الموضوع: النذور؟!
عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 09-07-2003, 08:14 PM
البارجة البارجة غير متصل
دكتوراة -علوم اسلامية
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2003
المشاركات: 228
إفتراضي

كتاب النذر

باب نذر الطاعة مطلقًا ومعلقًا بشرط

1 - عن عائشة‏:‏ ‏(‏عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال‏:‏ من نذر أن يطيع اللّه فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه‏)‏‏.‏

رواه الجماعة إلا مسلمًا‏.‏

2 - وعن ابن عمر قال‏:‏ ‏(‏نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن النذر وقال‏:‏ إنه لا يرد شيئًا وإنما يستخرج به من البخيل‏)‏‏.‏

رواه الجماعة إلا الترمذي‏.‏ وللجماعة إلا أبا داود مثل معناه من رواية أبي هريرة‏.‏

لفظ حديث أبي هريرة‏:‏ ‏(‏لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم أكن قدرته ولكن يلقيه النذر إلى القدر فيستخرج اللّه فيؤتيني عليه ما لم يكن يؤتيني عليه من قبل‏)‏ أي يعطيني‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فليطعه‏)‏ الطاعة أعم من أن تكون واجبة أو غير واجبة ويتصور النذر في الواجب بأن يؤقته كمن ينذر أن يصلي الصلاة في أول وقتها فيجب عليه ذلك بقدر ما أقته وأما المستحب من جميع العبادات المالية والبدنية فينقلب بالنذر واجبًا ويتقيد بما قيد به الناذر والخبر صريح في الأمر بالوفاء بالنذر إذا كان في طاعة وفي النهي عن الوفاء به إذا كان في معصية وهل تجب في الثاني كفارة يمين أو لا فيه خلاف يأتي إن شاء اللّه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنه لا يرد شيئًا‏)‏ فيه إشارة إلى تعليل النهي عن النذر وقد اختلف العلماء في هذا النهي فمنهم من حمله على ظاهره ومنهم من تأوله قال ابن الأثير في النهاية‏:‏ تكرر النهي عن النذر في الحديث وهو تأكيد لأمره وتحذير عن التهاون به بعد إيجابه ولو كان معناه الزجر عنه حتى لا يفعل لكان في ذلك إبطال حكمه وإسقاط لزوم الوفاء به إذ يصير بالنهي معصية فلا يلزم وإنما وجه الحديث أنه قد أعلمهم أن ذلك الأمر لا يجر إليهم في العاجل نفعًا ولا يصرف عنهم ضررًا ولا يغير قضاء فقال لا تنذروا على أنكم تدركون بالنذر شيئًا لم يقدر اللّه لكم أو تصرفون به عنكم ما قدره عليكم فإذا نذرتم فأخرجوا بالوفاء فإن الذي نذرتموه لازم لكم انتهى‏.‏

وقال أبو عبيد‏:‏ النهي عن النذر والتشديد فيه ليس هو أن يكون مأثمًا ولو كان كذلك ما أمر اللّه تعالى أن يوفى به ولا حمد فاعله ولكن وجهه عندي تعظيم شأن النذر وتغليظ أمره لئلا يستهان بشأنه فيفرط في الوفاء به ويترك القيام به‏.‏ ثم استدل على الحث على الوفاء به من الكتاب والسنة وإلى ذلك أشار المازري بقوله ذهب بعض علمائنا إلى أن الغرض بهذا الحديث التحفظ في النذر قال وهذا عندي بعيد من ظاهر الحديث ويحتمل عندي أن يكون وجه الحديث أن الناذر يأتي بالقربة مستثقلًا لها لما صارت عليه ضربة لازب وكل ملزوم فإنه لا ينشط للفعل نشاط مطلق الاختيار ويحتمل أن يكون سببه أن الناذر لما لم يبذل القربة إلا بشرط أن يفعل له ما يريد صار كالمعاوضة التي تقدح في نية المتقرب قال ويشير إلى هذا التأويل قوله‏:‏ ‏(‏إنه لا يأتي بخير‏)‏ وقوله‏:‏ ‏(‏إنه لا يقرب من ابن آدم شيئًا لم يكن اللّه قدره له‏)‏ وهذا كالنص على هذا التعليل انتهى‏.‏ والاحتمال الأول يعم أنواع النذر والثاني يخص نوع المجازاة وزاد القاضي عياض فقال‏:‏ إن الإخبار بذلك وقع على سبيل الإعلام من أنه لا يغالب القدر ولا يأتي الخير بسببه والنهي عن اعتقاد خلاف ذلك خشية أن يقع ذلك في ظن بعض الجهلة قال‏:‏ ومحصل مذهب الإمام مالك أنه مباح إلا إذا كان مؤيدًا لتكرره عليه في أوقات فقد يثقل عليه فعله فيفعله بالتكلف من غير طيبة نفس وخالص نية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنه لا يرد شيئًا‏)‏ يعني مما يكرهه الناذر وأوقع النذر استدفاعًا له وأعم من هذه الرواية ما في البخاري وغيره بلفظ‏:‏ ‏(‏إنه لا يأتي بخير‏)‏ فإنه قد ينظر استجلابًا لنفع أو استدفاعًا لضرر والنذر لا يأتي بذلك المطلوب وهو الخير الكائن في النفع أو الخير الكائن في اندفاع الضرر‏.‏

قال الخطابي في الأعلام‏:‏ هذا باب من العلم غريب وهو أن ينهى عن فعل شيء حتى إذا فعل كان واجبًا وقد ذهب أكثر الشافعية ونقل عن نص الشافعي أن النذر مكروه وكذا عن المالكية وجزم الحنابلة بالكراهة‏.‏

