عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 12-07-2003, 02:43 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي من أسرار القرآن ....

من أسرار القرآن

بقلم الدكتور‏:‏ زغـلول النجـار

الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية‏{وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ * } ( 14، 15سورة الحجر )
هاتان الآيتان الكريمتان وردتا في سياق الحديث عن عناد ومكابرة كفار قريش لخاتم الأنبياء والمرسلين صلي الله عليه وسلم‏ .‏ وتكذيبهم ببعثته‏,‏ وتشكيكهم في الوحي الذي أنزل إليه من ربه‏,‏ واتهامهم له بالجنون‏,‏ وهم أعرف الناس بأنه‏ ‏ صلي لله عليه وسلم‏ ‏ كان أرجح الناس عقلا‏,‏ وأعظمهم خلقا‏,‏ وأشرفهم نسبا‏,‏ ولذلك نزلت الآيات في مطلع سورة الحجر لتشيد بالقرآن الكريم‏,‏ ولتهدد هؤلاء الجاحدين بمشهد يوم عظيم يعانون فيه أهوال الآخرة فيتمنون لو كانوا في الدنيا قد أسلموا لرب العالمين‏,‏ وآمنوا ببعثة خاتم الأنبياء والمرسلين‏,‏ وبآيات هذا الكتاب المبين‏,‏ وبيوم البعث الذي كانوا به ينذرون‏.‏

وليهون القرآن الكريم علي هذا النبي الخاتم‏ ‏ صلي الله عليه وسلم ‏ صلف هؤلاء المتكبرين تطلب منه الآيات القرآنية أن يدعهم في غيهم يأكلون ويتمتعون‏,‏ ويشغلهم الأمل بطول الأجل عن التفكير فيما سوف يلقونه من عذاب مهين في الدنيا قبل الآخرة‏,‏ وذلك جزاء كفرهم وعنادهم وكبرهم‏...!!!‏
وهذا التهديد والوعيد من الله‏ تعالي‏ ‏ لهؤلاء المجرمين من الكفار والمشركين‏,‏ يتبعه تذكير بمصائر غيرهم من الأمم السابقة عليهم‏,‏ وبأن الله ‏ تعالي لم يهلك أيا من تلك القري الظالمة التي كذبت بآياته ورسله إلا وجعل لهلاكها أجلا محددا‏.‏

وتذكر الآيات تحديات كفار قريش لرسول الله ‏ صلي الله عليه وسلم ,‏ واستهزائهم به‏,‏ وإستنكارهم لشرف بعثته حتي طلبوا منه أن يأتيهم بالملائكة ليشهدوا له بصدق نبوته‏,‏ فيرد الحق‏ تبارك وتعالي ‏ عليهم بأن الملائكة لاتنزل إلا بالحق‏,‏ وأن من هذا الحق أن يدمر المكذبون بآيات الله ورسله بعد أن جاءتهم نذر ربهم‏...!!‏
ثم تؤكد تلك الآيات الكريمات علي أن الله تعالي هو الذي أنزل القرآن العظيم‏,‏ وأنه تعالي قد تعهد بحفظه فحفظ‏,‏ فلايمكن لمحاولة تحريف أن تطوله‏,‏ ولا لمؤامرة تبديل أن تصيبه‏,‏ مهما حاول المحرفون‏,‏ وتضافر المتآمرون‏.‏ وهذا الحفظ الرباني لآخر الكتب السماوية وأتمها وأكملها‏,‏ لهو بحق أعظم المعجزات المبهرة لهذا الكتاب الخالد‏,‏ وعلي الرغم من ذلك كله فقد كذب به هؤلاء المعاندون‏,‏ كما يكذب به نفر من كفار هذا الزمان الرديء ومشركيه وملاحدته‏.‏
ومن قبيل تهوين الأمر علي خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ وعلي أتباعه الصالحين في زماننا وفي كل زمان تذكره الآيات وتذكرهم أنه‏ صلي الله عليه وسلم‏ لم يكن متفردا بجحود قومه‏,‏ وتكذيبهم‏,‏ ومكابرتهم‏,‏ وعنادهم‏,‏ واستهزائهم‏,‏ فقد سبقه من الأنبياء والمرسلين من تعرضوا لذلك وأشد منه‏,‏ فاستحقت أقوامهم المكذبة عقاب الله في الدنيا قبل الآخرة‏...!!‏ ومن الغريب أن الجاحدين من الخلق‏,‏ الذين أشركوا بالله‏,‏ أو كفروا به‏ ‏ سبحانه‏ ‏ وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر في كل زمان ومكان‏,‏ لم يكن لينقصهم الدليل المنطقي علي قبول وحي السماء‏,‏ ومافيه من آيات بينات ولكنه الصلف والعناد والمكابرة في مقابلة الحق‏,‏ ومواجهة كل حجة أتتهم‏,‏ وكل بينة جاءتهم‏,‏ تماما بتمام‏,‏ كما كان موقف كفار قريش من خاتم الأنبياء والمرسلين صلي الله عليه وسلم‏ ,‏ ومما أنزل إليه من قرآن كريم‏,‏ فتصور لنا الآيات في مطلع سورة الحجر نموذجا صارخا لمكابرة أهل الباطل وعنادهم في مواجهة الحق‏,‏ وذلك بقول ربنا‏‏ تبارك وتعالي:‏ { ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون‏*‏ لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون‏ }‏ بمعني أنه حتي لو فتح الله‏ ‏ تعالي‏ علي هؤلاء المكابرين بابا من السماء‏,‏ وأعانهم علي الاستمرار بالعروج فيه بأجسادهم وكامل حواسهم‏,‏ حتي يطلعوا علي بديع صنع الله في ملكوته‏,‏ وعلي عظيم قدرته في إبداع خلقه‏,‏ وعلي اتساع سلطانه وملكه‏,‏ وعلي حشود الخاضعين له بالعبادة والطاعة والتسبيح في خشية وإشفاق بالغين‏,‏ لشكوا في تلك الرؤية المباشرة‏,‏ ولكذبوا أبصارهم وعقولهم وباقي حواسهم‏,‏ ولاتهموا أنفسهم بالعجز التام عن الرؤية تارة‏,‏ وبالوقوع تحت تأثير السحر تارة أخري‏,‏ وذلك في محاولة لإنكار الحق من فرط مكابرتهم وصلفهم وعنادهم‏...!!‏
وعلي الرغم من كون لو حرف امتناع لامتناع‏,‏ وكون هاتين الآيتين الكريمتين قد وردتا في مقام التشبيه والتصوير لحال المكابرين من الكفار والمشركين وعنادهم وصلفهم‏,‏ إلا أن صياغتهما قد جاءت ـ كما تجيء صياغة كل آيات القرآن الكريم ـ علي قدر مذهل من الدقة العلمية والشمول للحقيقة الكونية والكمال المطلق مما يشهد بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق الذي أبدع هذا الكون بعلمه وحكمته وقدرته‏,‏ وأن خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله‏ صلوات الله وسلامه عليه‏ ‏ كان موصولا بالوحي‏,‏ ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض ‏ سبحانه وتعالي‏ .‏

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }