عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 06-07-2003, 10:01 PM
البارجة البارجة غير متصل
دكتوراة -علوم اسلامية
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2003
المشاركات: 228
إفتراضي


تــــــــــــــــــــــــــــــــكملة

وذهب الأباضية في الشفاعة مذهباً قريباً من مذهب المعتزلة و سائر الخوارج ، وقالوا أن الشفاعة لا تكون لمن مات مصراً على الكبيرة غير تائب منها ، واستشهدوا ببعض الأحاديث عن جابر بن زيد كما في مسند الربيع (4/22 ) . فالشفاعة إذن تكون لمن مات على صغيرة أو مات وقد ارتكب ذنباً نسي أن يتوب منه ، أو لزيادة درجته في الجنة والثواب ، وتشريعاً للمسلمين في المنازل أو لتخفيف شدة الموقف على المؤمنين وإراحتهم منه إلى الجنة . انظر : مسند الربيع (4/22- 23 ) و جامع أبي الحسن البسيوي و مختصر تاريخ الأباضية ( ص 66 ) و شرح النونية (302 ) .

فالأباضية هنا خالفوا معتقد أهل السنة في أن الشفاعة تكون أيضاً لأصحاب الكبائر من أمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن يدخلون النار بأن يخرجوا منها كما هو ثابت في الصحيح .

و في مسألة الإمامة فإن الأباضية لا يرون القرشية في الإمامة شرطاً كما يقول صاحب أصدق المناهج ( ص 8 ) ، لأن ذلك يخالف المعقول ولم يجعل الله النبوة في قوم خاصين ، فكيف يجعل الإمامة كذلك ، مع أن القرآن لا يدل على ذلك ، بل يدل على أن أكرمكم عند الله أتقاكم .. و لم يثبت الأنصار القرشية في الإمامة وهم من أعلم علماء الصحابة لو أثبتوها لما طالبوا في الإمامة ، ولرد عليهم المهاجرون بها .

بل الصحيح أن المهاجرين احتجوا بهذا الحديث في سقيفة بني ساعدة وأن الأنصار قبلوا احتجاجهم واستجابوا له .

وقد خالف الأباضية أهل السنة في مسألة الإمامة والخروج على الأئمة ، وفارقوا جماعة المسلمين كغيرهم من الخوارج في أمور كثيرة ، بل إن هذه القضية تعد من الأصول الكبرى التي فارقوا فيها أهل السنة على النحو التالي :-



1- يقدحون في إمامة عثمان وعلي رضي الله عنهما ، بل و يطعنون في شخصيتهما . انظر : مختصر تاريخ الأباضية (ص 16 – 17 ) ومنهج الطالبين (1/617)



2- يؤيدون خروج أسلافهم الخوارج ( المحكمة ) الأولى وأهل النهروان الذين خرجوا على الصحابة وقاتلوهم . انظر : أصدق المناهج ( ص 25 ) و العقود الفضية ( ص 45 ، 46 ) و مختصر تاريخ الأباضية ( ص 17, ، 67 و في غيرها من كتب الأباضية



3- يرون أن الإمام إذا ارتكب كبيرة حل دمه وجاز الخروج عليه . انظر : شرح النيل ( ص 14 ، 342 ) و الأباضية بين الفرق الإسلامية ( ص 289-313 ).



4- يرون أن الخروج على الأئمة لرفع الظلم و رد العدوان وإزالة الحاكم الظالم المفسد أمر مشروع وواجب . انظر : العقود الفضية (ص 135 ) . ومعسكر السلطان إذا لم تتوفر فيه شروطهم كأن يكون السلطان فاسقاً أو ظالماً أو عاصياً أو مرتكباً لكبيرة فإن معسكره معسكر بغي يجوز الخروج عليه وتغييره لإقامة الدين . انظر : الأباضية بين الفرق (ص 297 ).



5- يرون أن من كان منهم أهلاً للإمامة وطلبوا منه أن يتولى ولم يقبل أو امتنع فإنه يحل دمه و يقتل . انظر : الموجز (2/235 )





- لا يقرون لأئمة المسلمين - من سواهم - بإمامة شرعية ، عدا أبا بكر وعمر و عمر بن عبد العزيز ولا يقبلون بولاية بني أمية و بني العباس وسائر ولاة أمر المسلمين طيلة القرون . انظر : أصدق المناهج (ص 29 ) .

أما بالنسبة لموقفهم من الصحابة ، فإنهم يقولون أن الصحابة كغيرهم في الأعمال لا في درجة الصحبة والمنزلة الأخروية ، فالعاصي منهم كغيره من بعدهم . انظر : العقود الفضية ( ص 288 – 289 ) .و لهم في عدالة الصحابة ثلاثة أقوال :-

القول الأول : الصحابة كلهم عدول إلا من فسقه القرآن كالوليد بن عقبة و ثعلبة بن حاطب .

القول الثاني : الصحابة كلهم عدول وروايتهم كلها مقبولة إلا في الأحاديث المتعلقة بالفتن ممن خاض في الفتنة .

القول الثالث : الصحابة كغيرهم من الناس ، من اشتهر بالعدالة فكذلك ، و من لم يعرف حاله ، بحث عنه . انظر : الإباضية مذهب إسلامي معتدل ( ص 31 ) .

