إياك نعبد وإياك نستعين
قلت: انتبه إلى تجديد التوحيد وتجريده.
قال : ماذا تعني؟
قلت: ( إياك نعبد وإياك نستعين)
قال: أفدني. أفادك الله.
قلت: لا تغفل عن الربط البين بين الآيات التي تلوتها، فالله تبارك وتعالى استحق الحمد المطلق لا تصافه بصفات أربع. فمن ذلك كونه (رب العالمين) ( الرحمن ) ( الرحيم ) و (مالك يوم الدين ).
قال: ما علاقة هذه الصفات والنعوت بموضع سؤالي عن المعنى الواضح ل : (إياك نعبد وإياك نستعين).؟
قلت: قد ثبت لديك أن رب العالمين ومربيهم هو الله وحده، وأنه الرحمن، وهذا اسم تفرد به وحده، وأنه الرحيم وأنه مالك يوم الدين. فإلى من يتجه العبد بعبادته وهو بين يدي من ملك هذه الأوصاف جميعاً. فاستحضار هذه المعاني وترابطها انما يهئ المؤمن لتجريد عبادته لله. وإعلان انضمامه إلى ركب المؤمنين، فلا تصح صلاته ولو منفرداً إذا قرأ ( نعبد ) بقوله ( أعبد ).
فيشعر بروح الجماعة، ويتحدث بلسانه فيقتلع جذور الشرك من نفسه ومن نفوس المؤمنين، ويشعر بموضعه الطبيعي على أنه عضو فيهم وجزء منهم يصيبه ما يصيبهم.
( ومثل المؤمنين .... كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى)
ولعل مما يقوي ملكة استجماع الفكر واحضاره لفظه (إياك نعبد) فهل يخاطب بها إلا الحاضر، ومنها ينطلق الشعور باحسان العبادة بقوله صلى الله عليه وسلم حين سئل عنه :
( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)
|