عرض مشاركة مفردة
  #16  
قديم 16-07-2003, 04:20 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

ولكن رجال الشرطة .. بعد عثورهم على الجثة ..بدأوا أبحاثهم عن الجوال الذي كان يحتوي على الجثة وما كادوا يعرضونه على البقالين في المنطقة . حتى قال لهم أحدهم : إن الذي اشتراه منه هو فلان ، وكان ذلك بالأمس فقط ، وألقت الشرطة القبض على الرجل ، وفتشت غرفته فوجت الآثار الدالة على ارتكاب الجريمة .. وضيق عليه الخناق اعترف بتفاصيل الجريمة .. !
لم يكن حضوري هذا التحقيق صدفة ، فكل شيء يجري في ملكوت الله بقدر .. إذ يسوق لي هذه الجريمة المتعلقة - أيضاً بفساد العقيدة .. لتجعلني أناقش مع الآخرين .. قضية العقيدة والخرافة من بذورها الأولى .. ولماذا تروج الخرافة ، وتتغلغل في كيانات البشر دون وازع ؟ هل لأن الذين يتاجرون ، بها أوسع ذكاء من الضحايا ؟
وماذا يجعل الضحايا وهم ملايين .. يندفعون إلى ممارستها ، والإيمان بها ، والتعصب لها .. ؟ أم أن ( الوثنية ) التي هي الإيمان بالمحسوس والملموس .. التي ترسبت في أذهان العالمين سنين طويلة .. تفرض نفسها على الناس من جديد .. تساندها الظروف النفسية لبعض البشر .. الذين يعجزون عن الوصول إلى تفسيرلها ؟
فالقاتل والقتيل في هذه الجريمة .. كلاهما فاسد العقيدة .. لا يعرفان من الإسلام سوى اسمه .. فالقتيل مشعوذ يمشي بين عباد الله بالسوء ، ويكذب عليهم ، ويدعي أنه على صلة بالجن ، وأنه يشقي ويسعد ، ويشفي ويمرض بمعاونة الجن ، وفي ذلك شرك مضاعف مع الإضرار بالناس .. أما القاتل فهو من فرط جهالته يعتقد أن إنساناً مثله في وسعه أن يجعله ينجب ولداً أو بنتاً ! وقد يكون عذره أنه في لهفته على الإنجاب ألغى عقله .. غير أنه لو أن عقيدة سليمة .. ترسخ في ذهنه أن الله بلا شركاء ، وأن النفع والضر بيد الله فقط وتؤصِّل هذه المفاهيم في أعماقه .. ما كان يمكنه أن يستسلم لدجال .. ولا استطاعت عقيدته أن تحميه من السقوط في أيدي مثل هذا المشعوذ !!
وفي كثير من الأحيان يصل الأمر .. ببعض المتعصبين إلى أن يجعل من نفسه داعية للخرافة .. يروج لها ، ويدافع عنها ، وعلى استعداد للقتال في سبيلها .. فقد نجد من ينبري في المجالس .. فيروي كيف أن الشيخ الفلاني أنقذه هذه الأيام من ورطة كانت تحيق به ، وأنه كان لن يحصل على الترقية هذا العام لولا أن الشيخ الفلاني صنع له تحويطة ، وأنه كان على خلاف مع زوجته وضعهما على حافة الطلاق ، لولا أن الشيخ الفلاني كتب له ورقة وضعها تحت إبطه .. الخ .. وتحضرني في هذا المجال .. قصة سيدة تخرجت من جامعة القاهرة ، ودرست حتى حصلت على الدكتوراه في علوم الزراعة ، وتشغل الآن وظيفة مديرة مكتب وزير زراعة إحدى الدول العربية ، هذه السيدة حاملة الدكتوراه .. عثر زوجها ذات يوم على حجاب تحت وسادته - فسأل زوجته ..فقالت : إنها دفعت فيه ما لا يقل عن خمسين جنيهاً .. لكي تستميل قلبه لأنها تشعر بجفوته في الأيام الأخيرة .. وكانت النتيجة أن زوجها طلقها طبعاً .. وراوي قصتها هو محاميها نفسه الذي تولى دعواها التي أقامتها ضد زوجها ..!
وترتفع الخرافة إلى الذروة .. حينما يعمد المتخصصون فيها إلى تقسيم المشايخ الأضرحة .. فصريخ السيدة فلانة يزار لزواج العوانس ، والشيخ فلان يزار ضريحه في مسائل الرزق والقادرة الشاطرة صاحبة الضريح الفلاني يحج إليها في مشاكل الحب والهجر، والفراق، والطلاق، وأخرى في أمراض الأطفال ، والعيون وعسر الهضم وهكذا .. مؤامرة محكمة الحلقات .. تلف خيوطها حول السذج والمساكين ، وكأنهم لم يقرأوا في القرآن : { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير } .
وكأنهم لم يسمعوا بالحديث الشريف : ( من تعلق تميمة فقد أشرك ) .
إن الانصياع إلى الخرافات ليس وقفاً على عامة الناس أو جهلتهم .. بل من المؤسف أنها تتمتع بسلطان كبير بين المتعلمين ، والذين درسوا في أرقي الجامعات .. وإذاً فا لأصل فيها هو أنها تتسلل إلى ضمائر الناس . الذين لا تحميهم عقيدة سليمة .. تصد عنهم هذه الشركيات الشرسة الضارية .. فالذي لا شك فيه .. هو أن الرجل الذي وثق إيمانه بالله ، واقتنع بأن الله هو مالك كل شيء ، ورب كل شيء ، لا شريك ولا وسيط له .. هذا الرجل سوف يعيش في مناعة إيمانية .. متحصناً بعقيدته .. لا تصل إليه المفاسد .. بل وتنكسر على صحرة إيمانية كل هذه الخزعبلات .. لماذا ؟ لأنه أنهى أمره إلى الله ، ولم تعد المسألة في حسابه قابلة للمناقشة !
فالإيمان بالله، واعتناق العقيدة السليمة شيء ليس بالضرورة في الكتب أو في الجامعات .. إنه أبسط من ذلك .. فالله - سبحانه - وتعالى جعله في متناول الجميع حتى لا يحرم منه فقير لفقره .. أو يسأثر به غني لغناه

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }