عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 26-06-2003, 05:20 AM
إيمــــــــــان إيمــــــــــان غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2003
المشاركات: 183
إفتراضي

السلام عليكم

تكملة... بما انه ما حد علق يبدوا ان كل شئ تمام....

[HR]

أولاً: الدعاء لغة واصطلاحاً

كلمة الدعاء قد تأتي بعدة معاني منها ( الرغبة إلى الله ) كقوله تعالى " إنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ " . ومنها ( التسمية ) مثل قوله تعالى " لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً ". ومنها ( الصوت المجرد دون المعنى الذي يقتضيه الكلام ) مثل قوله تعالى " كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إلا دُعَاءً ونِدَاءً ".

ويقال دعا يدعو ادع دعواً ودعوة ودعاء ودعوى ... فالدعوة بالشئ هو طلب إحضاره أو دعوة فلان أي مناداته كقوله تعالى " فَإِذَا مَسَّ الإنْسَانُ ضُرُّ دَعَانا " أي نادانا وقوله تعالى في سورة إبراهيم " قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى " أي يناديكم إلى المغفرة والثواب.

والدعوة لفلان أي طلب الخير له. والدعوة الى الشئ أي الحث على القيام به كقوله تعالى " اُدْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ " وكقوله " قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ ".

والدعوة هي السبيل والطريقة كقوله تعالى " وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ ".

ويستخدم لفظ الدعاء أحياناً للعبادة كقوله تعالى " قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا " أي أعبده وحده ولا أشرك معه إلاهاً آخر.

والدعاء إصطلاحاً هو عبادة روحية متمثلة بلجوء العبد إلى ربه سبحانه وتعالى وطلب العون منه لينال الإنسان الشعور بالطمأنينة والراحة والسكون والأمن ، وليجد ما لم يجده عند البشر من عطاء وعون. وهو التضرع والإنكسار والذل بين يدي القادر الجبار وهو اعتراف من العبد بضعفه وحاجته إلى الله عز وجل، وافتقارٌ إلى ملك الملوك وما عنده من ثواب وعطاء.

ثانياً: الدعاء سنة الأنبياء

إن الله لما أرسل لنا الأنبياء هداة مهتدين، ومنارة للصالحين، أمرنا بالاقتداء بهم واتباع طريقتهم بالعبادة والسير على هدي دعوتهم. وإن المطلع على سيرة الأنبياء والصالحين ليرى بأن الدعاء كان سنتهم أجمعين، وطريقتهم وقرة عينهم. فها هو عبد الله زكريا لما مضى العمر، وخشي الموالي من بعده، رفع يديه إلى الله بالدعاء، متضرعاً راغباً بما عنده... يقول عز وجل: " ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ".

وعلى نفس المنهج مضى أنبياء الله جميعهم فها هو نوح عليه السلام دعى قومه للإسلام فلما أصروا على كفرهم دعا ربه... " أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ "

وما موقف الحبيب المصطفى يوم الطائف عنا بغريب. فإنه عليه الصلاة والسلام لما ضربه القوم حتى أدمت قدماه الشريفتان، وأصابه الحزن من كفرهم، وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حُبْلَة من عنب فجلس تحت ظلها إلى جدار‏.‏ فلما جلس إليه واطمأن، دعا بالدعاء المشهور الذي يدل على امتلاء قلبه كآبة وحزنًا مما لقى من الشدة، وأسفًا على أنه لم يؤمن به أحد، قال‏:‏ (‏اللهم إليك أشكو ضَعْف قُوَّتِى، وقلة حيلتى، وهوإني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تَكِلُنى‏؟‏ إلى بعيد يَتَجَهَّمُنِى‏؟‏ أم إلى عدو ملكته أمري‏؟‏ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سَخَطُك، لك العُتْبَى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك‏)‏‏.‏

وكذلك كان أنبياء الله جميعاً... ولو نطلع على سيرتهم أجمعين يطول بنا المقام. فلقد كان الدعاء ملجأهم ومنجاهم وسلواهم في وقت المحن والشدائد، وشكرهم وقت النعمة والفضل. وقد قال الله عز وجل: " قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ". ولأجل هذا وجب على كل مسلم ومسلمة ألا يدع الدعاء، فالدعاء هو العبادة.