عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 14-07-2003, 09:01 AM
عربي . عربي . غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2003
المشاركات: 18
إفتراضي التسويف عجز وكسل


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ،أما بعد
فما أكثر الذين يأخذون من التسويف شعارا لهم ، يمكنونه من قلوبهم ، حتى تقطّعت آمال وانقطعت آجال .
إن أمة تريد أن تنهض في غدها ، لابد أن تعمل ليومها كأحسن ما يكون العمل : نقاء وانتقاء ومضاء .
وما أعظم وصية ذلك الرجل من عبد القيس لما قيل له : أوص ، فقال : [ احذروا سَوْفَ ] .
فإن يوم العاجزين غدً ، وصاحب الهمة لا يعرف يوم العاجزين ، لأن الحقوق مرتبطة بزمانها ، والواجبات أكثر من الأوقات ، والتسويف تفويت لحق لزمه ، وتضييع لواجب عنده .
وما أجمع قول الإمام الحسن البصري {{ إياك والتسويف ، فإنك بيومك ، ولست بغدك ، قال : فإن يكن غد لك ، فَكِسْ فيه ، كما كِسْت َ في اليوم ، وإلا يكن الغد لك ، لم تندم على ما فرطت في اليوم )) .
ومن ذا الذي يضمن غده ؟ وإن كان له غد ، أيأمن معوقات نوازله !
قال صلى الله عليه وسلم (( بادروا بالأعمال سبعا : هل تنتظرون إلا فقرا منسيا ، أو غنى مطغيا ، أو مرضا مفسدا ، أو هرما مفندا ، أو موتا مجهزا ، أو الدجال ؟ فشر غائب ينتظر ، أو الساعة ؟ فالساعة أدهى وأمر )) رواه الترمذي وقال حسن غريب .
ف ( من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل ، ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله هي الجنة ) رواه الترمذي وقال حسن غريب .
ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (( اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك )) صححه الحاكم ووافقه الذهبي .
قال ابن المنذر : سمعت مالك بن دينار يقول لنفسه ( ويحك بادري قبل أن يأتيك الأمر ، ويحك بادري قبل أن يأتيك الأمر ، حتى كرر ذلك ستين مرة ، أسمعه ولا يراني ) .
واجتهد أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قبل موته اجتهادا شديدا ، فقيل له لو أمسكت أو رفقت بنفسك بعض الرفق ، فقال : إن الخيل إذا أُرسلت فقاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها ، والذي بقي من أجلي أقل من ذلك . قال : فلم يزل على ذلك حتى مات .
وروى الحافظ الخطيب البغدادي في كتابه ( اقتضاء العلم والعمل ) عن يوسف بن أسباط أنه قال : كتب إلي محمد بن سمرة السائح بهذه الرسالة (( أي أخي ، إياك وتأمير التسويف على نفسك وإمكانه من قلبك ، فإنه محل الكلال وموئل التلف ، وبه تُقطع الآمال ، وفيه تنقطع الآجال ، فإنك إن فعلت ذلك أدلته من عزمك وهواك عليه فعلا واسترجعا من بدنك من السآمة ما قد ولى عنك فعند مراجعته إياك لا تنتفع نفسك من بدنك بنافعة .
وبادر يا أخي فإنك ُمَبادَر بك ، وأسرع فإنك مسروع بك ، وجد فإن الأمر جد ، وتيقظ من رقدتك ، وانتبه من غفلتك ، وتذكر ما أسلفت وقصرت ، وفرطت وجنيت وعملت ، فإنه مثبت ومحصى ، فكأنك بالأمر قد بغتك ، فاغتبطت بما قدمت أو ندمت على ما فرطت )) انتهى .
قال الإمام المفسر الضحاك بن مزاحم (( اعمل قبل أن لا تستطيع أن تعمل ، فأنا أبغي أن أعمل اليوم فلا أستطيع )) . اقتضاء العلم والعمل
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه (( اعمل كل يوم بما فيه ترشد )) اقتضاء العلم والعمل .
وقال عبد الله بن المعتز (( تناول الفرصة الممكنة ، ولا تنتظر غدا ، فمن لغد من حادث بكفيل )) . اقتضاء العلم والعمل .
ومن أمثال العرب السائرة (( العجز وطيء )) .
قال الجاحظ في تفسيره (( أي لا تكره صعوبة الحزم وتختار وطأة العجز )) . اقتضاء العلم والعمل
ومن أمثالهما المشورة أيضا (( نكح العجز التواني فولدت بينهما الندامة )) .
قال حكيم لولده (( إياك والعجز والتواني في الأمور فتقذفك الرجال خلف أعقابها )) .
وقال حكيم العرب في الجاهلية أكثم بن صيفي (( لا أحب أن أُكْفَى أمري كله . قيل : ولم ذلك ؟ قال : أخاف عادة العجز )) .
ولأبي العتاهية في ذم ( سَوْفَ ) وما أشبهها :

لا يُشغلنك لو وليت عن الذي
أفنى القرون ولا لعل ولا عسى
فإياك والتسويف ، فإنه أكبر جنود إبليس .

وصلى الله على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين