عرض مشاركة مفردة
  #101  
قديم 24-06-2003, 08:34 AM
صلاح الدين القاسمي صلاح الدين القاسمي غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: افريقية - TUNISIA
المشاركات: 2,158
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك و رسولك النبي الأمي و على آله و صحبه و سلم .
________________

تكفير الإمام أبي حنيفة والحنفية وذمهم وتبديعهم في كتب الحنابلة!!
ساق عبد الله بن أحمد بن حنبل (ت290ه‍‍) في كتابه السنة جملة من اتهامات وشتائم خصوم أبي حنيفة تلك الاتهامات التي تصف أبا حنيفة بأنه: (كافر، زنديق، مات جهمياً، ينقض الإسلام عروة عروة، ما ولد في الإسلام أشأم ولا أضر على الأمة منه، وأنه أبو الخطايا، وأنه يكيد الدين!! وأنه نبطي غير عربي!!، وأن الخمارين خير من أتباع أبي حنيفة!!، وأن الحنفية أشد على المسلمين من اللصوص!!، وأن أصحاب أبي حنيفة مثل الذين يكشفون عوراتهم في المساجد!! وأن أباحنيفة سيكبه الله في النار!!، وأنه أبو جيفة!! وأن المسلم يؤجر على بغض أبي حنيفة وأصحابه، وأنه لا يسكن البلد الذي يذكر فيه أبو حنيفة؟!، وأن استقضاء الحنفية على بلد أشد على الأمة من ظهور الدجال، وأنه من المرجئة، ويرى السيف على الأمة، وأنه أول من قال القرآن مخلوق، وأنه ضيع الأصول، ولو كان خطؤه موزعاً على الأمة لوسعهم خطأً، وأنه يترك الحديث إلى الرأي، وأنه يجب اعتزاله كالأجرب المعدي بجربه، وأنه ترك الدين، وأن أبا حنيفة وأصحابه شر الطوائف جميعاً، وأنه لم يؤت الرفق في دينه، وأنه ما أصاب قط، وأنه استتيب من الكفر مرتين أو ثلاثاً، واستتيب من كلام الزنادقة مراراً، وأن بعض فتاواه تشبه فتاوى اليهود، وأنه ما ولد أضر على الإسلام من أبي حنيفة، وأن الله ضرب على قبر أبي حنيفة طاقاً من النار، وأن بعض العلماء حمدوا الله عندما سمعوا بوفاة أبي حنيفة، وأنه من الداء العضال، وأن مذهب الحنفية هو رد أحاديث الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)، وأنه يرى إباحة شرب المسكر وأكل لحم الخنزير، وأنه كان فاسداً، وأن كثيراً من العلماء على جواز لعن أبي حنيفة، وأنه كان أجرأ الناس على دين الله، وأن أبا حنيفة يرى أن إيمان إبليس وإيمان أبي بكر الصديق واحد، وأن حماد بن سلمة كان يقول: إني لأرجو أن يدخل الله أبا حنيفة نار جهنم!!)([53]).



أقول: هذا نموذج واحد من نماذج سلفنا الصالح!! من غلاة الحنابلة، وهذا الفكر عند غلاة الحنابلة (لا معتدليهم) هو الذي فرخ لنا اليوم هؤلاء الغوغاء من التيار التبديعى، الذي يصم الناس بالبدعة والضلالة، ولعلهم أوقع الناس فيها، فلذلك لا يستغرب بعض الأخوة إن قام بعض هؤلاء الغلاة، وشبه الباحثين من طلبة العلم المخالفين له بالمستشرقين أو بفرعون أو إبليس أو سلمان رشدي!! فالذين يقولون إن الإمام أبا حنيفة رحمه الله أشد على المسلمين من الدجال لا يستغرب من أتباعهم أن يشبهونا ـ نحن المعاصرين اليوم ـ بالفراعنة أو المبتدعة أو أتباع المستشرقين ونحو هذا؟! بمعنى أننا لا ننتظر منهم تزكية، ولا نستغرب منهم هذا التبديع والتكفير فنحن نرحمهم لأننا نعرف من أين أُتوا!! أتوا من الجهل المسمى علماً، والظلم المسمى عدلاً، والبدعة المسماة سنة!!

