عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 12-07-2003, 02:50 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

(5)‏ اللمحة الإعجازية الخامسة‏:‏

وتتضح في إشارة الآيتين الكريمتين إلي الرقة الشديدة لغلالة النهار وذلك في قول الحق تبارك وتعالي‏)‏ ولو فتحنا‏..‏ لقالوا‏..)‏ بمعني أن القول بتسكير العيون‏,‏ وظلمة الكون الشاملة تتم بمجرد العروج لفترة قصيرة في السماء‏,‏ ثم تظل تلك الظلمة إلي نهاية الكون‏,‏ وقد أثبت العلم الحديث ذلك بدقة شديدة‏,‏ فإذا نسبنا سمك طبقة النهار إلي مجرد المسافة بين الأرض والشمس لاتضح لنا أنها تساوي‏200‏ كيلو متر‏\150,000,000‏ كيلو متر‏=1\750,000‏ تقريبا فإذا نسبناها إلي نصف قطر الجزء المدرك من الكون اتضح انها لا تساوي شيئا البتة‏,‏ وهنا تتضح روعة التشبيه القرآني في مقام آخر يقول فيه الحق‏ تبارك وتعالي:- { وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون‏ } ‏(‏يس‏:37)‏
حيث شبه انحسار طبقة النهار البالغة الرقة من ظلمة كل من ليل الأرض وليل السماء بسلخ جلد الذبيحة الرقيق عن كامل بدنها‏,‏ مما يؤكد أن الظلام هو الأصل في الكون‏,‏ وأن النهار ليس إلا ظاهرة نورانية‏,‏ عارضة‏,‏ رقيقة جدا‏,‏ لا تظهر إلا في الطبقات الدنيا من الغلاف الغازي للأرض‏,‏ وفي نصفها المواجه للشمس في دورة الأرض حول نفسها أمام ذلك النجم‏,‏ وبتلك الدورة ينسلخ النهار تدريجيا من ظلمة كل من ليل الأرض وحلكة السماء كما ينسلخ جلد الذبيحة عن جسدها‏.‏
وفي تأكيد ظلمة السماء يقرر القرآن الكريم في مقام آخر قول الحق‏ تبارك وتعالي‏:- ‏{ أءنتم أشد خلقا أم السماء بناها‏*‏ رفع سمكها فسواها‏*‏ وأغطش ليلها وأخرج ضحاها } ‏(‏النازعات‏:27‏ ـ‏29)‏

والضمير في أغطش ليلها عائد علي السماء‏,‏ بمعني أن الله تعالي قد جعل ليل السماء حالك السواد من شدة اظلامه‏,‏ فهو دائم الاظلام سواء اتصل بظلمة ليل الأرض‏(‏ في نصف الكرة الأرضية الذي يعمه الليل‏)‏ أو انفصل عن الأرض بتلك الطبقة الرقيقة التي يعمها نور النهار‏(‏ في نصف الأرض المواجه للشمس‏)‏ فيصفه ربنا‏ تبارك وتعالي‏‏ بقوله‏:‏ { وأخرج ضحاها } أي أظهر ضوء شمس السماء لأحاسيس المشاهدين لها من سكان الأرض بالنور والدفء معا في أثناء نهار الأرض‏,‏ والضحي هو صدر النهار حين ترتفع الشمس ويظهر ضوؤها جليا للناس‏,‏ بينما يبقي معظم الكون غارقا في ظلمة السماء‏.‏
ويؤكد هذا المعني قسم الحق‏‏ تبارك وتعالي وهو الغني عن القسم ‏ بالنهار إذ يجلي الشمس أي يكشفها ويوضحها فيقول عز من قائل:‏ { والشمس وضحاها‏*‏ والقمر إذا تلاها‏*‏ والنهار إذا جلاها‏*‏ والليل إذا يغشاها‏} .. (‏ الشمس‏:1‏ ــ‏4)‏
أي أن النهار هو الذي يجعل الشمس واضحة جلية لأحاسيس المشاهدين لها من سكان الأرض‏,‏ وهذه لمحة أخري من لمحات الإعجاز العلمي في كتاب الله تقرر أن ضوء الشمس لا يري إلا علي هيئة النور في نهار الأرض‏.‏

وأن الكون خارج نطاق نهار الأرض ظلام دامس‏,‏ وأن هذا النطاق النهاري لابد أن به من الصفات ما يعينه علي إظهار وتجلية ضوء الشمس للذين يشهدونه من أحياء الأرض‏.‏
فسبحان الذي أنزل القرآن بالحق‏,‏ أنزله بعلمه‏,‏ وجعله معجزة خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ في كل أمر من أموره‏,‏ وفي كل آية من آياته‏,‏ وفي كل اشارة من اشاراته‏,‏ وفي كل معني من معانيه‏,‏ وجعله معجزة أبدية خالدة علي مر العصور‏,‏ لا تنتهي عجائبه‏,‏ ولا يخلق علي كثرة الرد إلي أن يرث الله تعالي الأرض ومن عليها وصلي الله وسلم وبارك علي خاتم الأنبياء والمرسلين الذي شرفه ربه‏‏ تبارك وتعالي‏ بوصفه أنه لا ينطق عن الهوي فقال ‏ عز من قائل‏ :‏ { وما ينطق عن الهوي‏*‏ إن هو إلا وحي يوحي‏*‏ علمه شديد القوي‏ }‏
‏(‏النجم‏:3‏ ـ‏5)‏
اللهم أهدني رشدي وأعذني من شر نفسي

..إنتهى ..

تحياتي

__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }