
10-07-2003, 12:28 AM
|
دمعة خيانة
|
|
تاريخ التّسجيل: Aug 2002
المشاركات: 203
|
|
تتمة
الإضاءة الثانية:
تنظيم الوقت وترتيب الأولويات: قال تعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90]، وقال النبي – صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الشيخان- لعبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-:"فإن لجسدك عليك حقًّا، وإن لعينك عليك حقًّا، وإن لِزَوْرك عليك حقًّا، وإن لزوجك عليك حقًّا"( )، وفي قصة سلمان مع أبي الدرداء -رضي الله عنهما-، قال سلمان له: "إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعط كل ذي حق حقه"، فأتى أبو الدرداء النبي – صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: "صدق سلمان"
وقوله – رضي الله عنه - : "فأعط كل ذى حقٍ حقه" يدل على أن سوء التوزيع يكون سببًا في ضياع الثروة.
وإذا كانت أغلى ثروة تملكها هي الوقت؛ فإن سوء توزيع الوقت من أسباب الضياع الذي يعيشه كثير من المسلمين، ولو أن المرأة أفلحت في ضبط وقتها وتوزيعه بطريقة معتدلة؛ لكسبت شيئًا كثيرًا.
ومن العدل ترتيب الأولويات والمهمات، فالفرض -مثلاً- يقدم على النفل، وربنا تعالى يقول في الحديث القدسي الذي رواه البخاري"... وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه… "( ) إذًا الفرائض أولاً ثم النوافل في مرتبة تليها؛ لأنّ الله تعالى لا يقبل نافلة حتى تؤدَّى فريضة، كما قال أبو بكر – رضي الله عنه - في وصيته.
فالفرض يقدم على النفل، والضرورات تقدم على الحاجات، والحاجات تقدم على الأمور التكميلية التحسينية، وهذا إذا صار هناك تعارض.
فليس من العدل أن تهمل المرأة زوجها وبيتها وأولادها بحجة أنها مشغولة بالدعوة، كما أنه ليس من العدل أن يهمل الرجل بيته وزوجه وأولاده، بحجة أنه مشغول بالدعوة، وليس من العدل أن تغفل المرأة الداعية عن عملها الوظيفي الذي تتقاضى عليه مرتبًا من الأمة، أو تغفل عن عملها الدعوي الذي هي فيه على ثغرة من ثغور الإسلام، يُخشى أن يؤتى الإسلام من قبلها، فإذا ضاقت عليها الأوقات، فبإمكانها أن تسند بعض المهمات إلى أخريات يتحملن معها المسؤولية، وتقوم هي بدور التوجيه والإشراف.
الإضاءة الثالثة:
مجالات الدعوة تشمل كل مناحي الحياة: وهذه الإضاءة مستمدة من قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا أول المسلمين) [الأنعام:161-162]. ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم - فيما رواه البخاري عن جابر، ومسلم عن حذيفة -رضي الله عنهما-:"كلُّ معروف صدقة( )"، و"كل " من ألفاظ العموم. ويقول – صلى الله عليه وسلم - فيما رواه أحمد، والترمذي، والحاكم عن جابر – رضي الله عنه - : "وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك"( )، ويقول – صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الطيالسي، وأحمد، والنسائي عن عمرو بن أمية الضمري -: "كل ما صنعت إلى أهلك فهو صدقة عليهم "( )، والكلام للرجل والمرأة -أيضًا- على حد سواء؛ بل في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة – رضي الله عنه -: يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس، قال: تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته: فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، قال: والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقـة"( ). إذًا الصدقات كثيرة جدًّا، فعمل المرأة ودعوتها يمكن أن يكون لزوجها، سواء كان زوجها ملتزمًا، أو عاديًّا، أو منحرفًا.
إنّ قيام فتاة بتأمين الجبهة الداخلية لداعية، بمعنى أنها تقف وراءه، وتحفظه في نفسها، وفي ماله، وولده، وتسدّ هذه الثغرة الخطيرة التي يمكن أن تشغله عن دعوته، أو على الأقل تجعله ينطلق في دعوته وهو يشعر أنه مشدود إلى الوراء، وأن همّ البيت يقيده ويخايله أبدًا، إن ذلك جزء من مهمتها، ومن دعوتها.
وإن قيامها بتحويل زوجها من إنسان عادي همه الدنيا، إلى إنسان داعية يشتعل في قلبه هم الإسلام، هذه دعوة، أو حتى قيامها بدعوة زوجها، من زوج منحرف ضال، مقصر في الصلاة، أو مرتكب للحرام، إلى إنسان صالح مستقيم؛ هذا جزء من الدعوة، ويمكن أن يكون لها في ذلك أثر كبير.
كما أنّ تربية أولادها على الخير، وتنشئتهم على الفضيلة هو جزء من دعوتها ومسؤوليتها، ونحن نعرف جميعًا ما هي الأجواء التي تربى فيها عبد الله بن عمر، أو عبد الله بن الزبير، أو عبد الله بن عمرو بن العاص، أو غيرهم من شباب الصحابة، وأي نساء قمن بتربيتهم.