وقال النووي‏:‏ إنه مستحب صرح بذلك في شرح المهذب وروي ذلك عن القاضي حسين والمتولي والغزالي وجزم القرطبي في المفهم بحمل ما ورد في الأحاديث من النهي على نذر المجازاة فقال هذا النهي محله أن يقول مثلًا إن شفى اللّه مريضي فعلي صدقة‏.‏ ووجه الكراهة أنه لما وقف فعل القربة المذكورة على حصول الغرض المذكور ظهر أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى اللّه تعالى بما صدر منه بل سلك فيها مسلك المعاوضة ويوضحه أنه لو لم يشف مريضه لم يتصدق بما علقه على شفائه وهذه حالة البخيل فإنه لا يخرج من ماله شيئًا إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرج غالبًا وهذا المعنى هو المشار إليه بقوله‏:‏ ‏(‏وإنما يستخرج به من البخيل‏)‏ قال‏:‏ وقد ينضم إلى هذا اعتقاد جاهل يظن أن النذر يوجب حصول ذلك الغرض أو أن اللّه تعالى يفعل معه ذلك الغرض لأجل ذلك النذر وإليهما الإشارة في الحديث بقوله‏:‏ ‏(‏فإنه لا يرد شيئًا‏)‏ والحالة الأولى تقارب الكفر والثانية خطأ صريح‏.‏ قال الحافظ‏:‏ بل تقرب من الكفر ثم نقل القرطبي عن العلماء حمل النهي الوارد في الخبر على الكراهة قال والذي يظهر لي أنه على التحريم في حق من يخاف عليه ذلك الاعتقاد الفاسد فيكون إقدامه على ذلك محرمًا والكراهة في حق من لم يعتقد ذلك‏.‏

قال الحافظ‏:‏ وهو تفصيل حسن ويؤيده قصة ابن عمر راوي الحديث في النهي عن النذر فإنها في نذر المجازاة‏.‏

وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى ‏{‏يوفون بالنذر‏}‏ قال كانوا ينذرون طاعة اللّه تعالى من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة وما افترض عليهم فسماهم اللّه تعالى أبرارًا وهذا صريح في أن الثناء وقع في غير نذر المجازاة وقد يشعر التعبير بالبخيل أن المنهي عنه من النذر ما فيه مال فيكون أخص من المجازاة لكن قد يوصف بالبخل من تكاسل عن الطاعة كما في الحديث المشهور‏:‏ ‏(‏البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي‏)‏ أخرجه النسائي وصححه ابن حبان أشار إلى ذلك العراقي في شرح الترمذي وقد نقل القرطبي الاتفاق على وجوب الوفاء بنذر المجازاة لقوله‏:‏ ‏(‏من نذر أن يطع اللّه فليطعه‏)‏ ولم يفرق بين المعلق وغيره‏.‏

قال الحافظ‏:‏ والاتفاق الذي ذكره مسلم لكن في الاستدلال بالحديث المذكور لوجوب الوفاء بالنذر المعلق نظر قلت لا نظر إذا لم يصحبه اعتقاد فاسد لأن إخراج المال في القرب طاعة والبخيل يحرص على المال فلا يخرجه إلا في نحو نذر المجازاة ولا تتيسر طاعته المالية إلا بمثل ذلك أو ما لا بد له منه كالزكاة والفطرة فلو لم يلزمه الوفاء لاستمر على بخله ولم يتم الاستخراج المذكور‏.‏
__________________
البارجة هي استاذة فلسفة علوم اسلامية ,
إلى الكتاب و الباحثين
1- نرجو من الكاتب الإسلامي أن يحاسب نفسه قبل أن يخط أي كلمة، و أن يتصور أمامه حالة المسلمين و ما هم عليه من تفرق أدى بهم إلى حضيض البؤس و الشقاء، و ما نتج عن تسمم الأفكار من آثار تساعد على انتشار اللادينية و الإلحاد.

2- و نرجو من الباحث المحقق- إن شاء الكتابة عن أية طائفة من الطوائف الإسلامية – أن يتحري الحقيقة في الكلام عن عقائدها – و ألا يعتمد إلا على المراجع المعتبرة عندها، و أن يتجنب الأخذ بالشائعات و تحميل وزرها لمن تبرأ منها، و ألا يأخذ معتقداتها من مخالفيها.

3- و نرجو من الذين يحبون أن يجادلوا عن آرائهم أو مذاهبهم أن يكون جدالهم بالتي هى أحسن، و ألا يجرحوا شعور غيرهم، حتى يمهدوا لهم سبيل الاطلاع على ما يكتبون، فإن ذلك أولى بهم، و أجدى عليهم، و أحفظ للمودة بينهم و بين إخوانهم.

4-من المعروف أن (سياسة الحكم و الحكام) كثيرا ما تدخلت قديما في الشئون الدينية، فأفسدت الدين و أثارت الخلافات لا لشىء إلا لصالح الحاكمين و تثبيتا لأقدامهم، و أنهم سخروا – مع الأسف – بعض الأقلام في هذه الأغراض، و قد ذهب الحكام و انقرضوا، بيد أن آثار الأقلام لا تزال باقية، تؤثر في العقول أثرها، و تعمل عملها، فعلينا أن نقدر ذلك، و أن نأخذ الأمر فيه بمنتهى الحذر و الحيطة.

و على الجملة نرجو ألا يأخذ أحد القلم، إلا و هو يحسب حساب العقول المستنيرة، و يقدم مصلحة الإسلام و المسلمين على كل اعتبار.

6- العمل على جمع كلمة أرباب المذاهب الإسلامية (الطوائف الإسلامية) الذين باعدت بينهم آراء لا تمس العقائد التي يجب الإيمان