عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 12-07-2003, 02:47 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

‏(3)‏ اللمحة الإعجازية الثالثة‏:‏

وقد وردت في قول الحق‏ تبارك وتعالي:‏ { لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون } ومعني سكرت أبصارنا أغلقت عيوننا وسدت‏,‏ أو غشيت وغطيت لتمنع من الإبصار‏,‏ وحينئذ لا يري الإنسان إلا الظلام‏,‏ ويعجب الإنسان لهذا التشبيه القرآني المعجز الذي يمثل حقيقة كونية لم يعرفها الإنسان إلا بعد نجاحه في ريادة الفضاء منذ مطلع الستينيات من القرن العشرين حين فوجيء بحقيقة أن الكون يغشاه الظلام الدامس في غالبية أجزائه‏,‏ وأن حزام النهار في نصف الكرة الأرضية المواجه للشمس لا يتعدي سمكه مائتي كيلو متر فوق مستوي سطح البحر‏,‏ وإذا ارتفع الإنسان فوق ذلك فإنه يري الشمس قرصا أزرق في صفحة سوداء حالكة السواد‏,‏ لا يقطع حلوكة سوادها إلا بعض البقع الباهتة الضوء في مواقع للنجوم‏.‏

وإذا كان الجزء الذي يتجلي فيه النهار علي الأرض محدودا في طوله وعرضه بنصف مساحة الكرة الأرضية‏,‏ وفي سمكه بمائتي كيلو متر‏,‏ وكان في حركة دائبة دائمة مرتبطة بدوران الأرض حول محورها أمام الشمس‏,‏ وكانت المسافة بين الأرض والشمس في حدود المائة وخمسين مليون كيلو متر‏,‏ وكان نصف قطر الجزء المدرك من الكون يقدر باثني عشر بليون سنة ضوئية‏(‏ أي ما يساوي‏114*2110‏ كيلو متر‏)‏ اتضحت لنا ضألة سمك الطبقة التي يعمها نور النهار‏,‏ وعدم استقرارها لانتقالها بإستمرار من نقطة إلي أخري علي سطح الأرض مع دوران الأرض حول محورها‏,‏ واتضح لنا أن تلك الطبقة الرقيقة تحجب عنا ظلام الكون‏,‏ خارج حدود أرضنا ونحن في وضح النهار‏,‏ فإذا جن الليل انسلخ منه النهار‏,‏ واتصلت ظلمة ليلنا بظلمة الكون‏,‏ وتحركت تلك الطبقة الرقيقة من النور لتفصل نصف الأرض المقابل عن تلك الظلمة الشاملة التي تعم الكون كله‏.‏
وتجلي النهار علي الجزء السفلي من الغلاف الغازي للأرض‏(‏ بسمك مائتي كيلو متر فوق سطح البحر‏)‏ بهذا اللون الأبيض المبهج هو نعمة كبري من نعم الله علي العباد‏.‏ وتفسر بأن الهواء في هذا الجزء من الغلاف الغازي للأرض له كثافة عالية نسبيا‏,‏ وأن كثافته تتناقص بالارتفاع حتي لا تكاد تدرك‏,‏ وأنه مشبع ببخار الماء وبهباءات الغبار التي تثيرها الرياح من فوق سطح الأرض فتعلق بالهواء‏,‏ وتقوم كل من جزيئات الهواء الكثيف نسبيا‏,‏ وجزيئات بخار الماء‏,‏ والجسيمات الدقيقة من الغبار بالعديد من عمليات تشتيت ضوء الشمس وعكسه حتي يظهر باللون الأبيض الذي يميز النهار كظاهرة نورانية مقصورة علي النطاق الأسفل من الغلاف الغازي للأرض في نصفها المواجه للشمس‏.‏
وبعد تجاوز المائتي كيلو متر فوق سطح البحر يبدأ الهواء في التخلخل لتضاؤل تركيزه‏,‏ وقلة كثافته باستمرار مع الارتفاع‏,‏ ولندرة كل من بخار الماء وجسيمات الغبار فيه لأن نسبها تتضاءل كذلك بالارتفاع حتي تكاد تتلاشي‏,‏ ولذلك تبدو الشمس وغيرها من نجوم السماء بقعا زرقاء باهتة في بحر غامر من ظلمة الكون لأن أضواءها لا تكاد تجد ما يشتته أو يعكسه في فسحة الكون‏.‏
فسبحان الذي أخبرنا بهذه الحقيقة الكونية قبل اكتشاف الإنسان لها بألف وأربعمائه سنة‏,‏ فشبه الذي يعرج في السماء بمن سكرت أبصاره فلم يعد يري غير ظلام الكون الشامل‏,‏ أو بمن أعتراه شيء من السحر فلم يعد يدرك شيئا مما حواليه‏,‏ وكلا التشبيهين تعبير دقيق عما أصاب رواد الفضاء الأوائل حين عبروا نطاق النهار إلي ظلمة الكون فنطقوا بما يكاد أن يكون تعبير الآية القرآنية دون علم بها‏:‏
إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }