسم الآتي بعد لو له أثر مستقل عن إرادة الله فلذلك يكثر استعماله بين الغلاة أنفسهم دون ذكر الله!.

9- ذكر المقرر (ص69) أن من استهزأ بأهل التقى والصلاح من علماء وطلبة علم ورجال الهيئات فقد وقع في النفاق والكفر واستدلوا بقوله تعالى (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسلوله كنتم تستهزئون).

قلت: الاستهزاء بالنبي (صلى الله عليه وسلم) كفر، أما الاستهزاء بغيره فليس كفراً وإنما يعد ذنبا من الذنوب ولا يجوز تخصيص أهل التقى والصلاح والعلماء وطلبة العلم ورجال الهيئات بذلك، بل كل مسلم لا يجوز الاستهزاء به، لكن الاستهزاء معصية وليست كفراً، وأغلب المستهزئين بأهل التقى والصلاح لا يرون هؤلاء أهل تقى وصلاح، مثلما وجدنا في كتب غلاة الحنابلة استهزاء بعلماء لا يرونهم علماء، فلا يجوز احتكار معنى من المعاني أو جعل الموالاة والمعادة في شخص من الأشخاص دون النبي صلى الله عليه وسلم.

بل لعلماء الدعوة وغلاة الحنابلة تكفير لبعض العلماء وأهل التقى والصلاح والتكفير أعظم من الاستهزاء أما أن نجعل من استهزأ بنا مرتداً، بينما تكفيرنا الآخرين وتبديعنا له علامة على صفاء التوحيد!! فهذا تحكم وعصبية.



10- في المقرر (ص78) اتهام لنبي الله آدم وحواء بالشرك لأثر ضعيف وخبر إسرائيلي مفاده (أن الشيطان تحيل على آدم وحواء حتى سميا ابناً لهما (عبد الحارث) وأن ذلك معنى قوله تعالى: "جعلا له شركاء فيما أتاهما) مع أن معنى الآية لا يتناول آدم ولا حواء ولم يصح الأثر، ولم يتوقف الغلو عندنا في التكفير حتى وصل لتكفير (الأنبياء) فالله المستعان!! وقد استدرك الشارح (شارح المقرر) هذا، تنزيها لآدم عليه السلام من الاتهام بالشرك!!.

11- ذكر المقرر في الهامش (ص84) أن جهم بن صفوان هو أحد الزنادقة وهذا ظلم، فجهم بن صفوان كان من الدعاة للكتاب والسنة وله آراء أخطأ فيها في الإيمانيات لكنه يبقى مسلماً (يمكن مراجعة كتاب تاريخ الجهمية والمعتزلة للشيخ جمال الدين القاسمي).

12- ذكر المقرر (ص140) حديث جندب بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم (قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له وأحبطت عملك) رواه مسلم في صحيحه.

قلت: فلذلك يجب الحذر من الحكم على جماهير الأمة الإسلامية بأن الله لن يغفر لهم ولن ينالوا شفاعة النبي (صلى الله عليه وسلم) وسيكونون خالدين مخلدين في النار أبد الآبدين! حتى لا يحبط الله أعمالنا.
_____________
يتبع باذن الله تعالى .