كما أن تدريس المرأة في مدرستها لا يجوز أبدًا أن يكون عملاً وظيفيًّا آليًّا تقوم به، فنحن لا يهمنا أن تتخرج البنت وقد حفظت نصوص البلاغة فحسب، أو حفظت المعادلات الرياضية فحسب، أو أتقنت التفاعلات الكيماوية، أو معادلات الجبر. وهذا كله جزء من المقرر، ونحن نقول: لا تثريب على المعلمة في تدريسه والحرص عليه، ولكن كل هذه المواد، ومواد اللغة، ومواد الشريعة، وكل ما يقدم للبنت- وللرجل كذلك- فإنه يهدف إلى غاية واحدة فقط، وهي بناء الرجل الصالح والمرأة الصالحة، بناء الإنسان المتدين المستقيم الصالح، هذا هو الهدف، فلا يجوز أن ننشغل بالوسيلة عن الهدف والغاية.
الآن ما من بنت إلا وتدرس في المدرسة، فلو وجدنا في كل مدرسة معلمة ناصحة واعية مخلصة؛ معنى ذلك أننا استطعنا أن نوصل صوت الخير إلى كل فتاة، وهذا مكسب عظيم جدًّا إذا حققناه.
كما أنه من الممكن أن تحرص المعلمة على إقامة الجسور والعلاقات الأخوية الودية مع زميلاتها المدرسات، ومع طالبتها، وطالما سمعنا ثناء الجميع على معلمة؛ لحسن خلقها، وطيب معشرها، وطالما استطاعت معلمة واحدة، أو مشرفة، أو إدارية، أن تقلب المدرسة كلها رأسًا على عقب؛ بل إنني أعرف حالات استطاعت مدرسة واحدة، في مطلع حياتها الوظيفية، أن تقلب قرية بأكملها وتحول الفتيات فيها إلى فتيات صالحات متدينات.
الإضاءة الرابعة : عمل الداعية في بيتها:
وفي مجال عمل الداعية في بيتها، أقترح بعض الاقتراحات السريعة، منها:
أولاً: أن توفر المرأة مكتبة صغيرة للقراءة تضم مجموعة من الكتب الصغيرة المناسبة، يكون فيها: كتب توجيهية، قصص، كتب وعظية، بيان أحكام الصلاة، الأشياء التي يحتاج إليها في البيت، تعليم أمور العقيدة…
ثانيًا: ومن المقترحات توفير مكتبة صوتية، تحتوي على عدد طيب من الأشرطة الإسلامية المفيدة: أشرطة في القرآن الكريم، أشرطة في السنة النبوية، أشرطة في الدروس والمحاضرات، أشرطة توجيهية، بيان بعض الأحكام التي يحتاج إليها أهل المنـزل، حتى بعض الأشرطة المفيدة الترفيهية في حدود المباح.
ثالثًا: من المقترحات عقد حلقة أسبوعية لأهل البيت، درس أسبوعي لأهل البيت، تجتمع فيه النساء الكبار والصغار، ويتلقون فيه أشياء يسيرة: آية محكمة، سنة من سنن المصطفى – صلى الله عليه وسلم -، تدريب على عبادة من العبادات، تعليم عقيدة من العقائد، تربية، قصة، أنشودة، قصيدة…، وما إلى ذلك.
رابعًا: من المقترحات، تحسين العلاقة مع كافة أفراد المنـزل؛ تمهيدًا لدعوتهم إلى الله، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، فإن المرأة إذا كانت في البيت- سواء كانت زوجة أو بنتًا- واستطاعت أن تكون محبوبة عند الأم، وعند الأب، وعند إخوانها، وعند أخواتها_ فإنها تستطيع أن تؤثر فيهم كثيًرا، لكن إذا كانت الأمور على النقيض؛ فهي كمن يضرب في حديد بارد.
خامسًا: مراعاة كبار السن وصعوبة التأثير عليهم، فكثيرًا ما تشتكي الفتيات من المرأة الكبيرة السن، قد تكون أمها، أو أم زوجها، أو خالتها، أو قريبتها، وأن هؤلاء النسوة لا يقبلن التوجيه، وإذا قيل لإحداهن شيء؛ قالت: أنتم تحرمون كل شيء! أنتم دينكم جديد! أنتم كذا، أنتم كذا…
إن على الأخت الداعية أن تراعي حال مثل هؤلاء النساء كبيرات السن.
سادسًا: من الحلول: مراعاة الحاجة إلى أسلوب ملائم في الدعوة، يتميز بالمدح والمؤانسة، وتطييب قلوب وخواطر الآخرين، بتقديم النصيحة لهم في قالب من الود والمحبة، ويمكن أن يأتي هنا دور الهدية؛ فإنها تسلُّ السخيمة من القلوب
المصدر
|