عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 24-06-2003, 08:04 AM
صلاح الدين القاسمي صلاح الدين القاسمي غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: افريقية - TUNISIA
المشاركات: 2,158
Post

بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك و رسولك النبي الأمي و على آله و صحبه و سلم .
___________________

1- الجذور الفكرية للمناهج التعليمية:


أن التعليم الديني يتبع الفكر السائد والفلسفة التي يؤمن بها المجتمع، فالتعليم الديني في المجتمعات الإسلامية ينبع من الإسلام ولو على وجه الإجمال، والتعليم الديني في المجتمعات اليهودية ينبع من تعاليم التوراة (العهد القديم)، والتعليم في المجتمعات الإلحادية يقرر الإلحاد ضمن المواد الفلسفية (المتافيزيقية) التي يتعلمها الطلاب، إذن فالتعليم هو نتيجة طبيعة لفكر المجتمع، هذه حقيقة علمية لا تحتاج لسرد الأدلة والشواهد من النظريات التربوية أو الواقع التربوي عند الشعوب.

يجب أن نعترف في البداية بأن الدعوة السلفية الإصلاحية التي بدأها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، كان لها آثار إيجابية عظيمة من إزالة كثير من البدع والخرافات، فهذا ليس محل خلاف ولا ينكره إلا مكابر، لذلك يجب إغلاق هذا الموضوع.

لكن الخلاف الحقيقي يكمن في تهمة موجهة لعلماء الدعوة بأنهم توسعوا في التكفير حتى (كفروا مسلمين)، وهذه محل بحث ويجب إن علمنا أنهم وقعوا في التكفير أن نعترف بهذا ونستغفر لهم ولا نقلدهم في ذلك.

وقد آن لنا لمصلحة ديننا ووطننا أن نعترف أن هذه التهمة صحيحة إلى حد كبير لأننا نعرف يقيناً أن الناس في الجزيرة والبلدان الإسلامية في عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب كانوا مسلمين ولم يكونوا كفاراً ولا مشركين كما صرح علماء الدعوة سامحهم الله وغفر لهم، فالحكم على هذه الشعوب الإسلامية قاطبة بالردة والكفر وبغض دين الإسلام وسب دين الرسول مما يبرأ منه المسلمون، وهي حجة الغلاة المعاصرين، فإذا كان التكفير قد ظهرت منه مصالح في الماضي – وهو تكفير لا يجوز إقراره فضلاً عن الدفاع عنه- فاليوم ظهر بوضوح أثر إقرارانا لهذا التكفير للمسلمين الذين كانوا يصيحون قبل أحداث سبتمبر بثلاثة قرون ولم نسمع لهم، وهذا لا يعني تبرئة البلاد الإسلامية في ذلك العصر وفي أيامنا هذه من البدع والخرافات[24].

نعم كان هناك –وما زال- كثير من البدع والخرافات كحالهم اليوم، لكن البدع والخرافات وربما بعض الشركيات لا يفعلها إلا بعض المسلمين من الجهلة والعوام وليست مسوغة لاتهام الناس بالكفر، ولا تكون بلادهم بهذا بلاد حرب، لأن مثل هذه البدع والخرافات والجهل امتد عبر عصور المسلمين ولم يكن علماء المسلمين يطلقون الردة على الشعوب التي يكون في بلادها شيء من هذا قل أو كثر، لأن إخراج المسلمين من دين الله أمره عظيم.

هذه حقيقة لا يجوز أن نختلف فيها بغض النظر عمن بلغته منهم الحجة ومن لم تبلغه والفرق بين الكفر الأكبر والأصغر واختلاف العلماء في من يطلق عليه الكفر..إلى غير ذلك من المسائل التي لا تجيز بأي حال من الأحوال الحكم على عامة المسلمين بالشرك الأكبر لا داخل الجزيرة العربية ولا خارجها، لا بنجد ولا الحجاز ولا الأحساء ولا اليمن ولا غير ذلك.

هذه الحقيقة الكبيرة الواضحة خالف فيها علماء الدعوة كل علماء المسلمين المتقدمين والمتأخرين فوقعوا في تكفير جماهير المسلمين كفراً أكبر مخرج من الملة، ولم يكتفوا بتكفير أهل عصرهم حتى زعموا (كفر المسلمين من قرون) قبل ظهور الشيخ محمد، منهم من جعلها (ستة قرون) ومنهم من زاد ومنهم من أنقص.

ولم يراعوا معنى الشرك ولا موانع التكفير من جهل أو تأويل أو اضطرار أو خوف ونحوه وقصروا الموانع على الإكراه فقط، وإن اعترف بعضهم ببعض هذه الموانع أو كلها إلا أنهم من حيث التطبيق لا يراعونها، بل يحكمون على أشياء كثيرة بأنها كفر وقد لا تكون كفراً بل قد لا تكون بدعة وإنما حكمها التحريم أو الكراهة أو الإباحة[25].

أن التعليم داخل المجتمع المسلم الواحد يختلف وليس متحداً، فتأثير فكر المجتمع من غلو أو اعتدال له إنعكاس مباشر على مقررات التعليم الدينية، مع تفاوت في التأثير نتيجة لمدى تمكين حملة الفكر من التأثير على مادة التعليم، فبعض المجتمعات لا تتيح لحملة الفكر المغالي أو المعتدل من التأثير القوي على المادة التعليمية.

وسنستعرض الآن نماذج من تلك الأحكام التي يتم فيها تكفير المسلمين، علماً بأن التكفير من أبرز أخطاء الدعوة السلفية التي خالفهم فيها جميع علماء المسلمين تقريباً إضافة إلى أن أصول المتقدمين على عدم التكفير لشعوب الأمة الإسلامية وإن وجد القليل من ذلك عند غلاة الحنابلة المتقدمين.
______________
يتبع باذن الله تعالى .