على أية حال: لا يخلو شر من خير في الغالب وعلى هذا فلا يخلو تكفير هؤلاء لأبي حنيفة من فوائد عظيمة، لعل أبرزها معرفة طغيان العواطف على العلم عند بعض السلف الذين نصمهم بالصلاح ونصم مخالفيهم بالضلالة!! فهذه الكتب تصلح لدراسة وقياس الإنصاف والظلم عند سلفنا وقياس فهمهم للحجة من عدمها مع قياس العلم والجهل والصدق والكذب عند المتقدمين فهي شاهد على ذلك العصر.

كما أن ظلمنا في تكفير أبي حنيفة وأصحابه رحمهم الله يجعلنا نتوقف في ظلمنا فرقاً أخرى كالشيعة والمعتزلة والصوفية والأشاعرة وغيرهم، لأنه إن سلمنا بأن تكفيرنا لأبي حنيفة كان خاطئاً فما الذي يمنع من أن تكفيرنا لهؤلاء كان خاطئاً أيضاً؟!، والعاقل من اتعظ بهذه عن تلك فلا يتسرع في التكفير قبل معرفة حجج الخصم وارتفاع موانع تكفيره ومعرفة شبهه واعتذاراته من قوله لا من نقل خصمه فبعض ما نقله عبد الله بن أحمد هنا لا يقره الأحناف بل ينكر الحنفية أن يكون أبو حنيفة يقول بذلك أو يعتقده([54])، فمعنى هذا أن عندنا خللاً في النقل فنصحح الروايات في تشويه الخصم ولا نتفهم حجة الطرف الآخر ولا نسمع له ونكفر بأشياء ليست مكفرة أو نكفر بإلزمات لا يجوز التكفير بها فلازم القول ليس بقول وهذا أيضاً كله مما ينبغي أن يدرس لننقد أنفسنا قبل نقد الآخرين ولنعرف مدى قولنا بالباطل وتصديقنا له ومدى تفهمنا لحجة الطرف الآخر... الخ.

وقد كفرَّ غلاة الحنابلة معظم فرق المسلمين كالمعتزلة والشيعة والقدرية والمرجئة والجهمية وغيرهم. (راجع المبحث السادس).

هل صحَّ التكفير عن أحمد بن حنبل؟!
لا ريب أن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه من كبار علماء المسلمين الذين جمعوا بين العلم والزهد والعبادة ولا يشك مسلم في علمه وفضله لكنه رحمه الله ليس معصوماً وقد أكثر الحنابلة من الاحتجاج بأقواله في تكفير المخالفين له من المسلمين وهذه النقولات الكثيرة التي نقلها الحنابلة عن الإمام أحمد في التكفير([55])، إما أن تكون صحيحة وإما أن تكون باطلة، فإن كانت صحيحة فهي مردودة على الإمام أحمد لعدم استيفائها لضوابط التكفير التي دلت عليها النصوص الشرعية وإن كانت هذه النقولات باطلة عن الإمام أحمد فهي دليل على وجود الكذب داخل المنظومة الحنبلية وهذان الأمران ينكره غلاة الحنابلة فهم ينكرون أن يكون أحمد قد كفر مسلمين وينكرون أن يكون الحنابلة قد كذبوا عليه وكلا الانكارين لا يجتمعان لأن النقول عن أحمد في التكفير لا ينكره من له أدنى اطلاع على كتب الحنابلة المعنية بنقل أقوال الإمام أحمد ككتاب السنة للخلال وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى والإبانة لابن بطة وشرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي وغيرها.



ومن المحتمل أن يكون الإمام أحمد رحمه الله وقع في شيء من التكفير والتبديع الذي خالفه فيه معتدلو الحنابلة من المتقدمين والمتأخرين ولعل أكثر الحنابلة المتأخرين على خلاف مذهب أحمد في التكفير وهذه من حسناتهم، فكل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر (صلى الله عليه وعلى آله وسلم).



______________
يتبع باذن الله تعالى .