ومذهب أهل السنة والجماعة في الصحابة أن حبهم إيمان و دين و بغضهم كفر ونفاق و شقاق ، والترضي عنهم جميعاً والكف عما شجر بينهم ، واعتقاد عدالتهم لأنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و نقلة الدين عنه ، لكن الأباضية وقعت في بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعلت سائر الخوارج ، و كما فعلت الرافضة ، إلا أنهم أقل غلواً في ذلك . فالأباضية تطعن في عدد من أجلاء الصحابة كعثمان و علي و عمرو بن العاص ومعاوية وطلحة والزبير رضي الله عنهم ، وأصحاب الجمل ، ولا يترضون عن جميع الصحابة ، فيقولون : نترضى عنهم إلا من أحدث و يعدون جملة من خيار الصحابة على أنهم أحدثوا ، و بهذا يوافقون الرافضة والمعتزلة ، و هذا مسألة كبيرة تعد من الفوارق الرئيسية بينهم و بين أهل السنة ، كما تعد من الأصول الكبرى التي أخرجتهم عن منهج السلف و جعلتهم في عداد الفرق والأهواء . انظر : الخوارج أول الفرق في تاريخ الإسلام لناصر العقل (ص 98 ) .

وهناك مسائل أخرى خالفت فيها الأباضية أهل السنة ، مثل :-

1- تأويلهم للميزان والصراط وتعسفهم في رد النصوص الثابتة في أن الصراط والميزان حسيان وأن لهما صفات ، و هم بهذا يوافقون المعتزلة والجهمية . انظر : مشارق أنوار العقول (ص282-286 ) ومنهج الطالبين (1/499



2-المبالغة في النظرة إلى العصاة من المسلمين و الموقف منهم ، حيث يوجبون البراءة من العاصي و بغضه و شتمه ، ويرون أن من اقترف كبيرة أو أصر على صغيرة من عصاة المسلمين وجب البراءة منه ، سواء ظهر منه ذلك أو اعترف أنه ملتبس به ، أو شهد عليه بذلك من تقبل شهادته . انظر : منهج الطالبين (2/11- 25 ) و بهجة أنوار العقول (1/157 ) . و هذه النظرة مازالت حتى عند المتأخرين منهم . انظر : مختصر تاريخ الأباضية ( ص65 – 66 ) و الحق الدامغ ( ص 202 – 227 )



3- مسألة أصح الكتب بعد القرآن الكريم ، حيث تشذ بعض الطوائف من الأباضية عما أجمع عليه أهل السنة من أن أصح الكتب بعد كتاب الله صحيح البخاري و مسلم ، فهم يرون أن مسند الربيع بن حبيب أصح كتاب بعد القرآن . انظر : مقدمة مسند الربيع ( ص 3 ) والأباضية بين الفرق (ص 134)



4- مسألة حديث الآحاد وحجيته ، حيث أنهم خالفوا أهل السنة بحجية حديث الآحاد في الأحكام والعقائد ، فهم يرون أن أحاديث الآحاد لايحتج بها في العقائد ، موافقة للمتكلمين من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة وغيرهم . انظر : دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين ( ص 100 ) و الحق الدامغ ( ص 197 ) وهناك أمور و مسائل أخرى يمكن للقارئ الكريم أن يرجع إليها في كتاب : الخوارج أول الفرق في تاريخ الإسلام للدكتور ناصر العقل (ص 104 – 108 ) ، حيث أجاد في طرح الموضوع وأفاد فجزاه الله خيراً .
__________________
البارجة هي استاذة فلسفة علوم اسلامية ,
إلى الكتاب و الباحثين
1- نرجو من الكاتب الإسلامي أن يحاسب نفسه قبل أن يخط أي كلمة، و أن يتصور أمامه حالة المسلمين و ما هم عليه من تفرق أدى بهم إلى حضيض البؤس و الشقاء، و ما نتج عن تسمم الأفكار من آثار تساعد على انتشار اللادينية و الإلحاد.

2- و نرجو من الباحث المحقق- إن شاء الكتابة عن أية طائفة من الطوائف الإسلامية – أن يتحري الحقيقة في الكلام عن عقائدها – و ألا يعتمد إلا على المراجع المعتبرة عندها، و أن يتجنب الأخذ بالشائعات و تحميل وزرها لمن تبرأ منها، و ألا يأخذ معتقداتها من مخالفيها.

3- و نرجو من الذين يحبون أن يجادلوا عن آرائهم أو مذاهبهم أن يكون جدالهم بالتي هى أحسن، و ألا يجرحوا شعور غيرهم، حتى يمهدوا لهم سبيل الاطلاع على ما يكتبون، فإن ذلك أولى بهم، و أجدى عليهم، و أحفظ للمودة بينهم و بين إخوانهم.

4-من المعروف أن (سياسة الحكم و الحكام) كثيرا ما تدخلت قديما في الشئون الدينية، فأفسدت الدين و أثارت الخلافات لا لشىء إلا لصالح الحاكمين و تثبيتا لأقدامهم، و أنهم سخروا – مع الأسف – بعض الأقلام في هذه الأغراض، و قد ذهب الحكام و انقرضوا، بيد أن آثار الأقلام لا تزال باقية، تؤثر في العقول أثرها، و تعمل عملها، فعلينا أن نقدر ذلك، و أن نأخذ الأمر فيه بمنتهى الحذر و الحيطة.

و على الجملة نرجو ألا يأخذ أحد القلم، إلا و هو يحسب حساب العقول المستنيرة، و يقدم مصلحة الإسلام و المسلمين على كل اعتبار.

6- العمل على جمع كلمة أرباب المذاهب الإسلامية (الطوائف الإسلامية) الذين باعدت بينهم آراء لا تمس العقائد التي يجب الإيمان