مالك يوم الدين
قال صاحبي: ماذا ينبغي أن أحضر في قلبي عند قوله (مالك يوم الدين)؟
قتل: أما هذه فقد انطوت على أصلين هامين أولهما تعظيم الله تبارك وتعالى وثانيهما الخوف من سطوته.
قال : كيف ذلك؟
قلت: أما التعظيم، فلأنه يملك يوم الجزاء، وهو يوم القيامة، وتذكر عندها ملكية المخلوقين في هذه الدنيا ومحدوديتها عند مقابلتها بملك الله لذلك اليوم، والمهم أن يمر في خاطرك ويستقر في قلبك أن لك يوماً تمثل فيه بين يدي الله، وتحاسب على الذرة، وأدق من الذرة. فتتحقق عندك عظمة الله وقدرته، وتنبعث الخشية والخوف من ذلك اليوم إذا استعرضت أهواله ودواهيه، فتستعظم موقفك هذا وحق لك ان تستعظمه وأنت تقرأ أو تسمع ( وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله) ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار) ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ).
ثم التفت إلى صاحبي وإذا بلونه ممتقع، وهو يردد بصوت خفيض، ياله من يوم! ياله من يوم! ياله من يوم!
وخيم علينا صمت رهيب مشوب بلذة التفكر.
وقطع صاحبي صمته ليقول، وا ضيعة العمر، لقد كنت أصلي صلاتي ولا يخطر ببالي شئ من هذا إلا نادراً.
قلت: بم كنت تفكر وأنت تقرأ هذا؟
قال: أما تعرفه ؟!
قلت : من؟
قال : الشيطان، لقد كان يلعب بفكري فلا تجدني إلا وجسمي في مكان وفكري في السوق، في المكتب، عند العيال، أحل مسائل الحياة، فلا أنتبه إلا على تكبيرة الإمام راكعاً.
قلت: أرجو أن تكون تعلمت، إن عدونا مخلص في (واجبه) فهلا تعلمنا منه الإخلاص لواجبنا وأرغمناه.
قال: سأحاول، وسأنتصر بعون الله وتوفيقه – قالها بعزم وتصميم –
|